الخميس 01/مايو/2025

مخيم دير البلح.. حياة الزقاق بانتظار العودة

مخيم دير البلح.. حياة الزقاق بانتظار العودة

بعضهم يتحاشى المرور من أزقته التي يبلغ عرضها (60) سم، وهو في طريقه إلى منزله، وآخرون يفضلون اختصار المسافات وسلوك الأزقة خلال تنقلهم بعد أن اعتادوا الحياة القاسية فيه دون مياه شرب صالحة أو طرق ملائمة للمشاة والمركبات.

ويعد مخيم دير البلح أصغر مخيمات اللاجئين في قطاع غزة، ويقع على شاطئ البحر المتوسط غرب مدينة دير البلح، وقد سكن اللاجئون الفلسطينيون المهجرون من أرضهم سنة (1948) في خيام فوق أرضه تطورت لمنازل طينية ثم (أسبست) وصفيح.


null

ويبلغ عدد سكان المخيم (16500) نسمة حسب إحصائية بلدية دير البلح عام (2017)، فوق مساحة تقدر  بـ(252) دونما، وقد رحل مئات السكان منه في السنوات الأخيرة؛ بحثاً عن ظروف حياة أفضل.

ويعاني السكان من الفقر وارتفاع نسبة البطالة التي تفاقمت بسبب الحصار المفروض على غزة، فيما تعد مشكلة مياه الشرب وأزمة الكهرباء والصرف الصحي وضيق الشوارع من أهم صور المعاناة في المخيم.


null

خدمات ضرورية
في مكتب عبد الله نصر الله، مدير بلدية دير البلح، لا ينقطع وصول الموظفين الراغبين في الحصول على توقيعه لتسهيل مهمات لسكان المدينة والمخيم.

 


عبد الله نصر الله

يؤكد نصر الله أن مخيم دير البلح عانى تاريخياً من مشكلة شحّ المياه التي زادت أزمة الكهرباء الحالية من صعوبتها، وخاصةً الجهة المرتفعة في معظم المخيم.

ويضيف لمراسل “المركز الفلسطيني للإعلام“: “ارتفاع منسوب المخيم يؤثر على عمل مضخّة الصرف الصحي، وكذلك المياه، ويتسبب في تسديد الخطوط، وقد زودتنا وكالة الغوث بآلية لحل هذه المشاكل، ولدينا مخطط لتوسع شارع المخيم”.

مسئول النظافة
ويمتلك وليد أبو شعيب (56 عاما) مسئول خدمات النظافة في البلدية تفاصيل قديمة وجديدة عن أحوال المخيم الذي تشرف (أونروا) على نظافته وجمع نفاياته، وتتقاطع معها أحياناً البلدية في ذلك.

ويتابع: “نقدم خدمة الصرف الصحي والمياه ونظافة السوق، ونقوم بالصيانة لنكمل دور أونروا في تلك الخدمات، وقديما كانت دورات المياه في الشوارع، وقنوات الصرف الصحي تسيل على الشاطئ، أما الآن فمعظم القنوات لتصريف الأمطار”.


وليد أبو شعيب


بالنسبة لسكان مخيم دير البلح يعد شاطئ البحر الذي التهمت ملوحته أجزاءً من نوافذ وأبواب منازلهم الحديدية المتنفس الوحيد الذي يهربون إليه من ضيق العيش وحرارة الطقس في أزمة الكهرباء.

مختار المخيم

على أطراف المخيم يقع منزل أشهر وجهاء مخيم دير البلح، المختار سعيد إسماعيل الهبّاش (72 عاما) الذي بناه عقب انتهاء عمله مدرسًا في المملكة العربية السعودية.


المختار سعيد الهباش

يمتلك المختار تأثيراً خاصاً على جلسائه؛ فهو علاوة على دماثة خلقه وسعة ثقافته التي اكتسبها من عمله مدرسًا بمؤهل ماجستير كيمياء مبيدات يجمع بين دفتي كلامه ذكريات النكبة وكثيرًا من تفاصيل الحياة في المخيم.

ويقول: “كان مخيمنا بعد وصولنا من قرية الجورة منازله من الطين، ونرممه بالزفتة، ثم طورناه للقرميد ،وكانت الغرف صغيرة لا تتسع ليمد الرجل ساقيه، ثم زاد السكان فتوسعت البيوت على حساب سعة الشوارع”.

ويتابع: “تقدمت البيوت وضاقت الشوارع لدرجة لو مات أحدهم لم نكن نستطع إخراجه إلا على الأعناق بصعوبة، والمدخل الشمالي للمخيم ضيق جداً، وأسميه عنق الزجاجة، واليوم لو تقابل اثنان بسيارتيهما لا يتمكنان من المرور إلا إن تراجع أحدهما”.

وبإمكان المارّة في أزقة مخيم دير البلح سماع الحوارات العائلية؛ فمن زمن طويل والنوافذ منخفضة والجدران متلاصقة والأزقة وصل بعضها إلى (60) سم، وهو ما أفقد الأسرة خصوصيتها.


null

ولسنوات طويلة تركّزت معاناة المخيم في خدمة المياه والصرف الصحي، وقديماً كانت الشوارع واسعة، وكانت (الأونروا) تقدم خدمة النظافة بعد تخصيص أماكن لجمع القمامة لكن زيادة السكان وضيق الشوارع زاد من صعوبة المهمة.

ويقول الهبّاش: “كنا نملأ المياه في الجرار؛ فالاستهلاك كان قليلا، ومن بعده الصرف الصحي قليلا، وكانت الأونروا تقدم خدمة التموين لكل فرد، لكنها الآن قلّصت الكثير من خدماتها” .

وأجرى مراسلنا لقاءه مع المختار الهبّاش فور عودته من لقاء بمسئول (الأونروا) ضمن وفد من وجهاء دير البلح طالبوا فيه بتحسين الحياة في المخيم، ووعدتهم (الأونروا) بتوفير مناطق خضراء وشوارع واسعة، وتعويض من سيفقدون منازلهم في التوسعة المقترحة”.

دخول المخيم في ظلام دامس في ظل أزمة الكهرباء يذكّر الهبّاش بسنوات اللجوء الأولى، وإن كان ارتفاع المنازل وضيق الشوارع جعل الحال أسوأ، فقد كان قديماً ظلام في وجود تهوية، لكن اليوم ظلام في مشهد أسوأ وتهوية منعدمة.

ويضيف: “كان جيش الاحتلال مدرّبا جيداً، و7 جيوش عربية غير مدربة، وذاعت إشاعة أن بعض السكان باع أملاكه، والحقيقة أن من باع عدد قليل من السوريين واللبنانيين بحكم اضطراب الأحوال، فعزز الاحتلال الإشاعة، وتذرعوا بهجوم الجيوش العربية، واتخذوا من يوم النكبة يوم تحرير من تلك الجيوش”.

وحتى اليوم لا يزال مشهد جنود الاحتلال وهم يعدون خلف الشبان في أزقة مخيم دير البلح عالقاً في ذهن المختار الهبّاش أيام الانتفاضة الأولى، وهو يملك رؤية سياسية لما جرى في نكبة فلسطين.


null

null

null

null

null

null

null

 

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات