الإثنين 05/مايو/2025

اردوغان وإسرائيل تطبيع غير طبيعي

صلاح الدين العواودة

عودة التصعيد بين الرئيس التركي و”إسرائيل” رغم اتفاق المصالحة في حزيران الماضي.

الرئيس التركي يثير غضب قيادة الاحتلال عقب تصريحات له بمؤتمر القدس، الذي عقد الاثنين 8-5-2017 في إسطنبول. 

قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إنّ “القدس هي أولى القبلتين ومدينة الأنبياء، وهي شرف وعزّ كل المسلمين”.

وأوضح في كلمة ألقاها خلال مشاركته في الملتقى الدولي لأوقاف القدس الذي ينعقد بمدينة إسطنبول، أنّه على “المسلمين كافة الإكثار من زيارة القدس والمسجد الأقصى”.

وتابع أنه “انطلاقاً من معتقداتنا ومسؤولياتنا التاريخية المتوارثة، فإننا نولي اهتماماً كبيراً للقدس وقضيتها ولكفاح إخوتنا الفلسطينيين من أجل العدل والحق، ونبذل جهوداً مضاعفة لجعل القدس مدينة الأمن والاستقرار والسلام مجدداً”.

بدورها، عقبت صحيفة “يديعوت أحرونوت”، عبر موقعها بالقول إن الرئيس التركي يقول إن وجود القدس تحت الاحتلال يعدّ إهانة لكل المسلمين، كما أن العالم الذي يغض الطرف عن المجازر التي تقوم بها “إسرائيل” يشجعها على الاستمرار بها.

ردا عليه قالت وزارة الخارجية: (إن من ينتهك حقوق الإنسان بشكل ممنهج في بلاده عليه أن لا يقدم لنا المواعظ في الديموقراطية وحقوق الإنسان للديموقراطية الحقيقية الوحيدة في المنطقة، وإن إسرائيل تحفظ حرية العبادة كاملة للمسلمين والنصارى واليهود في القدس، وأنها ستستمر في ذلك رغم التهم التي لا أساس لها كما نص تصريح الوزارة). 

كما أنه انتقد قانون المؤذن قائلا أن من العار أن يتم نقاش مثل هذا القانون في الوقت الذي يتحدثون فيه عن الحريات وذكرت الصحيفة نقلا عن صحيفة حريت التركية أنه قال إن قادة الاحتلال اذا كانوا مؤمنين حقا بدينهم فلماذا يخشون من صوت المؤذن، مضيفا أن صوت الأذان سيبقى في سماء القدس ولن يستطيع أحد أن يسكته، ولن نسمح لأحد أن يسكته، ونقلا عن وكالة الأناضول التركية قالت الصحيفة إن أردوغان طالب الأتراك بزيارة القدس بمئات الآلاف دعما لإسلاميتها، وعدّ ذلك أكبر دعم للإخوة (الفلسطينيين) هناك على حد قوله. 

كما اتهم “إسرائيل” بالتمييز ضد الفلسطينيين والعنصرية وأضاف أن الحصار على غزة لا مكان له في الإنسانية، وأكد أن إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس هي طريق السلام. 

من جهة أخرى وصف وثيقة حماس السياسية بالخطوة المهمة.
 
وكتب ايتامار ايخنر تحت عنوان (مصالحة على طريقة أردوغان) إنه في الوقت الذي سجل تقدم في مجالي الغاز والسياحة قرر أردوغان مهاجمة “إسرائيل” وبغلظة.

من جهة أخرى ترى أطراف في القدس أن هجوم أردوغان جاء كرسالة موجهة لحماس.
 
وأن هذا الهجوم على “إسرائيل” جاء مفاجئا ودون أي إنذار مسبق، وأن العلاقات بين البلدين كانت تسير على نار هادئة وتتقدم، وأن مدير عام وزارة الخارجية فد زار أنقرة في كانون الثاني الماضي، وأن السفير “الإسرائيلي” في أنقرة يلتقي القيادة السياسية بسهولة ودفء بكل المستويات، كما أن السفير التركي كمال اوكم تأقلم جيدا في “تل أبيب” ويلتقي بوزراء.
 
وقال آيخنر أنهم في القدس فوجئوا من هجوم الرئيس التركي لكن قد يكون هذا الهجوم مرتبط بامتعاض الأتراك من تعاطف “إسرائيل” مع القبارصة أثناء نقاش خط الغاز الذي يمر من المياه الاقتصادية لهم؛ فإسرائيل ليست مستعدة للإضرار بالقبارصة، والأتراك ليسوا مستعدين للتعاون في هذا المجال.

ففي الشهر الماضي وقّع وزراء الطاقة من “إسرائيل” وقبرص واليونان والاتحاد الأوروبي على إعلان مشترك لمدّ أنبوب غاز طبيعي تحت البحر هو الأطول في العالم بين “إسرائيل” وأوروبا.

وقال المدير العام لوزارة الطاقة “الإسرائيلية” شاؤول ميريدور قبل أسبوعين: إنّ “إسرائيل” تدرس إمكانيات تصدير مختلفة ولكن الصفقة مع اليونان أو دولة أخرى لا تُلغي إمكانية الاتفاق مع بلاد إردوغان، فتركيا عبّرت عن اهتمامها بالغاز الإسرائيلي حتى تُنوّع مصادرها وتحصل على غاز بجودة عالية من “إسرائيل”.

كما قال أن خط الغاز تحت البحر بين “إسرائيل” وتركيا والذي يبلغ طوله 550 كيلومتراً يكلف اثني مليار دولار، وسيغطيها القطاع الخاص كما قال ميريدور في مؤتمر الطاقة في إسطنبول، وفي المقابل لقد زار “إسرائيل” في الشهر الماضي نائب وزير الطاقة التركي كي يدفع بهذا الاتجاه.

آثار المصالحة بدت أيضاً في مجال السياحة ففي عام 2016م زار تركيا ثلاثمائة ألف إسرائيلي ويشكل ذلك ارتفاعاً بنسبة 31% مقارنة مع السنة الماضية، رغم أنّ هذه الأرقام ليست كبيرة مقارنة بتلك قبل حادثة مافي مرمرة، إلا أنّ هناك زيادة في نسبة الإسرائيليين الذين يستجمّون في تركيا.

حضر وزير السياحة التركي نابي أفجيي عرضاً سياحياً في “إسرائيل” في شهر شباط الماضي وأعرب عن أمله بأن يأتي إلى تركيا ستمائة ألف سائح إسرائيلي سنوياً، ومنذ بداية هذه السنة هناك زيادة ملحوظة في نسبة السياح الإسرائيليين الذاهبين إلى تركيا.

* إذن ما الذي دفع إردوغان إلى هذا الهجوم في هذا الوقت بالذات!؟

يرى “إسرائيليون” أنّ الرئيس التركي الذي ضبط نفسه منذ اتفاق المصالحة حيث كان معتاداً على انتقاد “إسرائيل” بغلظة كما فعل ليس فقط بعد الحرب على غزة عام 2014 عندما ساوى بين “إسرائيل” والنازية بل قال إن “إسرائيل” فاقت النازية بمائة ضعف. وسبق تصريح له عام 2011 عندما تساءل لماذا تفرض عقوبات على إيران ولا تفرض على “إسرائيل”، بدأ يشعر بأنه قادر على كل شيء كديكتاتور تقريباً ويريد أن يكتسب سلطات دينية عُليا، وأنّ هذا المؤتمر – مؤتمر الوقف الدولي – جعله يشعر بنشوة دينية بعد أن أدرك أنّ أوروبا قد أغلقت أبوابها في وجهه، وهو بذلك يعود لوظيفته كرئيس لكل المسلمين.

تفسير آخر يرجّحه مسؤولون كبار في القدس وهو أنّ إردوغان أراد أن يرسل رسالة إلى حماس حول ثقله الكبير في القضية الفلسطينية، وأنه يستطيع أن يكون حليفهم، وربما ينبع ذلك أيضاً من قلق أردوغان الذي يرى نفسه حليفاً لحماس من مبادرة #ترمب الذي عانق الرئيس عباس وقرّبه على حساب حماس.

كما ويمكن عدّ تصريح إردوغان اليوم استمراراً لتصريحاته القاسية ضد “إسرائيل” وقت الجرف الصامد (حرب 2014) عندما قال إنّ “إسرائيل” تقوم بإبادة شعب منذ أن تأسست، بل وساوى بين وزيرة القضاء الإسرائيلية أييلت شكيد وبين ادولف هتلر.

#اردوغان #التقارب_الاسرائيلي_التركي

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات