عاجل

الأربعاء 03/يوليو/2024

الجريح النجار.. بـنصف جسد يصنع الحياة

الجريح النجار.. بـنصف جسد يصنع الحياة

بترقب وحذر يزحف على الأرض بنصف جسد، ليبدأ مشواره متنقلا بين سنابل القمح الذهبية في همة وعزيمة وإصرار، بعد أن حان موعد حصاد القمح، وبدأت سنابله تميل للأسفل مثقله بحملها.

وفي أرض لأقربائه على الحدود الشرقية لمنطقة خزاعة شرقي خانيونس جنوب قطاع غزة، يخرج الجريح لؤي النجار (28 عاما) مع ساعات الصباح مستقلا دراجته النارية ذات الثلاث عجلات لمساعدتهم في حصاد محصول القمح والشعير.

وبعد أن خلع أقدامه الاصطناعية، وتركها في المنزل كونها تمثل عائقًا له أثناء العمل، يبدأ الجريح لؤي عمله رفقه أحد أقربائه بإرادة لا تعرف المستحيل، جاعلاً هذا الشعار نبراسَ حياة له.

رحلة علاج
وكان النجار الذي يعيل أسرته المكونة من 5 أطفال، تعرض لإصابة من طائرة صهيونية، أفقدته قدميه عام 2009، بعد أن حاول إنقاذ حياة إمرأة مصابة من البلدة تعرضت لاستهداف أمام عينيه.

وانتقل الجريح لؤي إلى مصر، ومن ثم إلى السعودية في رحلة علاجية، استمر على إثرها مدة 25 يوما في غرفة العناية المكثفة، ليكتب له القدر العودة للحياة من جديد.


الجريح النجار أثناء حصاد القمح

مغامرات محط دهشة
ويخوض الشاب العشريني مغامرات عديدة تجعله محط دهشة واستغراب من العديد من أهالي البلدة؛ حيث يقوم وهو مبتور القدمين بأعمال شاقة مثل: أعمال البناء، وقطف الزيتون، مرورًا بحصاد القمح والشعير والعدس، وكذلك أعمال أخرى.

ويشارك النجار في أعمال الحصاد دون الحصول على أجر مادي، وإنما يقوم بمثل هذه الأعمال بشكل تطوعي، مفتخرًا بكل ما يقوم به من خدمة لأقاربه وجيرانه.

ويمسح لؤي حبات العرق التي تصببت عن جبينه بيده التي تشققت بفعل الأشواك، متنقلا داخل محصول القمح الذي يقابله برج عسكري صهيوني يوجه بنادقه الآلية صوب أراضي المزارعين ومنازلهم.

وتطلق الأبراج العسكرية النار عشوائيًّا في بعض الأحيان، لتجبر المزارعين على العودة إلى منازلهم والتوقف عن العمل في أراضيهم.


الجريح النجار في إحدى الأراضي شرق خانيونس

الإيجابية والسعادة
ويرى لؤي الذي يتحدث لمراسلنا أن الإعاقة هي إعاقة العقل، وليس الجسد، مشيراً إلى أنه ينظر للحياة بإيجابية وسعادة؛ كونه كتب له القدر هذه الحالة.

ويعد نفسه أسعد إنسان في العالم عندما يقوم بمثل هذه الأعمال، مرددا عبارات الحمد والشكر طيلة فترة حديثه عن وضعه الحالي.

وأنهى النجار دراسته الجامعية عام 2015، حيث حرص على إكمال تعليمه الجامعي، وتخرج في الجامعة الإسلامية بغزة متخصصًا في التاريخ والجغرافيا، موضحاً أنه يمارس حياته بشكل طبيعي مع أهل بيته وجيرانه وأصدقائه الذين يستعينون به أثناء الحاجة.

وينصح الشاب المعاق كل إنسان يعاني من الإعاقة أن يسير على الطريق نفسها التي سلكها؛ وهي أنه لا إعاقة سوى في العقل، مشدداً على ضرورة التسلح بالإيمان بالله للتغيير نحو الأفضل والأحسن.


null
ull

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات