الأحد 23/يونيو/2024

إعفاءات عباس .. كرم مصطنع وجباية جديدة لخزينة السلطة

إعفاءات عباس .. كرم مصطنع وجباية جديدة لخزينة السلطة

لم تيأس السلطة بالضفة، من محاولات خنق غزة، بهدف جلبها لـ”بيت الطاعة” بشتى الأساليب؛ فمرسوم يتلوه قرار أو فرمان، آخرها إعفاء سكان القطاع من دفع الضرائب ورسوم الخدمات.. “كرم مصطنع” يحرم المؤسسات الحكومية من الدخل الذي يضمن الحد الأدنى من استمرارها، مع استثناءات تحلب القطاع؛ صبًّا في صالح موازنة رام الله.

الفرمان الجديد جاء على شكل قرار بقانون أصدره رئيس السلطة محمود عباس، استمرارًا لنهجه في تهميش المجلس التشريعي والتعدي على صلاحياته التشريعية؛ لخدمة أغراض سياسية خاصة بخلاف أصول التشريع الدستورية.

ونصّ القرار الذي كشف عنه قبل أيام بعدما صدر بصمت في 20 أبريل/ نيسان الماضي، على إعفاء المواطنين والمكلفين في المحافظات الجنوبية (قطاع غزة) من دفع الضرائب ورسوم الخدمات التي تقدمها وزارات ومؤسسات وهيئات دولة فلسطين بما فيها الخدمات التي تقدم لأول مرة، وهو ما بدا “كرمًا مصطنعًا” ممن لا يملك؛ بهدف تقويض التحصيل الضريبي بغزة، فيما جاءت استثناءات القرار لتثبت “جشع السلطة” وتفتح المجال لجباية جديدة لماليتها بالضفة.

محاصرة الموارد المالية لغزة
ويوضح المحلل الاقتصادي سمير حمتو، أن القرار خطوة للتضييق على الموارد المالية لقطاع غزة وعدم تمكين اللجنة الإدارية في القطاع من تسيير الأمور في الوزارات، فضلا عن التزاماتها تجاه موظفيها.

وترفض السلطة دفع موازنات تشغيلية للوزارات العاملة بغزة، أو دفع رواتب أكثر من 40 ألف موظف يديرون الحياة في القطاع منذ عام 2007، فيما يجرى توفير هذه الموازنات من عائدات الرسوم والضرائب التي تجمعها وزارة المالية بغزة.

استثناء يفضح الازدواجية والجشع
مرسوم الإعفاء الضريبي هو تطوير أو تعديل لمرسوم سابق أصدره عباس في يونيو/حزيران (2007) في حقبة سلام فياض، حين أعفى سكان غزة، من ضريبة الدخل والقيمة المضافة، باستثناء الشركات الكبرى الثلاث عشرة العاملة في القطاع؛ للغاية ذاتها (حرمان الحكومة بغزة من العائدات الضريبية).

الجديد في المرسوم جاء بخلاف “الكرم المصطنع”، استثناء؛ يسهل التحصيل الضريبي لموازنة السلطة، ما غفل عنه القرار الأول.

فقد نصّ القرار على استثناء ضريبة الدخل على الشركات والأفراد، وعمليات الاستيراد للبضائع من الخارج وعمليات الشراء والبيع بموجب فواتير المقاصة، وضريبة الأملاك المترتبة على المباني المؤجرة للحكومة أو منظمة التحرير ومؤسساتها أو الهيئات العامة أو الأهلية والدولية، ورخص المهن للشركات المرخصة في المحافظات الجنوبية وتمارس عملا في المحافظات الشمالية، وهي ضرائب يمكن جبايتها مباشرة لخزينة السلطة بالضفة.

ويؤكد الخبير الاقتصادي نهاد أبو غوش أن هذا الاستثناء يمكن خزينة رام الله من تحصيل الضرائب من 13 شركة كبرى تعمل في قطاع غزة تتمثل في (البنوك، الاتصالات، جوال، محطة التوليد، شركات التأمين وغيرها)، والتي تصل تحصيلاتها أكثر من 53 مليون دولار سنويا.

وبشكل فعلي، بموجب التعديل الجديد، ستجبي السلطة بشكل مباشر ضريبة الدخل من موظفي القطاع الخاص والشركات والمنظمات الأهلية؛ كونها تتحكم في حركة تنقل الأموال عبر البنوك من خلال سلطة النقد، ما يعني إضافة ملايين جديدة لموازنة السلطة من غزة في وقت تقلص هي من مدفوعاتها إليها في بند الموظفين وقطاع الصحة (الأدوية).

ويشير أبو غوش إلى أن المرسوم أكد استثناء ضريبة المقاصة من الإعفاء بعد أن أصبحت مطلبًا لغزة وتحت المجهر، والتي بموجبها تحصّل خزينة رام الله ضرائب على مشتريات قطاع غزة من الاحتلال.

إعفاء الخدمات
المفارقة في المرسوم الجديد، أنه اشتمل في الإعفاء إلى الضريبة، رسوم الخدمات، ليوسع من مجال محاصرة الوزارات بغزة، ويدفع نحو حالة من التوتر مع المواطنين المراجعين للوزارات لتحقيق خدمات معينة.

ويوضح الخبير الاقتصادي عمر شعبان في حديثه لمراسل “المركز الفلسطيني للإعلام“: أن المرسوم الأول لم يدخل حيز التطبيق حين صدر عام (2007)، وقد تركّز في مجال الضريبة.

وأشار إلى أن “المرسوم الجديد طال رسوم الخدمات، وليس الضريبة فقط”، مؤكدًا أنه من المستحيل أن تكون خدمة دون مقابل، وتطبيقه غير منطقي، وقرار الإعفاء يخلق توترات اجتماعية بين الفرد والمؤسسة الحكومية”.

الطريف أنه في الوقت الذي ينادي القرار بإعفاء سكان غزة من الضريبة والرسوم، تستمر فيه السلطة بجباية رسوم مقابل خدمات لهم تصدر من الضفة، مثل إصدار أو تجديد جوازات السفر، أو معادلة الشهادات وغيرها من المعاملات؛ ما يكشف زيف الكرم تجاه غزة، وأن الأمر لا يعدو أكثر من مناكفة غير قابلة للتطبيق لا أكثر، فضلا عن كونه استمرارًا لحالة التضييق والحصار، وفق الخبراء.

تعزيز للحصار
ويؤكد المحلل السياسي حمزة أبو شنب، في حديثه، لمراسلنا، أن التركيز على تعزيز الحصار من حول غزة، يتجسّد في الأسابيع الأخيرة بخطوات مالية واقتصادية؛ لتأزيم الحياة العامّة وتخفيض إيرادات المؤسسة الحكومية التي ترعى سكان غزة.

ويضيف: “صورة رئيس السلطة ساءت بعد رفع ضريبة الكهرباء، وهو يحاول الآن بطريقة وهمية تجميل صورته وتحريض المواطن على المؤسسة الحكومية بغزة، معتمدًا على مراكمة خطوات تؤذي حماس بغزة”.

وكانت كتلة “حماس” البرلمانية أكدت أن “المرسوم الأخير لرئيس السلطة محمود عباس بشأن الضرائب غير قانوني، وباطل وطنيًّا ودستوريًّا”.

وقالت الكتلة في بيانٍ لها: إن “الأولى بالسلطة إعادة الضرائب التي تجبيها عبر المعابر مع الاحتلال إلى مستحقيها مع ضرورة وقف عباس لتساوقه مع الاحتلال في محاصرة شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة، والكفّ عن سياسة التهديد القذرة”.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات