الجمعة 28/يونيو/2024

الحاج ناجي نجيب.. ذاكرة الطقوس الرمضانية القديمة بالقدس

الحاج ناجي نجيب.. ذاكرة الطقوس الرمضانية القديمة بالقدس

طقوس تقليدية قديمة لشهر رمضان تزخر بها ذاكرة الحاج ناجي نجيب “أبو محمد” ذو الـ 71 عاما الذي ولد وعاش في عقبة البيرق في البلدة القديمة بالقدس المحتلة.

لا يملّ “أبو محمد” من الحديث عن الماضي، وجمال الذكريات التي لا يزال يعيش على أنفاسها، معبرا في حديثه لـ“المركز الفلسطيني للإعلام”، عن أمله بعودة الزمن إلى الخلف ليعيش تفاصيلها من جديد.

يقول أبو محمد: “أتمنى أن يعود الزمان إلى الوراء 50 عاما وأكثر… كانت من أجمل الأيام وأبسطها، وكل شيء كان له طعم ولون ورائحة، فالحياة والناس رغم الفقر وقلة الإمكانيات، لم يكن يعكر صفو يومهم شيء، ونعيش بفضل الله، فليس هناك أي تعقيدات كما هو حال اليوم”.

استعدادات ساحرة
ويصف أبو محمد الاستعدادات قديما لاستقبال رمضان بالقول: “نستقبل الشهر الفضيل بأجواء ساحرة وكبيرة تبدأ قبل نحو شهر من موعده، حيث تبدأ العائلات بتزيين الحارات والشوارع بأغصان الشجر الأخضر والورود والأزهار، تعلق بالحبال من جهة إلى أخرى، وتبقى الزينة على حالها حتى تجف الأوراق وتذبل، وفي العادة تبدأ الأوراق بالسقوط بعد العيد مباشرة، كما كانت كل عائلة تضع أمام بيتها فانوسا يعمل على الكاز، فتشع الحارات نورا وبهجة، ومن كان مقتدراً كان يمد خطوط الكهرباء”.

ويتابع بالقول: “يستعد التجار لصنع القطايف والمخللات والمشهيات والمشروبات الطبيعية التي لا تخلو مائدة منها برمضان، كالخروب والسوس والتمر الهندي”.

وفي رمضان، يضيف أبو محمد قائلاً: “كنا نستقبل المئات من الوفود والسياح من جميع البلدان العربية والإسلامية في العالم، فتجد في القدس السوريين واللبنانيين والمصريين والعراقيين والأكراد، كما كانت القدس تستقبل كبار المقرئين المصريين أمثال عبد الباسط عبد الصمد، ومصطفى إسماعيل وغيرهما”.

ويضيف بألم “كانت المدينة المقدسة تعج بالناس من كل صوب وحدب، وكان الأقصى عامرًا بالناس حتى إنه من كثرة الناس فيه قد لا تستطيع الوقوف على قدميك بعد الركوع”.

تجار القدس
وعن عمل التجار في رمضان، يقول أبو محمد: “كان التجار يبدأون عملهم بعد صلاة العصر حتى أذان المغرب، وكانت الحارات والأسواق في ذلك الوقت تعج بالناس لشراء حاجياتهم، وقبل موعد الإفطار وإطلاق مدفع رمضان، تتحول المدينة المقدسة إلى مدينة أشباح أو كأنه فرض عليها حظر التجوال، فالجميع تجده في بيته مع عائلته يجتمعون على مائدة مصنوعة من الخشب مستديرة تسمى “الطبلية”، ويجلسون على الحصيرة للإفطار، ومن ثم يؤدون صلاة المغرب وينطلق البعض إلى الأقصى لأداء صلاة العشاء والتراويح، وبعدها يزور بعضهم البعض.
 
وعن أشهر المحلات التي كان يتوافد إليها الناس آنذاك، يقول أبو محمد: “كانت الناس تتوافد لشراء الفلافل المغمور بالسمسم، والكباب الذي كان له طعم لا مثيل له آنذاك، وعصير الخروب والسوس والليمونادة التي لا تخلو مائدة منهم، والذي كان مشهورا بصنعهم أبو رشيد قليبو، كما كانت الناس تتوافد لشراء قطايف شاهين والكرد المشهورين آنذاك، إضافة إلى المخللات بجميع أنواعها”.

ومن أكثر الأكلات شهرة في رمضان، يقول أبو محمد “المقلوبة ومحشي مع اللبن وورق العنب (دوالي) والكوسا، إضافة إلى الفتوش، ومن الضروري أن نقول أنه لم يكن آنذاك دجاج، ومن يطبخ الدجاج كانت الناس تحسده، وإنما فقط اللحوم هي التي كانت منتشرة وبكثرة في ذلك الوقت وثمنها رخيص جدا”.

وللسحور أيضا أجواؤه الخاصة، يقول أبو محمد:”كان المسحراتي يعمل حتى آخر يوم بالشهر الفضيل، ويردد تحت نوافذ العائلات وينادي ويقول: “يا نايم وحد الدايم، إصحا يا نايم”، حتى يستيقظ الجميع وتجلس العائلة بأكملها على مائدة السحور، ثم تنزل إلى الأقصى لأداء صلاة الفجر، ويتناولون عند مدخل الحرم التمر العراقي، ويشربون من ماء آبار الحرم التي كانت مثل ماء زمزم”.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات