الأربعاء 30/أبريل/2025

حول المشاركة الفلسطينية في مؤتمر هرتسيليا

مصطفى إبراهيم

في الوقت الذي تشهد فيه الساحة الفلسطينية صراعاً على كسر الإرادات باتخاذ قرارات غير مسبوقة وقاسية، وتتشدد “القيادة الفلسطينية” بفرض عقاب جماعي ضد قطاع غزة، وتقدمت بطلب للحكومة الإسرائيلية بتقليص كمية الكهرباء إلى القطاع، يعقد في “إسرائيل” مؤتمر هرتسيليا الـ 17 بعنوان “فرص إسرائيل”.

يبحث المؤتمر في الفرص والمخاطر التي تواجه “إسرائيل” في عامها الـ 70، ويعتبر أحد أهم المؤتمرات في “إسرائيل”، والتي تحدد فيها السياسة الإسرائيلية والإستراتيجيات المختلفة، وبه أيضًا تقاس نجاعة السياسات السابقة والخطوات التي أخذت.

ومن أهداف هذا المؤتمر أنه يحدد جدول الأعمال الإستراتيجي للدولة العبرية، ويشكل المؤتمر مرجعية للبحث في السياسات العملية وتحديد الأولويات للمشروع الوطني الصهيوني. ويشارك فيه مختلف الوزراء، مثل وزير الأمن، أفيغدور ليبرمان، ووزير المالية، وقادة الأجهزة الأمنية ونخبة من الأكاديميين.

وكان المؤتمر الـ 16 عقد بعنوان “هوية إسرائيلية”، وسعى مؤتمر هرتسليا عام 2016 إلى تعزيز الهوية الإسرائيلية الجامعة وتسويقها عالمياً، وحشد لذلك نخبة من المسؤولين الأمنيين والسياسيين وعلى رأسهم رئيس الدولة، رؤوفين ريفلين، الذي قال خلال خطابه: إن على “إسرائيل” تكوين هوية إسرائيلية عالمية مشتركة، ودمج العناصر الأربعة في المجتمع، “العلمانيون، اليهودية الحديثة، اليهودية المتشددة والعرب”، بحيث تتكون شراكة مجتمعية، قائمة على بناء الهوية الإسرائيلية، لدعم مفهوم الوطن القومي. وكان ولا يزال المؤتمر منصة إطلاق مشروع وطن بديل للفلسطينيين، وعلى مدار أعوام سخّر مؤتمر هرتسليا منصة لإطلاق ودفع مشروع سيناء، وطنا بديلا للفلسطينيين.

إذ تكررت الأوراق البحثية والتوصيات التي تشدد على نجاعة خيار نقل الفلسطينيين إلى سيناء ومنحهم دولة مستقلة، وضم الضفة الغربية المحتلة للسيادة الإسرائيلية. ‫

وتصر القيادة الفلسطينية على المشاركة في المؤتمر الأكثر تخصصا في رسم السياسات الصهيونية لاستكمال بناء المشروع الصهيوني، وكأنها تمنح “إسرائيل” شرعية سياساتها وخططها وتحقيق أهدافها الاستعمارية في حضور المؤتمر الذي يشرعن احتلال فلسطين.

المشروع الوطني الفلسطيني يمر بأسوأ مراحله ومرور 100 عام على وعد بلفور و70 عاما على النكبة و50 عاما على استكمال احتلال ما تبقى من فلسطين القدس والضفة الغربية وقطاع غزة، و10 أعوام على الانقسام الفلسطيني وحصار قطاع غزة المستمر.

والحال الفلسطيني في تدهور مستمر، وبدلا من البحث في مستقبل المشروع الوطني وعقد مؤتمرات وطنية وجلسات حوار ونقاش وطني لمواجهة التدهور وآفاق المستقبل ومخاطر تصفية القضية الفلسطينية، والاستفادة من تجربتهم التاريخية، وما وصلوا اليه من أحوال كارثية، وفحص نجاعة سياسة التيه الذي يعيشون فيه، ومواجهة الاحتلال والعنصرية وعملية التزييف التاريخي الذي تقوم به “إسرائيل”، يستمر الفلسطينيون في تعميق الانقسام، وحضور مؤتمر هرتسيليا الذي يبحث في الشأن الداخلي والخارجي والتحديات التي تواجه المشروع الصهيوني ويرسم سياسات ويضع خطط لاستمرار المشروع الصهيوني وديمومته والسيطرة على ما تبقى من فلسطين.

‫وصل الأمر درجة الانهيار والانحطاط الوطني والأخلاقي، بأن تكون فلسطين شاهدة على ذبحها، وتحضر فلسطين المحتلة كملف أمني إسرائيلي داخلي يناقش من قبل المسؤولين السياسيين الإسرائيليين، والضحية تبحث، وتشاهد ذبحها وسلخها، وتكون قيد البحث في توزيع ما تبقى منها.

‫المشاركة في مؤتمر هرتسيليا كأنه إعلان اعتذار لدولة الاحتلال عن احتلالها وجرائمها وحصارها، ويمنح “إسرائيل” صك البراءة عن احتلالها، ويمنحها شرعية لذبح الفلسطينيين، وأيضاً شرعية دولية تخلصها من كونها دولة احتلال والتنكر لدماء الشهداء، ونبذ المقاومة والعمليات الفدائية وشرعنة التنسيق الأمني والإضفاء عليه بعداً وطنياً.

‫نحن أمام اختبار الجدارة الوطنية، وهذا الانهيار الوطني غير المبرر الذي يتزامن مع التشدد في عقاب غزة بذريعة استعادة الوحدة الوطنية، ويفقد منظمة التحرير الفلسطينية شرعيتها الوطنية والأخلاقية، ومبرر وجودها كحركة تحرر وطني ممثلة للفلسطينيين، وتتماهى قيادتها مع الاحتلال من خلال مصالحها بادعاء مد اليد للسلام والتعايش مع الجيران بدونية لا تعبر عن شعب يسعى للحرية ويناضل من أجل تقرير المصير.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

قصف إسرائيلي على صحنايا بريف دمشق

قصف إسرائيلي على صحنايا بريف دمشق

دمشق - المركز الفلسطيني للإعلام شنت طائرات الاحتلال الإسرائيلي -اليوم الأربعاء - عدة غارات على صحنايا في ريف دمشق، بالتزامن مع عملية أمنية ضد...