كيف رسم المقدسيون خيوط انتصار الأقصى؟

انتصر المقدسيون برباطهم وتضحياتهم، ليس لأنّهم فلسطينيون فحسب بل لأنّهم تركوا خلفهم الحزبية والطائفية والشعارات واستمروا بممارسة الضغط حتى تحقق مرادهم بإعادة المسجد الأقصى قبل ما كان عليه في 14 تموز (يوليو) الجاري.

“كيف نجحوا ؟!” تساؤل طرحه الأكاديمي والمختص في الشأن الصهيوني عدنان أبو عامر، وهو يتحدث لـ”المركز الفلسطيني للإعلام” عن المرتكزات التي جمعت المقدسيين على تحقيق هدفهم بعودة الأقصى كما كان عليه سابقاً.

وقال: “المقدسيون علموا أنّ وحدتهم ورباطهم وصوتهم العالي هو نصيرهم الوحيد في مواجهة الاحتلال، حيث إنّهم لا يملكون رصاصة واحدة أو وفداً تفاوضياً.

ويشير أبو عامر، إلى أنّ دوافع تحقيق المقدسيين لهدفهم بدخول المسجد الأقصى دون أي معيقات هو عدم خضوعهم لأي حكومة فلسطينية، وعدم خوضهم الصراع تحت رايات أو يافطات حزبية، فكان لهم النجاح والنصر، داعياً إلى تعميم نموذجهم على الكل الفلسطيني.  

وضوح الرؤية

“ربما كان وضوح الرؤية لدى المقدسيين هو أبرز ملامح انتصارهم وتحقيق هدفهم”.. هذا ما ذهب إليه الكاتب والمحلل صلاح الدين العواودة، مبيناً أنّ ذلك بدا واضحاً من حيث لا تناقض بين مصالح السلطة الفلسطينية غير الموجودة في القدس أصلا وبين المواجهة الشعبية الشاملة.

ويؤكد العواودة لـ”المركز الفلسطيني للإعلام” أنّ تعلق المقدسيين بحبل الله كان واضحاً إذ كان هناك رباط وصلاة وشهادة يقوده الأئمة والدعاة والعلماء الذين أصيبوا قبل الشباب.

ويعتقد المحلل السياسي، أنّ الأقصى بحد ذاته هو أهم قضية بل القضية الأولى التي توحد المقدسيين والفلسطينيين وكل الأمة، لافتاً إلى أنّ إبعاد الحزبية المقيتة عن قضية الأقصى كان أبرز مرتكز للانتصار والنجاح بتحقيق الهدف المنشود.

ويشير إلى أنّ استشعار المقدسيين أنهم في خط الدفاع الأول للأمة والأخير للأقصى بعد تفتت الأمة، مما جعلهم يخوضون معركة موت أو حياة أو النصر أو الشهادة دون خيارات أخرى، موضحاً أنّ حجم التأييد الإسلامي لهم كان كبيراً مما أمدهم بمعنويات عالية حالت دون ضعفهم.

القضية الأولى

مراسل “المركز الفلسطيني للإعلام” اتصل بـالدكتور جميل حمامي – أمين سر اللجنة الإسلامية العليا في القدس، مهنأً بالانتصار وتحقيق الإنجاز، فأكّد أنّ التهنئة تنسحب لكل أبناء الشعب الفلسطيني الذين آزروا أهل القدس.

وأكّد حمامي، أنّ أبرز مرتكزات انتصار المقدسيين هو استشعارهم بأنّ الأقصى هو قضيتهم الأولى، وله المكانة الوجدانية الأعظم، مبيناً أنّ المقدسيين أوصلوا الرسالة للعالم أنّ الأقصى هو تاريخنا وحضارتنا وعقيدتنا، وللاحتلال أنّه الخط الأحمر الذي لا يمكن تجاوزه.

وأوضح أنّ رسالة المقدسيين للاحتلال كان اختصارها: “التلاعب في الأقصى هو لعب بالنار، لا يعرف خطورتها ولا أبعادها إلا الله”.

وأشار أمين سر اللجنة الإسلامية العليا في القدس، إلى أنّ وحدة الطيف الفلسطيني داخل مدينة القدس والتفافه حول العلماء والمرجعيات الدينية، كان له كبير الأثر في ثباته وصموده.

وأضاف: “مشاركة المرجعيات الدينية للشارع المقدسي أعطى تأكيدا على أنّه كلما ازداد المواطن من العلماء قرباً، كلما قصّر مسافة النصر”.

ومضى يقول: “لكن لا ننسى أننا أمام عدو شرس مراوغ أعمى لا يسمع ولا يبصر ولا يدرك الحقائق، ولا يفكر إلا بمنطق القوة والغطرسة، ويظن أنّ قهره واعتقاله وسجنه للمقدسيين يمكن أن يردع الشارع المقدسي من أن يقول كلمته”.

ودعا حمامي، المقدسيين إلى الحفاظ على هذا النصر بشكل دائم وثابت من خلال شد الرحال المتواصل والمستمر إلى الأقصى، مبيناً أنّ الشعب الفلسطيني في أماكن تواجده كافة كان سنداً ودعماً حقيقاً للمقدسيين في صمودهم.