الأربعاء 07/مايو/2025

التنسيق الأمني.. هل تتخلى السلطة عن المبدأ المقدس؟

التنسيق الأمني.. هل تتخلى السلطة عن المبدأ المقدس؟

لم تكن المرة الأولى التي يتحدث فيها رئيس السلطة محمود عباس، عن إمكانية وقف التنسيق والاتصالات مع الاحتلال؛ فقد سبقها تلويح كثير وتهديد، لكن ذلك لم يطبق على الأرض.

فما بين تصريحات عباس أول أمس الجمعة، عن وقف الاتصالات مع الاحتلال “الإسرائيلي”، وما بين تصريحاته التي وصف بها التنسيق الأمني مع الاحتلال بأنه “مقدس”، يشكك مراقبون بإمكانية تفعيل ذلك، سيما في الظرف الحالي الذي يمر به عباس.

وفي أعقاب الخطاب الذي ألقاه رئيس السلطة أمس، قال مسؤول عسكري صهيوني، بحسب ما نشره موقع واللاه العبري، إنه: “لولا التنسيق الأمني وتدخل الأجهزة الأمنية الفلسطينية لكانت المواجهات التي اندلعت في الضفة (الجمعة) على نطاق أوسع بكثير”.

وهو ما يحمل دلالات في أن خروج رئيس السلطة بتصريحاته هذه مع نهاية يوم الجمعة لربما جاء من باب محاولة كسب الشارع الغاضب من صمت أسبوع كامل لغياب مؤسسات السلطة ورئيسها في الحديث عن أي موقف رافض لممارسات الاحتلال بمدينة القدس وزرع البوابات الإلكترونية على مداخل الأقصى.

فيما نقلت، القناة العاشرة العبرية عن ضابط “إسرائيلي” كبير قوله تعقيبا على خطاب أبو مازن: إنه حتى اللحظة لم تصل تعليمات بوقف التنسيق الأمني مع أجهزة السلطة، ولكن حال حدوث ذلك يعدّ تغيرًا جوهريًّا واستراتيجيًّا، على حد تعبيره.

قضية وجودية
“القضية الأمنية هي السبب الرئيس في وجود السلطة الفلسطينية؛ لأنها توفر الأمن للاحتلال حتى ولو كان على حساب الأمن الفلسطيني”. هذا ما ذهب إليه أستاذ العلوم السياسية عبد الستار قاسم.

واتفق معه نظيره حسام الدجني، في أنّ وجود السلطة قائم على اتفاقيات أمنية أصلها الذي أسس لها اتفاق أوسلو بأبعاده الأمنية.

وأكّد المحللان، في أحاديثَ منفصلة لـ”المركز الفلسطيني للإعلام” أنّ “إسرائيل ليس من الممكن أن توقع أي اتفاق دون التزام من طرف السلطة الفلسطينية بالمتطلبات الإسرائيلية كافة”، حيث بين قاسم أنّ هذا كان مدخل الموافقة على قيام السلطة للقيام بواجباتها وكيلا أمنيا للاحتلال.

بين الصدق والشك
هذا وشكك الأكاديمي الفلسطيني قاسم، بإمكانية تنفيذ السلطة قرار عباس بوقف التنسيق الأمني، لافتاً إلى أنّ ذلك من شأنه أن ينسحب بإجراءات عقابية ضد السلطة، “وهو ما لا يمكن أن تحتمله السلطة وأركانها التي خدمت الاحتلال أمنياً على مدار 20 عاماً”، وفق قوله.

وحاول الدجني، أن يظهر حسن النية في تصريحات عباس، وذلك وفق التأكيدات “الإسرائيلية” التي أعلنت فعلياً توقف التنسيق الأمني وانسحابه على تصريحات مختلفة من قيادات فتح.

وتوقع قاسم بأنّ يكون عباس قد أقدم على هذه الخطوة إجراء تكتيكيًّا لامتصاص الغضبة الشعبية تجاه ما يجرى من جرائم صهيونية غير مسبوقة في المسجد الأقصى ومدينة القدس، لكن الدجني دعا إلى ضرورة ألا تكون هذه الخطوة عاطفية نابعة من محاولة لامتصاص الغضب الشعبي، وأضاف: “يجب أن يكون وفق رؤية استراتيجية وطنية موحدة تبحث الخطوة التالية لوقف التنسيق الأمني”.

التجارب تنفي
ووفق التجارب السابقة؛ فقد أصدر رئيس السلطة محمود عباس أكثر من قرار يقضي بوقف التنسيق الأمني، وبحسب قاسم؛ فإنّ عباس كان يقول إذا لم تلتزم “إسرائيل” فسنوقف التنسيق الأمني، وكانت فعلياً “إسرائيل” لا تلتز،م والسلطة لا تستطيع إلا أن تحقق تمام الالتزام للقضايا الأمنية كافة.

وعلى افتراض حسن النية، فقد أكد أستاذ العلوم السياسية، بأنّ قرارًا من هذا النوع يجب أن يليه فوراً ترتيب الساحة وترتيب الصف الفلسطيني بما يضمن الوحدة في القرار ومواجهة الاحتلال وقراراته.

وأشار قاسم، إلى أنّ التخلص من اتفاق أوسلو الذي يعد جذر المشكلة يمكن أن يُمكّن الفلسطينيين من التخلص من كل المشاكل، لكّنه أكد أنّ عباس لا يملك الجرأة والشجاعة للقيام بمثل هذه الخطوة.

فيما ذهب الدجني، باتجاه ضرورة أن يفعّل عباس الاتصالات مع جميع أطراف النظام السياسي الفلسطيني مقابل قطعه الاتصالات مع الاحتلال، مؤكّداً أن الخطوات العملية هي التي تؤكد صدق هذا القرار والتوجه من عدمه.
 

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات