غزة.. طبع الرَّدي غالب!

مدينة صغيرة، يَلفُّها سياجٌ عليه أقفال يمسكها سجَّانَين على الحدود، وآخر في المقاطعة.
مدينة لا يسكنها الملائكة، فيها الصالحون وفيها دون ذلك.
مساحة كالكف مكشوفة؛ لكنها تحمل ألغازا عظيمة.
كانت يوما مكاناً عاديا، فجاءت السلطة وصارت مكانا أقلّ من عادي، ثم لمّا دحرت الاحتلال، أصبحت فوق العادة. حتى خاضت حروبا كانت فوق الخيال!
تَعجَبُ أن مدينة أهلها منغمسون في تفاصيلِ تفاصيلِ الحياة اليومية، تذكُرهم قوى العالم الكُبرى وتخشاهم كخشية الله أو أشدّ خشية؛ فتتبدل الرؤوس والرؤساء في الشرق والغرب، وكلهم يودّ لو أن حُلم “رابين” فيها تحقق!
خرج مؤخرا كم كبير من النفايات الحبيسة في جوف بعض الدول بحكامها وإعلامها وشخصياتها المعروفة، لترتشق بها ساحاتهم ومنابرهم، وتعبر عن عظيم البغض لغزة والحنق على أهلها.
وإن تعجَب لحالنا فإنه لشيء عُجاب، إدراج أحد الاستفتاءات -على أهم شخصيات الأسبوع- اسم شيخٍ غرّد بأربع كلمات وحرف، تعبر عن الخوف من الدعاء لغزة أثناء القصف الصهيوني عليها.
قد فرح الكثيرون بهذه التغريدة و وصفها المتعطشون لموقف من عالم طالت لحيته وما فَصّل البنطال جِسمه، بأنها تغريدة شجاعة، أما الأكثر فهاجموها وهاجموا غزة وانهالوا على الشيخ بالتهم والشتائم.
إننا في قاع القاع، وبعد الغمر تستوي القيعان. وإنها الحرب المعلنة على غزة وعلى كل بلد دعمها أو كل عالم أو إعلامي أو مفكر وقف معها، فترى في “تهافت التهافت” هرولةَ جمع كبير للتنصل منها حتى لو قالوا فيها كلمة حق قالها يهود قبلهم. وحسبنا في ذلك أن “الحق نبيّ قليل التَّبع، والباطل مشعوذٌ كثيرُ الشِّيع”.
ما يُخبّىء لنا من مفاجأت أكثر إيلاما، إنما بعد ان صار “اللعب على المكشوف” وسقطت أقنعة دول وعلماء ومنابر وصحف وشخصيات، صار الأمر فيه سلوى بأن الناموس الرباني اقترب في تحقُّقه من النهاية، وهذه بداية التمايز بين خبيث اختلط علينا بالطيب.
منهج القرآن والسنة والسلف إن لم يجعل مُدَّعيه يقف مع المسلم صاحب الحق في وجه المعتدي غير المسلم؛ فإنه تلبيس إبليس وحجة على صاحبه.
والعقل إن لم يُميَّز به بين صاحب الأرض والمحتل فإنه مُعارٌ أو مُعطل.
والإنسانية إن لم تجعلنا نقف مع الضحية في وجه الجلاد فإننا فقدانها. ومن فقد إنسانيته ما اختلف عن البهائم إلا في الكلام، وما ميزه عنها الا “التويتر” أو حجّة “طاعة ولي الأمر”!
ليست غزة بِدعاً من الأمة، وليست إلا أرضاً من فلسطين، شأن أهلها شأن الشعب كله، إلا أن كلمة السر كانت في حماس. فتمكين الحركة المنبثقة من الإسلام على هذه البقعة الصغيرة من الأرض -أكثر من غيرها- جعل منها رعبا كبيرا، ذلك أن المسلم لا يرضى بالاحتلال ولا يقبل التطبيع معه وفِي سبيل ذلك يقاوم حتى الرمق الأخير.
وهنا تهوي دول كبيرة وشخصيات مثقفة وعلماء انتسبوا جميعا للدين واحتكروا الإسلام وتحدثوا باسمه، لكنّ محتلّ الارض وعدو الأمة ما رآهم بعينه! حجمهم في الضخامة كالفيل، وفي الفعل والتأثير أخف من الذبابة.
غزة صارت جريمة، والمقاومة شُبهة، والضحية: دينٌ و وطن، والثمن تطبيع، لكن “صفقة القرن” لن تمر حتى لو صار التطبيع، النشيد الوطني لكل الدول العربية!.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

قتلى وجرحى في تفجير مبنى بقوة من لواء غولاني برفح
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام قتل عدد من جنود جيش الاحتلال الإسرائيلي وأصيب آخرين في رفح، اليوم الخميس، وفق وسائل إعلام إسرائيلية، فيما قالت كتائب...

شهيد وجرحى في سلسلة غارات إسرائيلية على جنوب لبنان
بيروت - المركز الفلسطيني للإعلام استشهد مواطن لبناني وجرح آخرون، في سلسلة غارات شنها جيش الاحتلال الإسرائيلي على جنوبي لبنان، اليوم الخميس، على ما...

حصيلة الإبادة ترتفع إلى أكثر من 172 شهيدا وجريحا
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أفادت وزارة الصحة بغزة، اليوم الخميس، بأن مستشفيات القطاع استقبلت 106 شهداء، و367 جريحا وذلك خلال 24 الساعة الماضية...

الادعاء الروماني يحيل شكوى ضد جندي إسرائيلي إلى النيابة العسكرية
بوخارست - المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت مؤسسة “هند رجب” أن المدعي العام في رومانيا أحال الشكوى التي تقدمت بها المؤسسة ضد جندي إسرائيلي إلى مكتب...

الاحتلال يحول الصحافي الفلسطيني علي السمودي إلى الاعتقال الإداري
رام الله - المركز الفلسطيني للإعلام حوّلت قوات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الخميس، الصحافي الفلسطيني علي السمودي من جنين، شمالي الضفة الغربية،...

“موت ودمار لا يمكن تصوره”.. منظمة دولية تطلق نداءً لوقف النار في غزة
لندن - المركز الفلسطيني للإعلام أطلقت "منظمة أوكسفام الدولية"، نداءً مفتوحًا يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة، محذّرة من استمرار الكارثة...

شهيد وإصابات برصاص الاحتلال في البلدة القديمة بنابلس
نابلس - المركز الفلسطيني للإعلام استشهد شاب، متأثرا بإصابته برصاص الاحتلال الإسرائيلي، خلال اقتحام البلدة القديمة من مدينة نابلس، شمال الضفة الغربية...