الإثنين 24/يونيو/2024

عصابات التسول.. ظاهرة سلبية تضر بالفقراء والعمل الخيري

عصابات التسول.. ظاهرة سلبية تضر بالفقراء والعمل الخيري

“يا أهل الخير” أنا مريض سرطان من قطاع غزة، وأريد أن تساعدوني من أجل أن أتدبر تكاليف علاجي.. بهذه الكلمات بدأ متسول نداءه أمام بوابة مسجد الجرينة في مدينة حيفا في فلسطين المحتلة عام 1948 في شهر رمضان المبارك، لتنهال عليه التبرعات السخية من المصلين الذين يتعاطفون مع إخوانهم المحاصرين ولا يتوانون عن مساعدتهم.

ولكن الصدفة لم تمهل المتسول كثيرا؛ إذ تعرف عليه مصلون من منطقة أم الفحم، ليتبين أنه رجل ميسور الحال من تلك المنطقة، ولكنه يتنكر ويذهب لمناطق أخرى، ويمتهن التسول مستغلا أسماء جذابة كمريض من غزة، لينال تعاطف الناس.

ولا تعدّ هذه حالة فردية، فقد ضبط عمال من طولكرم قبل أيام؛ فلسطينيا ينحدر من قرى شمال الضفة، يأتي بسيارته من نوع جيب سبورتنج يوميا، ويوقفها عند معبر الطيبة، ثم يتنكر بزي متسول عند قطعه الجانب الآخر من الحاجز؛ ليمتهن التسول في مدينة الناصرة بأراضي 48.

انتحال صفات مختلفة

وتنتشر شبكات منظمة للتسول داخل أراضي الـ48 بشكل كبير، وكذلك في مختلف مدن الضفة والقدس، وتنتحل صفات مختلفة، حيث يروي لمراسلنا أحد أئمة المساجد في مدينة الناصرة، أنهم اكتشفوا قبل عدة أشهر شبكة من ستة أشخاص، لديهم أوراق مزورة للتبرع ببناء مسجد في إحدى مدن الضفة، وتبين أن شخصا يدير مجموعة، ويوزعهم كل يوم جمعة على المساجد المختلفة، ثم يتقاسمون ما يجمعون.

وأضاف: “بعد تمحيص تبين أن الأوراق مزورة، والمسجد وهمي، وطردوا من المنطقة، وثبت أنهم يمتهنون التسول بأشكال مختلفة”.

وتتكرر الحالات في كل المناطق ولا تقتصر على مدينة دون أخرى، فقبل عام وقف شخص أمام مسجد طوالبة في مدينة جنين يتسول من أجل العلاج، ويدعي أنه من قطاع غزة، وقد هدم منزله، ولديه ابن في مستشفى المقاصد يتلقى العلاج، ولما شك بعض المصلين بأمره، اضطروه لإبراز هويته بعد تهديده بتسليمه للشرطة، ليتبين أنه ينحدر من بلدة الرام قرب القدس.

ولا يخفى المشهد المريب لسيدات يذهبن لمناطق بعيدة عن أماكن سكنهن أمام المساجد أيام الجمع، فمن الخليل تأتي لجنين، ومن طولكرم تذهب لبيت لحم، وهكذا دواليك، وبعضهن يحملن أطفالا رضع.

وبحسب المصادر الشرطية لمراسلنا؛ أنه وبتعقب بعض الحالات، تبين أنها مجموعات تعمل من خلال مشغل، وأن بعض الأطفال يكونون بالإيجار بهدف استدرار العطف والتبرعات.

وكان مواطنون في بلدة الرام في ضواحي القدس، عثروا قبل عام على مبالغ مالية كبيرة في شقة سيدة بعد وفاتها، كانت معروفة بأنها متسولة، ليفاجأ الجميع بذلك.

إضرار بحافزية التبرع

ويشير الناشط في العمل الخيري أحمد أبو بكر لمراسلنا، إلى أن هذه الممارسات تضر بشكل كبير بحافزية الناس للتبرع، حيث بات تكرار هذه الظواهر مزعجا، ولكن أيضا بات وعي متنامٍ عند عامة الناس تجاه هؤلاء.

وأضاف: “هذا يؤكد ضرورة تحقق المتبرعين والمحسنين، وعدم الاكتفاء بمقولة إنني أحصل على أجر التبرع والإثم عليه، بل إن التحري والحرص على وصول التبرعات للفقراء الحقيقيين واجب شرعي”.

ونبه إلى التبرع من خلال لجان الزكاة، أو مؤسسات ذات علاقة موثوقة، أو إيصالها لمحتاجين مباشرة يعرفهم المتبرع جيدا، أو عبر أناس ثقات، فهو السلوك الأمثل.

وأكد أن النصابين ومرضى النفوس، موجودون في كل مكان وفي كل زمان، وسيبقون، ولكن مطلوب التحوط وعدم الوقوع في فخاخهم.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات