الأحد 11/مايو/2025

مستوطنة عمونا تولد من جديد قرب نابلس!

مستوطنة عمونا تولد من جديد قرب نابلس!

بعد أن تمكن ملاّك الأرض التي أقيمت عليها مستوطنة “عمونا” في آذار (مارس) الماضي انتزاع حقهم بصعوبة، منحت الحكومة الصهيونية شهادة ميلاد جديدة لـ “عمونا” في مكان آخر قرب نابلس أسمتها “عميحاي”.

وكانت “عمونا” تقع شمال شرق رام الله، وهي مجاورة لمستوطنة “عوفرا” وسكنها عنوةً عشرات المستوطنين منذ القدم حتى تمكن أصحابها الأصليون من الفلسطينيين استردادها قبل شهور.

وقررت الحكومة الصهيونية قبل أيام نقل سكان المستوطنة التي كانت مثار جدل قانوني وسياسي إلى مستوطنة جديدة تتسع لعدد أكبر.
 
ويرى مختصون في الاستيطان ومراقبون للسياسة الصهيونية، أن حكومة نتنياهو اليمينية تركّز على تعزيز الاستيطان في التجمعات المقاومة، وتبني مستوطنات جديدة في مناطق (سي) التي تشكل 61 % من الضفة المحتلة.
 
سباق الاستيطان

“عمونا” لم تكن البداية فقط، بل كان المستوطنة الوحيدة التي حظيت بتغطية إعلامية واسعة وواصل أصحابها الصمود في القضاء الصهيوني.

وبحسب المخطط، ستشمل البؤرة الاستيطانية التي أطلق عليه اسم (عميحاي)، 102 مبنى سكني، مع العلم أن عدد العائلات التي المخلاة من “عمونا” بلغ 40 عائلة فقط.

ويخضع النشاط الاستيطاني لجدول سباق الساسة الصهاينة في استقطاب أصوات الناخبين وأحزاب اليمين التي أصبحت القوى المؤثرة في “إسرائيل” بعد أفول نجم أحزاب اليسار والوسط.

ووجه “نفتالي بينيت” وزير التربية والتعليم الصهيوني انتقادًا لاذعًا لرئيس حكومته (نتنياهو) بعد إقرار منح مدينة قلقيلية عدة دونمات لتوسعة المدينة التي أقام الاحتلال حولها جدار عام (2002) وأصبح لها بوابة وحيدة.

وكشفت مناقشة المجلس الوزاري الصهيوني المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينيت) مشروع توسيع مدينة قلقيلية النقاب عن عمق الخلافات داخل الائتلاف الحكومي حيال المخطط الذي يقضي بإضافة 2500 دونم إلى قلقيلية.

ويؤكد د. جمال عمرو، الخبير في شئون القدس والاستيطان أن نموذج ملاّك “عمونا” الأصليين من أهل “سلواد” لم يقبلوا بتبادل أرض في مناطق (سي) التي منحت الاحتلال حق الاستيطان في 61 % حسب اتفاق أوسلو.

ويضيف عمرو: “هناك مستوطنات كثيرة اختطفت أراض فلسطينية ولم تحظ بتغطية الإعلام، وفرض المستوطنون أمرًا واقعًا فأقاموا كرفانات وحولوها لمستوطنات، مثل تجمعات غوش عتصيون ومعاليه أدوميم، لإيواء مستوطني عمونا” .
 
ويتبع المستوطنون تقليدًا معتادًا عند السيطرة على أي قطعة أرض بمحاولة التجمع وإقامة بيوت صغيرة مؤقتة، وإذا لم يواجهوا مقاومة أو اعتراض من السلطة الفلسطينية يسارعون في البناء.

ويتابع: “مؤخرًا فتحت حكومة الاحتلال أبواب الملكيات للمستوطنين باختيار أي قطعة أرض في منطقة (سي) وتوثيقها بالأوراق وكثير منها حدث في أرض كانت مسجلة بالعقود الأميرية أو موقوفة زمن الحكم الأردني بمسمى أرض الفلسطينية”.

الجدل السياسي

وتعد جريمة الاستيطان، الوجه القبيح للكيان الصهيوني، والذي يحاول دائمًا إخفاءه بمساحيق المبررات المتناقضة، الأمر الذي دفع كثيرًا من الدول والمؤسسات لمقاطعة منتجات المستوطنات واتخاذ مواقف متعاطفة مع القضية الفلسطينية.
 
وبقي الاستيطان قضية للتسابق بين أقطاب السياسة الصهيونية؛ فحكومة (نتنياهو) كانت ولا زالت ملتزمة بتكثيف الاستيطان وإنشاء مستوطنات جديدة.

وكان “نفتالي بينيت” وزير التعليم الصهيوني بدأ العمل على مشروع قانون أساس في الكنيست يحول دون إجراء أي استفتاء للرأي العام الصهيوني لتقسيم القدس ويشترط موافقة 80 عضو كنيست على أي قرار للانسحاب من الشطر الشرقي للقدس المحتلة.
 
وفي سجال الساسة حول كسب ود قادة المستوطنين كشف نتنياهو عن فخره بإنشاء مستوطنة جديدة بديلة لمستوطني “عمونا” لأنه رئيس الحكومة الأول الذي يبني مستوطنة جديدة بعد عشرات السنين.

ويقول د. سعيد زيداني، الخبير في شئون الاستيطان إن استبدال “عمونا” بمستوطنة أخرى كان التزامًا من الحكومة وأن (نتنياهو) يراعي رغبة الرئيس الأمريكي، الذي لا يعارض تكثيف المستوطنات القديمة لكنه لا يرغب في تأسيس جديدة.

ويضيف: “مداولات الحكومة تركز على الاستيطان في منطقة سي وإعطاء أرض لقلقيلية لإنشاء مشاريع محاولة لكسب رضا الرئيس الأمريكي وفي نفس الوقت إبقاؤها في منطقة سيطرة كاملة هي منطقة سي”.

ومن أبرز صور تعزيز الاستيطان مؤخرًا ما يجري في القدس التي تبلغ مساحتها 124.6 كم ولم يبق للفلسطينيين منها سوى 1 كم، هو البلدة القديمة، والتي أقر نتنياهو قبل أيام تحويل باب العامود ومحيطه لمنطقة عسكرية مغلقة فدمّر الحياة الاقتصادية لتجار القدس القديمة.

خبراء الاستيطان

ولا يتم اختيار مواقع المستوطنات بشكل عفوي فعادةً هناك طاقم من 9 خبراء في علوم الجيولوجيا والمياه والبنية التحتية يرافقهم (حاخام) ديني لانتقاء الموقع.

ويقول الخبير عمرو: “هذه تسمى لجنة خبراء التنظيم وهم 9 يركزون على التنوع الحيوي في الموقع ويختارون موقعا حساسا من جهة أمنية ومرتفعا، تربته خصبة للزراعة، ومزود بالمياه وله إطلالة جميلة ويتوّجه الحاخام بمنحه مسحة دينية”.

وبذات الآلية شرّع الاحتلال عشرات التجمعات الاستيطانية ذات المواقع الاستراتيجية وأطلقوا أسماء شهيرة تذكر في الإعلام مثل (قبة راحيل وقبر يوسف وغيرها) بذريعة أن الأنبياء وعائلاتهم سكنوا فيها أو مرّوا من خلال أرضها.

ويتابع: “مثلاً مستوطنة كريات 4 هي أصلاً مدينة كنعانية في الخليل، وقرب بيت لحم أقاموا مستوطنة راحيل وبجوار نابلس قبر يوسف، وعادة يختارون قمم الجبال ويتركون الأودية السحيقة”.

ولا زال الاحتلال يسابق الزمن في تكثيف الاستيطان وإنشاء مستوطنات جديدة ملتهما معظم مساحة الضفة الغربية في ظل ضعف مؤسسات السلطة الفلسطينية وتواطؤ السياسية الإقليمية.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات