الخميس 26/سبتمبر/2024

تحت مقصلة الفقر والحصار.. سماعة أذن واحدة لثلاثة أطفال

تحت مقصلة الفقر والحصار.. سماعة أذن واحدة لثلاثة أطفال

أن تكون مقيمًا في قطاع غزة بحد ذاته حكاية لوحدها.. ولكن الحكاية الأغرب هي أن تمارس الحياة فيها رغمًا عن كل ما تواجهه وتعانيه، غير مبال بما يحدث لها من حصار ومؤامرات وتركيع.

“مؤمن” و”معتصم” وأختهم الكبرى “نور”.. ثلاثة أشقاء يعانون من ضعف السمع.. يتبادلون سماعة أذن واحدة من أجل التعليم والتعلم، نتيجة فقر مدقع تواجهه العائلة التي تقطن في بلدة بني سهيلا شرقي خانيونس جنوب قطاع غزة.

ظروف الحصار والإغلاق حالت دون وصول سماعات خاصة لفئتهم من مصر إلى قطاع غزة، إلى جانب ظروفهم المعيشية الصعبة.

أوجاع الحصار

تبدأ الحكاية عندما يستيقظ مؤمن من نومه ليذهب إلي “مركز بسم” للتأهيل السمعي” بجمعية إعمار للتنمية والتأهيل، فيجد شقيقه الأكبر منه معتصم قد ارتدى سماعة أذنه بسبب عطل في سماعته.

وفي بعض الأحيان يجلس معتصم ومؤمن في البيت ولا يتوجهون لمدارسهم الخاصة بضعاف السمع، بسبب تعطل المعينة السمعية خاصتهم، منتظرين قيام والدهم -العاطل عن العمل- بإصلاحها في حال توفرت له الظروف.

هي حكاية غريبة، بل وقد تكون نادرة من حيث حدوثها.. عندما تجد عزيزي القارئ نفسك أمام مجموعة من الأطفال أجبرتهم الظروف على القبول بواقع مرير فرض عليهم، بسبب جور قريب يريد أن ينغص عيشهم، أو لعله القدر الذي كتب عليهم أن يكونوا  سكان سجن كبير يسمى غزة.

ويعاني الأطفال الثلاثة من ضعف في السمع، منذ بداية ولادتهم نتيجة عامل وراثي في العائلة.

نور.. الأخت التي تبلغ من العمر 18 عامًا، ترفض ارتداء المعينة السمعية “السماعة” خلال خروجها من المنزل لأنه يؤثر على حالتها النفسية، الأمر الذي أثر على تحصيلها العلمي وخروجها من المدرسة الخاصة التي كانت تلتحق بها.

شهيدتان في الحرب

لم تقف هموم العائلة على حالة أبنائها الثلاثة فقط، بل زادت مع استشهاد اثنتين من بناتها خلال الحرب الأخيرة على قطاع غزة، بعد استهداف بالقرب من مكان سكنهم.

لم تعلم الطفلة الصغيرة أن زيارتها لشقيقتها المتزوجة سيؤدي إلى فقدان حياتهما معًا نتيجة صاروخ غادر يقطف أرواحهما ويترك الحسرة والألم في نفوس العائلة.

هذه الحادثة تسببت في حالة نفسية صعبة لدى مؤمن وشقيقه معتصم، أثرت على تحصيلهما العلمي، ما استدعى إعطاءهما جلسات نفسية طارئة تؤهلهما للخروج من هذه الحالة.

معاناة التعليم

فداء سرداح، أخصائية تأهيل سمعي في “مركز بسمة للسمعيات والتخاطب”، والمشرفة على حالة مؤمن، شرحت المشكلة التي يعاني منها خلال عدم إحضاره لسماعة الأذن خاصته.

وأوضحت، خلال حديثها لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“، أن مؤمن، الذي يبلغ من العمر 9 أعوام، قد التحق بالمركز قبل حوالي ثلاث سنوات، مشيرة إلى أنها تعاني في إيصال المعلومة له في حال عدم إحضاره للمعينة السمعية.

وتقول سرداح: “نتيجة ضعف السمع الشديد الذي يعاني منه مؤمن وأشقاؤه فإنه يجب عليهم ارتداء سماعة لكل شخص منهم من أجل دمجه مع البيئة المحيطة به”.

وأشارت سرداح إلى أن استعمال السماعة من قبل الأطفال الثلاثة يسبب مشكلة في التواصل والتخاطب، خاصة أنه يجب ان تتوافق هذه السماعة مع الضعف الموجود لديهم وبرمجتها حسب نسبة السمع لكل منهم على حدة.

وطالبت الأخصائية بضرورة توفير المساعدة للأطفال، كونهم يحتاجون لمعينات سمعية متطورة وجديدة، خاصة أن السماعة التي يرتدونها غير مناسبة للاستخدام.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات