عمر العبد.. 14 دقيقة من التبختر فيحلميش

ما إن أنهى المؤذن أذان المغرب يوم الجمعة (21-7) في بلدة كوبر غرب مدينة رام الله، حتى كان الشاب عمر عبد الجليل عبد الجبار العبد، يؤدي صلاته ويرفع أكف الضراعة لله، ليوفقه في مبتغاه، “فقد كان الهدف اقتحام أعتى مستوطنة في منطقته (حلميش)، رداً على جرائم الاحتلال وتدنيسه للمسجد الأقصى).
تبعد مستوطنة “حلميش” عن بلدة كوبر (مسقط رأس عمر العبد، 19 عاماً)، كيلومترين اثنين ونصف الكيلو، امتشق عمر سكينه، وانطلق مشياً على الأقدام نحو المستوطنة، “حيث سيهبط وادياً ويصعد جبلاً ومن ثم سيقطع شارعاً يقع في محيط المستوطنة، وصولاً إلى هدفه، استغرق قطع هذه المسافة معه قرابة النصف ساعة تقريباً”.
ويشير عمه إبراهيم لـ“المركز الفلسطيني للإعلام”: ” إلى أن عمر ترك جواله الخاص في المنزل، ودوَّن وصيته على الفيسبوك، وجدولها وفق خاصية على الموقع تسمح بنشرها في موعد لاحق، يتزامن مع دخوله المستوطنة”، ما إن قرأ “العم” الوصية حتى سارع الى بيت شقيقه (والد عمر)، ليسأل عنه، فقيل له: “إنه غادر إلى قرية مجاورة لرؤية أصدقائه، لكن إبراهيم أكد لهم عكس ذلك، وما هي إلا دقائق وبالتزامن مع أذان العشاء، حتى دوت صفارات الإنذار في مستوطنة حلميش”.
كان عمر قد قصَّ شبك المستوطنة الحديدي الشائك، واقتحم أحد المنازل، وطعن أربعة مستوطنين، جندل ثلاثة منهم، وترك الرابعة جريحةً تغرق في دمها، كل ما سلف، كان خلال (14) دقيقة، كما ذكر الإعلام العبري.
وتشير التقارير الصهيونية: “إلى أنه تواجد طفلان في المنزل الذي نفذ فيه عمر العملية، لكنه كما قال للمحققين، تركهم ولم يصبهم بأذى، وعلى أصوات الموت التي أطلقها المستوطنون، حضر أحد سكان المستوطنة وكان من الوحدة الصهيونية المختارة، وأطلق على عمر النار فأصابه في بطنه”.
ميلاده ونشأته
ولد عمر العبد، في بلدة كوبر غرب مدينة رام الله في العام 1998، بين أربعة من الأخوات الإناث وثلاثة من الأشقاء الذكور، هو سابعهم في الترتيب، درس مراحله المدرسية كلها في مدرسة ذكور كوبر، وبعد أن أنهى الثانوية العامة في الفرع الأدبي التحق بجامعة القدس المفتوحة، بتخصص إدارة الأعمال.
يقول عمه إبراهيم: إن “البيئة العامة التي نشأ فيها عمر متدينة، فقد ارتاد مسجد الشهداء في بلدته مبكراً”، ويصف التزامه الديني: “بأنه حديدي، فقد كان يواظب على صيام التطوع يومي الاثنين والخميس، رغم عمله المجهد الى جانب دراسته في الدهان، كما كان هادئاً كتوماً صامتاً ومحبوباً بين الناس، ومطيعاً جداً لوالديه، وكذا مطيعاً لأعمامه وأخواله”.
محبّاً للشهادة
“كان عمر محباً جداً للشهادة، بحسب عمه، ويتابع: “فمنذ اندلاع انتفاضة القدس في تشرين أول، عام 2015، شارك عمر في بعض المواجهات التي كانت تندلع على حاجز بيت أيل شمال مدينة رام الله، رغم كونه وقتها طالباً في المدرسة، وأصيب في أحد المرات برصاصة مطاطية في قدمه”.
ويؤكد ابراهيم: “أن عمر بعد أن أنهى مرحلته المدرسية تغيرت حياته كثيراً، وبات أكثر التزاماً وأكثر حباً للشهادة، وكان متأثراً ببطولات كتائب الشهيد عز الدين القسام، خلال الحروب التي خاضتها مع الاحتلال الصهيوني”، وفق وصيته طالب أن يعصب رأسه إن استشهد، بعصبة كتائب القسام.
ويضيف إبراهيم: “أنه شاهد عمر صبيحة الجمعة يوم تنفيذ العملية، يؤدي الصلاة في مسجد بلدته، ولم تظهر عليه أية علامات لنيته عمل شيء، وزار منزل شقيقته وخالته يومها، في إشارة لوداعهما”.
اعتقال سياسي
وككل محبي المقاومة، تعرض عمر للاعتقال السياسي، ففي العام 2017، تعرض للاختطاف من البيت والشارع أربع مرات من جهاز الأمن الوقائي في مدينة رام الله، وقد أشارت شهاداته التي أدلى بها لمؤسسات حقوقية: “تعرضه لتعذيب شديد على يدي جهاز الأمن الوقائي، من قبيل الشبح المعلّق، والركل العنيف على مختلف أنحاء جسده، وقد تعرض في أحد المرات للركل في المنطقة الحساسة، ما سبب له جرحاً ونزيفاً استوجب إجراء جراحة لإغلاقه كما تؤكد عائلته”.
وفي أيار الماضي، (قبل شهرين من الآن)، استدعاه جهاز الأمن الوقائي، ومكث في سجونهم 15 يوماً، وأجبر على التوقيع على تعهد باللغة العبرية كشرط للإفراج عنه: “بعدم القيام بأي فعل ضد الاحتلال الصهيوني”.
الإعلام الصهيوني
الإعلام الصهيوني وصف العملية بالنوعية والخطيرة من حيث مهارة التنفيذ والمكان المستهدف، وأشار أن عمر، “بعد إصابته تظاهر بالاستشهاد، وألقى بنفسه بين القتلى، وهاجم الطواقم الصهيونية التي جاءت لإنقاذ الصهاينة، لكن تمت السيطرة عليه”، على حد زعمه.
الإعلام العبري أيضاً، أورد الكثير من الأخبار عن تأنيب المستوى السياسي للأجهزة الأمنية الصهيونية التي لم تستطع التنبؤ بأن عمر استشهادي محتمل، وكيف لم تستطع تتبع أمره، وزاد على ذلك بأنه نشر وصيته على الفيسبوك، وتساءلت: “كيف لشخص واحد أن يجتاز الشبك ويدخل المستوطنة، ويقتل ثلاثة مستوطنين في غضون 14 دقيقة وبسكين”.
عقب العملية، اقتحمت قوات الاحتلال منزل عائلته وأعمامه خليل وإبراهيم، وأصدرت قراراً بهدم منزله، في خطوة تندرج في سياسة العقاب الجماعي، فيما يمكث “عمر” في مشفى “بلنسون” بعد إصابته بجراح، وصفت ما بين المتوسطة والخطيرة في بطنه جراء رصاص أحد الجنود الصهاينة.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

حماس: الخطة الإسرائيلية الأمريكية لتوزيع المساعدات تمثل خرقاً للقانون الدولي
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أكدت حركة المقاومة الإسلامية حماس، رفضها الشديد تحويل المساعدات إلى أداة ابتزاز سياسي أو إخضاعها لشروط الاحتلال،...

أوتشا: الخطة الإسرائيلية لتوزيع المساعدات تتناقض مع المبادي الإنسانية
نيويورك - المركز الفلسطيني للإعلام دعت الأمم المتحدة زعماء العالم إلى توفير الغذاء للمدنيين في قطاع غزة، في ظل دخول "الحصار الشامل" الذي تفرضه...

سلطات الاحتلال تهدم قرية خلة الضبع في مسافر يطا
الخليل - المركز الفلسطيني للإعلام هدمت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الاثنين، قرية خلة الضبع بمسافر يطا جنوب الخليل، في واحدة من أوسع عمليات...

الاحتلال يفرج عن 10 أسرى من قطاع غزة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أفرجت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الاثنين، عدد من أسرى قطاع غزة، والذي وصلوا إلى المستشفى في حالة صحية منهكة....

العفو الدولية تطالب بخطوات جادة لوقف جرائم إسرائيل في غزة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام دعت الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية أنييس كالامار، جميع الجهات الدولية الفاعلة، وفي مقدمتها الاتحاد...

كتائب القسام تعلن عن كمين مركب لقوة هندسة صهيونية شرق خانيونس
المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، الاثنين، تنفيذ كمين مركب لقوة هندسة صهيونية وإيقاع أفرادها بين قتيل وجريح...

حماس تُثمن حصار اليمن الجوي على دولة لاحتلال
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام ثمّنت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، إعلان القوات المسلحة اليمنية فرضها حصاراً جوياً شاملاً على كيان الاحتلال...