الجمعة 28/يونيو/2024

المسن أبو عجمية.. ثمانيني في امتحانات التوجيهي

المسن أبو عجمية.. ثمانيني في امتحانات التوجيهي

لم تكن محطة هجرته هو ووالده وبقية عائلته من قرية (مغلس) عام 1948م، إلا نقطة تحول في حياته نحو الجد والاجتهاد والتعلم..  إنه الحاج عبد القادر أبو عجمية (82 عاما).

أبو عجمية؛ لاجئ فلسطيني عاصر فترة الانتداب البريطاني وهجر من بلدته مغلس الواقعة شمال غرب مدينة الخليل، وكان على قناعة أن الجهل من أهم أسباب النكبة، ولو كان الفلسطينيون على قدر من العلم والوعي لما هجروا من قراهم وبلداتهم.


null

العلم طريق العودة

أمام مدرسة الحاج مصباح أبو حنك في الخليل كان الحاج عبد القادر أبو عجمية (أبو حسن) يقف ينتظر فتح قاعة امتحان التوجيهي، وكان يحمل بيده كتاب اللغة العربية، وهو منهمك ويراجع درس النداء في المقرر لأنه سيتقدم للامتحان الثاني في الثانوية العامة بعد دقائق.

حاولنا أن نختلس منه بعض الوقت ليحدثنا حول مسيرته العلمية في فترة الشيخوخة فقال: “لا تقولوا لي قطار العلم فات .. فالإنسان قادر على العطاء مهما بلغ من العمر .. المهم الإرادة والهدف”.

وأشار أبو حسن أبو عجمية الثمانيني في حديث خاص لمراسلنا: “رجعت إلى التعلم بعد 64 عاما لقناعتي بأن العلم طريقنا لعودتنا إلى البلاد.. إلى مغلس، يا عمي والله ما ضيع بلادنا إلا الجهل.. وبريطانيا كانت تقصد ذلك.. وأنا اليوم مصمم على أخذ شهادة التوجيهي ومن ثم الدراسة في الجامعة حتى أؤكد للجيل الجديد إنو الوطن بدو همة وعمل وجد واجتهاد”.

وحول الصعوبة في العودة إلى التعليم بعد هذا العمر قال الحاج أبو عجمية: “أنا أقرأ ولا أستطيع أن أكتب، ولذلك خصصت دائرة التربية والتعليم مدرّسة تقوم بالكتابة عني في دفتر الإجابة .. تقرأ عليّ السؤال وأنا أجيبها، في البداية شعرت بالصعوبة، ولكن تشجيع زوجتي الحاجة مريم أم حسن وأولادي وبناتي جعلني أصمم على الاستمرار، فقد تقدمت للتوجيهي العام الماضي ولم يحالفني الحظ!! وهذا لم يزعجني، وها أنا أعود إلى مقاعد الدراسة من جديد، وإن شاء الله بحصل على الشهادة.. المهم الإرادة والتصميم”.

واختتم أبو حسن حديثه قائلا: “معلش قاعة الامتحان فتحت أبوابها بدي أدخل.. ولكن كلمتي الأخيرة: من جد وجد ومن سار على الدرب وصل ولازم شبابنا يعرفوا إنو العلم والتعليم طريقنا للتحرير والعودة”.


null

خطوة في الاتجاه الصحيح

نجله الأكبر حسن (59 عاما) أكد لمراسلنا، بأن خطوات والده كانت مشجعة، وأنها في الاتجاه الصحيح.

وأضاف: “إننا سررنا ونحن نرى الحاج يحمل الحقيبة المدرسية وفيها كتب التوجيهي وهو يذهب إلى المدرسة ويعود منها بكل ثقة.. ولذلك قدمنا له كل الدعم، وخاصة النفسي وشجعناه .. وهو مصمم على أن يحصل على شهادة التوجيهي”.

الحاج محمد السراحنة (78 عامًا)؛ أحد رفقاء الحاج عبد الله أبو عجمية أكد أنه لم يستغرب خطوات أبو حسن وقال: “أنا أعرفه منذ كان تاجرا للمواد الغذائية في شارع الشلالة قبل إغلاق اليهود لتلك المنطقة.. كان يركز على تعليم أولاده، وكانوا متفوقين، وكان يقول لي: يا ريت إصحلي أتعلم.. والله يا أخوي يا حاج محمد ما ضيع البلاد إلا الجهل”.

الأستاذ عاطف الجمل مدير التربية والتعليم في الخليل بارك الخطوة، وقال في حديث خاص لمراسلنا: “لقد حضر الحاج عبد القادر أبو عجمية (أبو حسن) إلى مكتبي قبل سنوات، وطرح فكرة عودته إلى التوجيهي وشجعته ووضعت كل الإمكانات بين يديه، ووافقت على تسجيله، وأصبح يداوم مع الطلبة مساء، وزرته أكثر من مرة وهو على مقاعد الدراسة في مدرسة الحسين بن علي، وكنت سعيدا جدا وأنا أرقب فيه الجد والاجتهاد”.

وأشار إلى أن خطوات الحاج أبو عجمية تعبر عن طموح الشعب الفلسطيني الذي يرى في العلم طريقه نحو الاستقلال.


null

 

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات