الجمعة 28/يونيو/2024

فلسطينيو48 .. تحدي الوجود وطمس الهوية

فلسطينيو48 .. تحدي الوجود وطمس الهوية

سعت سلطات الاحتلال – ومنذ انتهاء نظام الحكم العسكري الذي فرض على فلسطينيي 48 منذ النكبة وحتى 1966- إلى تحييد الداخل الفلسطيني عن  قضايا شعبه وعزله عن الأمتين العربية والإسلامية، بالمقابل شنت حربا على الهوية العربية والانتماء الوطني والسياسي.

وفي إطار سياساتها التصعيدية ضد فلسطينيي 1948 شنت قوات الاحتلال مؤخراً حملة اعتقالات، وكثفت من إصدار أوامر منع  السفر بحق نشطاء، ووسعت من عمليات التهجير القسري، والاستيلاء على الأرض، وتدمير للقرى، وفرض نظام عسكري.

بحسب معطيات قدمتها أجهزة أمن الاحتلال، فإن عدد الأسرى من فلسطينيي الداخل بلغ 257 معتقلاً؛ منهم 130 معتقلاً، اعتقلوا إثر مشاركتهم بمظاهرات واحتجاجات نصرة للمسجد الأقصى ورفضاً للإرهاب “الإسرائيلي” بحق المواطنين الفلسطينيين، و60 فلسطينياُ بزعم ارتكابهم مخالفات أمنية.

الاعتقالات منذ مطلع العام الجاري تركزت بحق القيادات الفاعلة والناشطة، حيث اعتقلت قوات الاحتلال نحو 20 قيادياً وناشطاً في حزب “التجمع الوطني الديمقراطي”، والحركة الإسلامية.

السياسات الإسرائيلية تجاه فلسطينيي 48:
يشير “معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي” إلى أن حكومات الاحتلال المتعاقبة، تعاملت مع فلسطينيي الداخل بطريقتين. وعلى الرغم من أنهما متناقضتان، فإن إحداهما تكمل الأخرى. 

الطريقة الأولى: هي العمل بجد على تقليص الوجود العربي، وربما نفيه نهائياً من الحياة السياسية والثقافية والاجتماعية، من خلال سن قوانين لتكبيل هذه الأقلية؛ فمن الناحية السياسية، رفعت نسبة الحسم في انتخابات الكنيست لأكثر من مرة حتى وصلت في آخر مراحلها إلى 3.25%، للحيلولة دون وصول الأحزاب الممثلة لفلسطيني الداخل إلى الكنيست.

أما الطريقة الثانية: التي تعدّ مناقضة للأولى، فهي محاولة دمج فلسطينيي الداخل في الاقتصاد “الإسرائيلي” لتخفيف الأعباء على الناتج القومي للاحتلال وزيادته، وذلك من خلال السماح لهم بالعمل في قطاع المشروعات الصغيرة، ولذلك أنشأت حكومة الاحتلال “إدارة التنمية الاقتصادية للقطاع العربي والدرزي والشركسي” عام 2007، التي سعت لتوسيع مشاركة الفلسطينيين في سوق العمل ودمج المرأة أيضا في هذا السوق.

حالة الصراع التي يعيشها الداخل الفلسطيني مع المؤسسة “الإسرائيلية”، ترتبط بثلاثة عوامل تأسيسية لمستقبل جديد لفلسطينيي 48، تلخصت في حظر الحركة الإسلامية، وتوغل اليمين “الإسرائيلي” المتدين بمفاصل الحكم، وانتشار البعد الديني

وقد شخّص مدير مركز الدراسات المعاصرة صالح لطفي، حالة الصراع التي يعيشها الداخل الفلسطيني مع المؤسسة “الإسرائيلية”، وقال إنها ترتبط بثلاثة عوامل تأسيسية لمستقبل جديد لفلسطينيي 48، تلخصت في حظر الحركة الإسلامية، وتوغل اليمين “الإسرائيلي” المتدين بمفاصل الحكم، وانتشار البعد الديني.

وشدد صالح على أن هذه المحاور تمهد إلى إعادة الداخل الفلسطيني لمربع الحكم العسكري، لكنه بثوب مختلف عما كان عليه في ستينيات القرن الماضي، بحيث يتميز باعتماد سياسات التخويف المبنية على التشريعات.

 قوانين عنصرية
سن برلمان الاحتلال (الكنيست) عدداً كبيراً من القوانين المتعاقبة بهدف تثبيت وتعزيز التفرقة العنصرية، وترسيخ فكرة يهودية الدولة، اعتماداً على الغالبية اليهودية، وتهدف هذه القوانين أيضا إلى انتزاع الهوية الوطنية من فلسطينيي 48، وإجبارهم على “التعهد بالإخلاص لإسرائيل كدولة يهودية صهيونية ديمقراطية”، وحتى الآن لا يزال الكنيست يسن القوانين العنصرية الموجهة بالأساس ضد فلسطينيي 48.

فقد سن في السنوات الأخيرة ما لا يقل عن 40 قانوناً “تجيزلإسرائيل مصادرة الأراضي العربية، إن كانت للمطرودين من وطنهم وتم تسجيلهم غائبين، أو لأولئك الذين بقوا في وطنهم ورغم ذلك تم تسجيلهم غائبين لكونهم لم يكونوا في منطقة سكناهم أثناء تسجيل السكان، أو المصادرة لغاية المصادرة من مالكين، بزعم خدمة مشاريع دولة”، ومن أبرز هذه القوانين:

• قانون المواطنة 
ينص على حِرمان التمتع بامتيازات المواطنة/الجنسيّة لكل من يُدان “بالتجسس” أو “ارتكاب أعمال عنف” بدوافع قوميّة، أو أُدين بتهم تتعلق “بالإرهاب والتسبب في حرب أو تقديم الدعم للعدو أثناء الحرب”.

وهذا القانون تقدم باقتراحه حزب “إسرائيل بيتنا” القومي المتطرف الذي ينتمي إليه وزير الجيش أفيغدور ليبرمان، حيث يؤكّد حقوقيون وسياسيون أنّ هذا القانون بالذات ارتبط بقضية المفكر العربي عزمي بشارة وما أثير حوله من اتهامات ذات غاية سياسية، لكنه يفتح المجال مع باقي القوانين العنصرية لحرمان أعداد كبيرة من فلسطينيي 48 من حق المواطنة.

• قانون النكبة 
أما عن قانون النكبة فهو قانون يمنع التمويل عن مؤسسات عامة يعتقد أنها تتحدى بشكل علني تأسيس الدولة كدولة يهودية أو أي نشاط “ينكر وجود إسرائيل كدول يهودية وديمقراطية”، أي ليس إنكار وجود “إسرائيل” بوجه عام، بل يكفي لتنفيذ القانون على المستهدفين به عدم الاعتراف بها كدولة يهودية كذلك.

ويقول أعضاء الكنيست اليمينيون الذين تقدموا بمشروع القانون أنه يهدف إلى الدفاع عن “إسرائيل” في مواجهة ما يرونه من هجوم متزايد على شرعيتها بسبب الصراع المستمر مع الفلسطينيين ودول عربية أخرى، فيما يصفه ليبراليون إسرائيليون بأنه غير ديمقراطي.

• قانون الجنسية
يخول المحكمة سحب المواطنة من كل من يدان في مخالفة تمس بأمن الدولة، والقسم لمن يحمل الهوية “الإسرائيلية” بيهودية الدولة، بما يهيئ لسحب الهوية ممن لا يقبل ذلك من فلسطينيي الداخل، وطرده من أرضه.

وقانون خصخصة أراضي اللاجئين الذي يمكن الدولة من نقل مساحات شاسعة من الأراضي المصادرة من الفلسطينيين إلى إسرائيل.

• قانون مصادرة الأراضي:
قبل الاعلان عن قيام دولة الاحتلال لم يكن الصهاينة يملكون أكثر من 5.5% من مساحة فلسطين، وعلى أكثر تقدير لم تتجاوز المساحة التي ملكها اليهود الـ8%، بيد أنه بفضل مصادرة الأراضي تم تحويل أكثر من 93% من الأراضي إلى ملكية يهودية.

كما أقر سبعة قوانين بالقراءة النهائية، وسيتم إقرار قانون آخر جرى إقراره بالقراءة الأولى قبل فترة، وهذه القوانين هي:
1. قانون لجان القبول للبلدات اليهودية، لمنع سكن الفلسطينيين فيها.

2. قانون المزارع الخاصة، الذي يقضي بتوزيع الأراضي العربية المصادرة في النقب على العائلات اليهودية.

3. قانون الاستفتاء الشعبي، لأي انسحاب من أراض تحت “سيادة إسرائيل”، والهدف منها مدينة القدس المحتلة وهضبة الجولان السورية المحتلة.

4. قانون يسمح بتمديد اعتقال أسير فلسطيني دون حضوره للمحكمة لمدة ستة أيام.

5. القانون الذي يحجب الراتب التقاعدي عن عضو “كنيست”، وهو يستهدف النواب العرب.

6. قانون النكبة.

أبرز الممارسات العنصرية:
– سياسة قضم الأراضي وهدم البيوت وحجب الخدمات.

– الاعتداء على خلفية عنصرية.

– الفصل على خلفية الانتماء.

– التمييز من خلال ميزانيات التطوير.

– التمييز في مجال الصحة.

– العنصرية في المحاكم.

هذه القوانين الممنهجة تنوعت لتشمل كذلك مجالات وميادين عديدة، كمحاولة تكميم الأفواه للنواب العرب داخل الكنيست ومحاولات إقصائهم؛ حظر الحركات السياسية واعتقال أعضائها؛ منع رفع الأذان من على مآذن المساجد في المدن والقرى الفلسطينية؛ فرض رفع العلم “الإسرائيلي” في الفعاليات والمؤتمرات الدولية؛ منع استخدام اللغة العربية في المواصلات العامة؛ تمييز الأم اليهودية في المستشفيات وإهمال الفلسطينية والإجحاف بحقها؛ التمييز بين المحامين العرب والصهاينة في قاعات المحاكم؛ سياسات هدم القرى والمباني، بذرية البناء بدون تراخيص؛ تفشي مخططات  الترحيل والتطهير، كما هو الحال في منطقة النقب جنوبي فلسطين المحتلة.

تهجير الفلسطينيين:

يسعى الاحتلالال صهيوني للتضييق على فلسطينيي الداخل من خلال إغلاق المؤسسات الخيرية التي توفر الدعم لهم، بهدف إقصائهم من بيوتهم وأماكنهم.

حيث بدأت السلطات (الإسرائيلية) في الآونة الأخيرة بتكثيف الضغط على فلسطينيي الداخل والتضييق عليهم، من خلال إغلاق المؤسسات وهدم المنازل والمنشآت الصناعية، بزعم أنهم محرضين على أمن (إسرائيل).
………………………….
المراجع:
– العنصرية ضد “فلسطينيي الـ48” تسجل ذروة غير مسبوقة، ساسة بوست.
– فلسطينيو ال48 يهبّون ضد السطو الإسرائيلي على مساكنهم، صحيفة المدن الالكترونية.
 – التشريعات الإسرائيليّة تستهدف فلسطينيي الداخل والقدس على حدٍ سواء، صحيفة حق العودة، العدد 43.
– فلسطينيو عرب 48… بين واقع جديد وتحديات لمواجهة سياسات الاحتلال العنصرية، موقع أحوال البلاد.
– كتاب “عنصرية إسرائيل… فلسطينيو 48 نموذجاً”، مركز الزيتونة للدراسات.
– حملة قوانين عنصرية إسرائيلية ضد الفلسطينيين، المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الإستراتيجية.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات