الأحد 23/يونيو/2024

كرت المؤن.. عدو نتنياهو!

رشاد أبو داود

كان لونه أزرق، يُستخدم مرة في الشهر لاستلام «المؤن». لكل شهر ثقب مغلق يقوم الموظف بفتحه بواسطة آلة يدوية ليدل على أن حامله تسلم حصة عائلته من المعونات التي كانت تقدمها وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين «الاونروا» .

طحين، عدس، سمنة، أحياناً تمر، صابونة، وأشياء أخرى. تلك كانت المواد التي كانت «تتكرم الأمم المتحدة بتوزيعها على أولئك الذين هُجّروا من مدنهم وقراهم المقيمين فيها منذ آلاف السنين ليسكنها حثالة البشر الذين تم تجميعهم من شتى أصقاع الأرض، وليس بينهم لا رابط التاريخ ولا اللغة ولا أي من مقومات الدول سوى «الدين»، وحتى هذا غير متفق عليه بين حاخامات الكيان الإسرائيلي، وبخاصة أولئك اليهود الذين قدموا من روسيا وأثيوبيا «الفلاشا».

كان يوم «استلام» المؤن يوماً مشهوداً لدى أهل المخيمات. يذهبون «سروة» أي مطلع الشمس ليأخذوا دوراً في طابور طويل تحت الشمس الحارقة صيفاً والبرد القارس والمطر شتاءً، وعندما يأتي الفرج لمن لهم الدور يُحشرون في ممر ضيق مغلق إلا من واجهة بأسلاك مقواة أشبه بالزنازين.

طبعاً، لم يكن يوم نزهة، ملابس الكل التي كان بعضها من «البقجة» التي كانت توزعها «الاونروا» مرة كل سنة وخاصة في فصل الشتاء، كانت تتحول إلى اللون الترابي بفعل الطحين والعدس و…غبار النكبة وتالياً النكسة!

أما كيف كانوا يوصلون «المؤن» إلى بيوتهم، أقصد خيامهم ولاحقاً خشابيات الصفيح، فكانت الحمير هي الوسيلة المتاحة ومعها عرباية الثلاث عجلات وثمن التوصيلة قرشين أو شلن حسب بعد المكان، ومن ليس بقدرته دفع القرشين يحمل كيس الطحين على ظهره فيما يحمل أبناؤه المواد الأخرى الأقل وزناً.

سياسياً، كان وربما لا يزال كرت المؤن الوثيقة الدولية الوحيدة التي تثبت أن الفلسطينيين لاجئون هجروا من بلادهم فلسطين، ما يعني أن لهم حقاً في فلسطين من البحر إلى النهر. «ما إلي إلا الله وكرت المؤن» جملة كانت متداولة في الخمسينيات والستينيات حيث كانت نكبة 1948 لم تزل طازجة.

ما أن تُذكر كلمة «الاونروا» حتى يتحسس الإسرائيليون جوازات سفرهم التي أتوا بها إلى فلسطين، كما يتحسسون الكذبة الكبرى التي اسمها «دولة إسرائيل».

رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قال خلال جلسة الحكومة الأسبوع الماضي: إنه حان الوقت لتفكيك وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين أونروا، وأضاف أنه طرح موضوع التفكيك خلال اللقاء الذي جمعه بسفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة نيكي هايلي، خلال زيارتها إلى تل أبيب الأسبوع الماضي. وقال: التقيت الأسبوع الماضي بالسفيرة هايلي وشكرتها، باسمكم أيضاً، على تصريحاتها الحازمة المؤيدة لدولة “إسرائيل” التي شجبت الهوس المعادي السائد في الأمم المتحدة.

أضاف: الأونروا إلى حد كبير بسبب وجودها ولأسفي الشديد أيضاً بسبب أنشطتها من حين لآخر، تخلّد مشكلة اللاجئين الفلسطينيين بدلاً من حلها، ولذلك حان الوقت لتفكيك الأونروا ودمج أجزائها في المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة.

«الاونروا» آخر مسمار في جسد القضية الفلسطينية المعلقة منذ 69 عاماً على حائط من العدوان والاختلاس والتزوير، يقابلها سلسلة من التنازلات المجانية لذئب أصبح ديناصوراً ولم يزل يدعي أنه حَمَل.

المصدر: صحيفة الدستور الأردنية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

54 شهيدًا بأربعة مجازر خلال ساعات في غزة

54 شهيدًا بأربعة مجازر خلال ساعات في غزة

غزة - المركز الفلسطيني للإعلام استشهد 54 مواطنًا وأصيب العشرات غالبيتهم من الأطفال والنساء، في ثلاثة مجازر ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي، السبت،...