عطر وحجر ومفاتيح.. كنز المرابط عمرو بالأقصى

“عطر، وحجر، ومفاتيح”، هي كنز غالٍ يحتفظ به المرابط بالأقصى رضوان عمرو، ويصطحبه إلى تخوم المسجد الأسير يوميًّا؛ حيث الرباط والدفاع عن أولى القبلتين وبوابة الأرض إلى السماء.
“عطر، حجر، ومفتاتيح.. ثلاثة أشياء لا تفارقني، هي كنزي الوحيد الذي احتفظ به، وأصطحبها كل يوم في الرباط على بوابات الأقصى”.. بهذه العبارات استهل المرابط على أبواب المسجد الأقصى المبارك رضوان عمرو حكاية كنزه التي خطت بمداد من نور.
أما العطر..
المرابط عمرو يقول: “أما العطر؛ فهو من مكة الحبيبة المكرمة، من عطر الحجر الأسود في بيت الله الحرام، أهدانيه العام الماضي عند ركن الكعبة المشرفة، عالم مكّي رباني جليل يتفطّر قلبه شوقاً للأقصى، بعدما عطّر به الحجر الأسود، وأقسم علي أن أعطّر من العبوة ذاتها صخرة بيت المقدس، صليت وإياه الفجر في الصف الأول حول الكعبة المشرفة، وقصصت عليه رؤيا عظيمة لصخرة بيت المقدس، رأيتها في ليلتي السابقة في مكة المكرمة، فاستبشر خيراً وبشّرني..”.
يتابع: واستحلفني أن أبشر أهل الأقصى بأنّ أسره لن يطول باذن الله، عدت إلى الأقصى أطير شوقاً إليه، صعدت فوق صخرة بيت المقدس مرات عديدة، خلال تنظيفها يوم انتهت أعمال ترميم القبة الداخلية، وخلال رمضان الماضي، وكان بوسعي الصعود إليها متى أشاء بفضل الله”.
يستدرك قائلا: لكنني لم أعطرها بعد بعطر الحجر الأسود، وأقسمت فوقها، فوق صخرة معراج النور، بوابة الأرض للسماء، قبلة ومحراب الأنبياء، أنني لن أعطرها بذلك العطر الرائع، إلا وهي حرّة قريباً باذن الله، ويسألونك متى هو؟ قل عسى أن يكون قريباً..”.
ينادي على الأحباب: هلا ادّخر كل منا زجاجة عطر من أجود وأطيب العطور، يقسم أن يعطّر بها صخرة بيت المقدس يوم تحريرها وتطهيرها، على خطى صلاح الدين والدنيا، الذي جثا على ركبتيه يعطرها بماء الورد، والدمع يطهرها.
يقول لهم: ضعوها من اليوم أمامكم في بيوتكم، لتذكركم بالأقصى، وتبث فيكم عطر الأمل، واغرسوا شذا الأقصى في قلوب كل من حولكم.
أما الحجـــر …
يقول المرابط عمرو: فهو من مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم، من فوق جبل رماة أحد، ومن قرب مقبرة شهداء الصحابة الكرام فيها، التقطته بنفسي من تلك البقاع الحبيبة، وسافر معي 1000 كيلومتر إياباً لبيت المقدس للذكرى.
يقول: كلما تأملته في كفّي سالت الدموع حرّى! عجيب كيف لحجر صلب صغير التقطته من بقاع البطولة تلك، أن يحرك في النفس كل هذه المشاعر، فتنبجس من القلب اثنتا عشرة عيناً تمتزج سوياً، ألمًا وأملًا وشوقًا، عزيمةً وإصرارًا وتحدّيًا، يقيناً وفخرًا وصبرًا، طمأنينةً وحبًّا وغضبًا.
ينادي مرة أخرى على الأحباب: هذا الحجر الصغير من أرض معركة أحد، جاء يؤازر حجارة بيت المقدس التاريخية الثابتة، وهو هدية لكل قبضة فتية، تمتد لتأخذه بحقه.
أما المفاتيــــح …
يقول المرابط: فهي اثنا عشر مفتاحاً، كلها لأبواب وخزائن في المسجد الأقصى المبارك، لم أحمل يوماً مفتاحاً لمنزلي قط، لكن هذه الرزمة الثقيلة من المفاتيح لا تفارقني أبداً.
يتابع: أغلقت بها أبواباً وخزائن في المسجد الأسير يوم الخميس الأخير، وغادرت المسجد على أمل الرجوع إليه يوم الجمعة.
ومضى يقول: اقتحم المحتل المسجد صباح الجمعة وأغلقه بالكامل، منع الأذان، طرد المؤذن ونكّل بالمصلين والإمام، ثم بدأ يحطم كل شيء، ويستبيح كل شيء، ما ترك باباً ولا قفلاً ولا خزانة إلا حطمها وفتحها، حتى آبار المسجد ومآذنه حطم الجنود أقفالها، ودخلوا فيها.
يوضح: لم تعد رزمة المفاتيح التي أحملها تفتح أو تغلق شيئاً سوى خزائن الذكريات، لقد استحالت بين عشية وضحاها رزمة من الألم والأمل لا تفارق جيبي، هذا المفتاح كان لِباب الأشرفية التي بناها السلطان الأشرف قايتباي.
يتابع: وهذا المفتاح كان لسطحها الرائع المطل على كل المسجد، وهذا المفتاح كان لأرشيف المخطوطات التي لا تقدر بثمن، من زمن حجة الإسلام أبي حامد الغزالي، وعهد الملك الناصر صلاح الدين والدنيا، وعهد سيف الدين تنكز، وقلاوون، والقانوني، وهذه مفاتيح لأبواب في رواق الأقصى الشمالي، حيث تحفظ وثائق أمجاد التاريخ المقدسي في قاعات جميلة.
“كانت يوماً مهجعاً لجنود ومجاهدي الجيش العربي، سأظل أحتفظ بمفاتيح الأقصى وأشد عليها بقوة رغم الألم، وسأظل أصطحبها في اعتصامنا اليومي عند بوابات المسجد، لن أترك المفاتيح إلا يوم الفتح المبين، هناك في الساحات الحرّة سنسلم عهدة المفاتيح لمن يحمل اللواء”.
ينادي: إن حطموا كل الأقفال والأحلام والذكريات والأبواب، فإن الأمة عائدة لمسجدها عما قريب، تكفكف جراحه، وترسم البسمة على قبابه ومآذنه، وتنهي الحزن للأبد من نبرة مؤذنه، وإنا لنراه قريبا قريبا، “وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة، وليتبروا ما علوا تتبيراً”.
يختتم حكايته بالقول: هذه هي حكاية كنزي الغالي؛ عطر الكعبة، وحجر المدينة، ومفاتيح الأقصى …
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

الاحتلال يستهدف مجموعات شرطية أثناء ملاحقتها عصابات لصوص بغزة
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام استشهد وأصيب عدد من عناصر الشرطة الفلسطينية، مساء اليوم الجمعة، إثر استهداف طائرات الاحتلال الإسرائيلي في مدينة غزة...

أجبره الاحتلال على هدم منزله في العيسوية فجعل منه محرابا
القدس – المركز الفلسطيني للإعلام أجبرت بلدية الاحتلال الإسرائيلي، المقدسي محمود عبد عليان على هدم منزله في حي المدارس بقرية العيسوية بالقدس المحتلة...

المظاهرات تعمّ المدن المغربية للمطالبة برفع الحصار عن غزة
الرباط – المركز الفلسطيني للإعلام طالب آلاف المغاربة، الجمعة، وللأسبوع الـ74 على التوالي برفع الحصار عن غزة وفتح كافة المعابر لدخول المساعدات...

حماس: الاحتلال يسعى لكسر إرادة شعبنا بكل السبل وسط غياب الضمير العالمي
الدوحة – المركز الفلسطيني للإعلام قال القيادي في حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، عبد الرحمن شديد، الجمعة، إن قطاع غزة يواجه اليوم واحدة من أسوأ...

المقاومة تعلن تفجير جرافة وقنبلة برتل لآليات الاحتلال شرق غزة
الخليل- المركز الفلسطيني للإعلام أعلن الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي " سرايا القدس" عن تفجير جرافة عسكرية إسرائيلية وقنبلة من مخلفات الاحتلال...

مظاهرات مليونية في اليمن تضامنًا مع غزة
صنعاء – المركز الفلسطيني للإعلام تظاهر مئات الآلاف من اليمنيين، الجمعة، في 14 محافظة بينها العاصمة صنعاء، دعما لقطاع غزة في ظل استمرار الإبادة...

ايرلندا تدعو “إسرائيل” لرفع الحصار عن غزة والسماح بدخول المساعدات
دبلن – المركز الفلسطيني للإعلام حذّرت ايرلندا من استمرار الكارثة الإنسانية في غزة، وأنه لم تدخل أي مساعدات إنسانية أو تجارية منذ أكثر من ثمانية...