الإثنين 01/يوليو/2024

الفقدة.. طقوس رمضانية تقوي الأواصر الاجتماعية

الفقدة.. طقوس رمضانية تقوي الأواصر الاجتماعية

مع قدوم شهر رمضان المبارك، تزداد أواصر الأسر الفلسطينية، قوة إلى قوتها، عبر اجتماع أفراد العائلة على الموائد الرمضانية، في البيوت الفلسطينية على اختلاف مستوياتها المعيشية.

ويطلق الفلسطينيون على تلك الموائد الرمضانية التي تنتشر في حارات وبيوت المحافظات الفلسطينية “فقدة رمضان”، تنتشر خلالها البسمة والفرحة على وجوه الأسر وأطفالهم.

وتعد “فقدة رمضان” أحد الطقوس التي يتميز بها شهر رمضان المبارك، مشهدًا من مشاهد العزائم والولائم التي تنتشر في هذا الشهر، والتي يتخللها دعوة الأهل والأقارب للإفطار عند رب العائلة أو أي فرد آخر، في رسالة سامية عن قوة صلة الرحم والتماسك الاجتماعي.

مراسل المركز الفلسطيني للإعلام” حاور عدداً من أهالي محافظة نابلس، التي تنتشر هذه الطقوس بين حاراتها وبيوتها العامرة بأهلها، وكرمهم فيما بينهم.

المواطن رائد فتيان وصف خلال حديثه لمراسلنا “فقدة رمضان” بأنها من أجمل عادات أهالي مدينة نابلس خلال شهر رمضان المبارك، موضحاً أنها عبارة عن زيارة الأب والأبناء والأعمام والأخوال بناتهم وتقديم الهدايا لهن في رمضان سواء كانت حلويات أو مكسرات وفواكه وملابس ومجوهرات وغيرها.

من جانبها ترى الحاجة أم العبد الخاروف، والتي تسكن البلدة القديمة من نابلس، بأن عادة فقدة رمضان هي جزء أصيل من العادات النابلسية خلال شهر رمضان المبارك.

وقالت الحاجة أم العبد لمراسلنا إن “فقدة رمضان” من العادات والتقاليد المرتبة في الشهر الفضيل، وأنا أتذكر مشهد جدي ووالدي قبل عشرات السنوات وهم يفقدون أرحامهم  في كل شهر رمضان مقدمين لهم آنذاك المؤن والأموال وقطع القماش في بعض الأحيان”.

وأضافت “بات التوجه اليوم لدى الجزء الأكبر من الرجال بأن يقدم المال للأرحام بدلا من تقديم المواد التموينية أو أي هدايا  ثمينة أخرى”.

غرس الفكرة في نفوس الأجيال
ويؤكد الحاج زاهي العنبتاوي بأن “فقدة رمضان” هي رسالة للتأكيد على أهمية صلة الأرحام، وغرس تلك الفكرة في نفوس الأجيال، وزيادة الأجر خلال الشهر الفضيل.

الداعية والشيخ الدكتور سعيد دويكات أكد خلال لقائه مع “المركز الفلسطيني للإعلام” بأن عادة فقدة رمضان هي تعبير حي وواضح عن معنى صلة الرحم، والإسلام يشجع كل فعل أو ممارسة تدعم حكما شرعيا وتلتقي معه، على حد قوله.

ويقول دويكات: “فقدة رمضان هي دعوة صريحة للتأكيد على صلة الرحم التي نادى بها ديننا الإسلامي الحنيف إلى جانب كثير من المعاني الروحانية خلال الشهر الفضيل المطلوب أصلا فيه صلة الرحم”.

وحذر دويكات بأن تتحول تلك العادة إلى عبء على البعض قائلا: “إذا أصبحت فقدة رمضان مصدر قلق لبعض الأسر نتيجة عدم القدرة للرجال فيها على تقديم الفقد لأرحامهم واضطرارهم إلى الاستدانة من أجل ذلك فإنها خرجت عن المعنى الروحي والشرعي لها، وهنا الإسلام ضد جلب الضرر لأي إنسان على حساب مطلب آخر”.

تكافل الأسر
من جانبه أكد الأستاذ مخلص سمارة، المختص في القضايا المجتمعية، أن فقدة رمضان عادة جميلة تحمل في طياتها الكثير من المعاني التربوية والاجتماعية، قائلاً: “فقدة رمضان فيها التكاتف والتعاون والشعور بالآخرين علاوة على  التكافل الاجتماعي”.

والجميل بفقدة رمضان، وفق قول سمارة، بأن “فيها دروسًا وعبرًا للجميع؛ فهي رسالة تكافل بين الأسر ودليل قوتها، وفيها معاني للقدوة والتقاليد، ولاسيما للأطفال الصغار الذين يشاهدون كبار عائلاتهم من الرجال يصلون أرحامهم، ويغدقون عليهم من  الحنان والهدايا”.

وختم سماره: “فقدة رمضان تستمد قوتها أولا من كونها تستلهم أنوارها من ديننا الإسلامي ومن ثم من قوة المعاني الاجتماعية والتربوية، والأثر الذي تتركه على  نفوس النساء”.

 

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات