الأحد 04/مايو/2025

التبليغ عن الفساد.. حقل أشواك بالضفة!

التبليغ عن الفساد.. حقل أشواك بالضفة!

لم تكن قصة نيفين العواودة استثنائية في إشكالية حماية المبلغين عن الفساد في الضفة الغربية، وإن كانت قد أخذت البعد الأكثر بشاعة حين تحولت إلى شبهة جريمة قتل بعد سلسلة طويلة من التشهير والتهديد والقتل المعنوي الذي تحول لقتل مادي.

وبالبحث في قضية عواودة؛ فإن عواودة اغتيلت معنويا قبل مقتلها -حسب متابعين لمراسلنا-؛  لأنها سعت للتعامل مع قضية تبليغ عن فساد في مؤسسة صغيرة هي مدرسة بنات دورا المهنية، حيث اتهمت بالعمالة للاحتلال، وهي التهمة التي تفصل لكل من يريد أحد المتنفذين التخلص منه، إضافة إلى الطعن في الشرف، وهي التهمة الأخرى الجاهزة في كثير من الأحيان.

ويرى متابعون للقضية في حديثهم لمراسلنا أنه لا يهم كثيرا ظروف مقتل العواودة وما سينتج عنه التحقيق؛ لأن القتل الحقيقي كان معنويا بحيث تحملت الضحية ما تنوء بحمله الجبال من الاتهامات، فكيف إذا وجهت هذه الاتهامات لفتاة؟!!

مشكلة ممارسة لا قانون

وبحديثٍ لمراسلنا مع عدد من المختصين الحقوقيين، وبسؤالهم عن آلية حماية المبلغين عن شكاوى الفساد في فلسطين، فقد أكدوا جميعهم أنه لا إشكالية في القانون، وإنما الإشكالية في الممارسة.

وأشاروا -مفضلين عدم ذكر أسمائهم في هذه القضية الحساسة- إلى أن قانون مكافحة الفساد في فلسطين يضمن الحماية للمبلغ عن الفساد، ولا يشترط حتى أن يذكر اسمه، ما يجعل من ذلك حماية قانونية كاملة.

وأضافوا أن الممارسة شيء آخر؛ حيث يشعر المواطن أنه لا يوجد جدية في متابعة قضايا الفساد، إضافة إلى عدم جدية القضاء في إصدار أحكام، ففي آخر حكم قضائي مرتبط بقضية فساد، حكم على سفير متورط بسرقة أربعة ملايين دولار، بالسجن سنة وغرامة مائة دينار، وهو أمر مضحك!!

كما أشاروا إلى أن الانتقائية في متابعة ملفات وإغفال أخرى تبعا لحسابات السياسة والنفوذ والولاءات والخصوم خلقت حالة كبيرة من فقدان الثقة.

وبحسب حقوقيين متابعين لآلية اختيار الملفات التي تتابعها هيئة مكافحة الفساد؛ فإن الهيئة ترفع إلى ديوان الرئاسة قائمة الملفات التي بحوزتها، فيما يرسل ديوان الرئاسة قائمة بما يجب متابعته أو إغفاله حسب أجندته.

الناس يفقدون الثقة
وبحسب دراسة بعنوان “تحليل نتائج المسح الموجه للموظفين الحكوميين الخاص بمؤشرات الحكم ومكافحة الفساد”، والتي قام عليها فريق متخصص من الائتلاف من أجل النزاهة (أمان)؛ فإن 60% من الموظفين الحكوميين في فلسطين يعتقدون أن التبليغ عن الفساد عملية صعبة.

وتشير كذلك إلى أن 54% من الموظفين الذكور أبدوا استعدادهم للتبليغ عن الفساد، مقابل 39% فقط من الموظفات النساء، حيث تعزو الدراسة ذلك إلى عدم تمتع النساء بالحماية الكافية وسهولة الانتقام منهن، أو ابتزازهن من الرؤساء في العمل.

وبحسب بيانات الدراسة؛ فإن 22.4 % فقط من الموظفين الحكوميين ممن شاهدوا عمليات فساد بادروا بالإبلاغ عنها، مقابل 77.6% لم يبلغوا، ما يؤشر -حسب الدراسة- إلى أن ثقافة التبليغ عن الفساد ضعيفة لأسباب عديدة منها ما ذكر.

وعزا 61% منهم أنهم لم يبلغوا لعدم ثقتهم بجدية متابعة ملفات الفساد من الجهات المختصة، بينما قال 62.7% أنهم لم يبلغوا لخوفهم من التعرض للانتقام والمضايقة، حسب الدراسة.

وماذا عن نيفين؟
وبحسب مراقبين؛ فإن حادثة مقتل المهندسة العواودة تشير إلى المستوى الذي يمكن أن يصل إليه متنفذون من الطبقة الوسطى في الابتزاز والتشهير والضغط، فكيف حين يتعلق الأمر بفساد شخصيات من العيار الثقيل؟؟؟

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات