الإثنين 05/مايو/2025

شارع الشهداء .. رحلة الخوف قبيل ساعات الإفطار

شارع الشهداء .. رحلة الخوف قبيل ساعات الإفطار

كانت الساعة تشير إلى الثالثة والنصف عصرا عندما استوقف جنود الاحتلال الحاج محمد أبو عيشة (63 عاماً)، وهو يحمل بين يديه طبقا من القطايف (حلويات) وبعض الحاجيات محاولا الوصول إلى منزله الكائن في حي تل الرميدة.

بكلمات تمتزج فيها الحروف العربية بالعبرية، صرخ الجندي ممسكا بسلاحه على البوابة العسكرية على مدخل شارع الشهداء: توقف .. ارفع يدك .. ضع كل الحاجيات على الأرض .. ارفع ملابسك.

لم يكن أمام الحاج أبو عيشة سوى الاستجابة لأوامر الجندي، فهذه التعليمات إن لم تنفذ قد تكون سبيلا لالتقاط الأنفاس الأخيرة.

يصوب الجندي بندقيته نحو أبو عيشة ويسأله: ماذا تحمل؟ فيرد أبو عيشة باستهزاء وهو غاضب: شو بأحمل .. هو أنا حامل برن (رشاش إنجليزي)، هذا طبق قطايف، وهذا الكيس فيه حاجات أخرى.

يعاود الجندي صراخه على الحاج أبو عيشة قائلا: افتح الطبق والكيس وضع ما فيه على الأرض، فيرد أبو عيشة بالقول: حسبنا الله ونعم الوكيل، أين أضعهم؟ على التراب؟ فيعاجله الجندي بالتهديد: حطها وإلا بطخك!.

يخرج الحج أبو عيشة كل ما بحوزته من حاجيات.. ويضعها على كيس من النايلون، بينما يستمتع الجندي بنظراته الساخرة إلى الحاج.

بعد عناء وتعب ووقت من الزمن، يسير أبو عيشة مستكملا طريقه إلى البيت، إلا أن هذا المسير لا يمكن أن يتم دون المرور بحاجز ثان لجنود الاحتلال على مدخل منزله المعروف بحاجز الرميدة، ليخضع لنفس التجربة على الحاجز الأول.

يتحدث أبو عيشة مع مراسل “المركز الفلسطيني للإعلام”، بالقول: “والله يا عمي احنا بنعيش رحلة عذاب لا يعلمها إلا الله .. تصور في رمضان مرات كثيرة يحتجزوننا بشارع الشهداء ويتركوننا ساعات دون فتح البوابة حتى أذان المغرب، والأهل والأولاد ينتظروننا على مائدة الإفطار، فنصل البيت ما بين المغرب والعشاء .!

ويضيف أبو عيشة: “احنا يا عمي ما حد شاعر بألمنا ووجعنا .. وين المسؤولين وصناع القرار .. والله عمرنا ما تناولنا لقمة هنية في رمضان .. إما بكونوا حاجزين الأولاد أو البنات أو الضيوف!! هذه هي عيشتنا التي لا يستوعبها أي إنسان”.

يواصل أبو عيشة حديثه فيقول: “هناك رحلة ثانية، رحلة الصلاة في رمضان؛ حيث نخرج لصلاة الفجر قبل نصف ساعة من الأذان، علما بأن مسجد الرحمة لا يبعد عنا مشيا على الأقدام سوى ثلاث دقائق .. لكن يا حسرة، مرات كثيرة نصل المسجد والصلاة أقيمت لأننا محتجزون للتفتيش، وكذا الحال صلاة التراويح التي تكلفنا ساعة ونصف ساعة انتظار على الحاجز”.

أصعب مشهد يؤلم أبو عيشة يوم دعوته أبناءه وأحفاده وبناته وأرحامه للإفطار عنده في رمضان، فيقول: “وضعنا المائدة فحضرت ابنتي بصعوبة، وأعاد الجنود زوجها ولم يسمحوا له بالدخول، وحضر زوج شقيقتي، فيما أعادوا شقيقتي بحجة أن اسمها غير مسجل على الحاجز .. فيما وصل شقيقي للبيت لتناول طعام الإفطار، لكن أبناءه حسن وخليل احتجزهم الجيش على الحاجز لمدة ساعتين وهم صيام، وأطلق سراحهم بعد صلاة التراويح”.

ويختتم أبو عيشة حديثه قائلاً: “احنا عارفين ليه كل هالنكد والعذاب .. بدهم يهجرونا .. لكننا والله لن نترك هذا المكان وسنبقى شوكة في حلوقهم”. 

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات