الإثنين 05/مايو/2025

بلدية نابلس.. أحلام التغيير تراوح مكانها منذ 12 عاما

بلدية نابلس.. أحلام التغيير تراوح مكانها منذ 12 عاما

تشير الإحصائيات إلى أن تعداد سكان نابلس يبلغ هذا العام 153 ألف نسمة، فضلا عن 3 مخيمات رئيسة تقع داخل المدينة، وهي مخيمات عسكر وبلاطة وعين بيت الماء.

ويشكل قطاع التجارة والصناعة النسبة الأكبر من بين الأنشطة الاقتصادية التي تشتهر بها المدينة بما نسبته 41%، وتعد الأشهر بين محافظات الوطن بصناعة الصابون والحلويات النابلسية.

وتعاقب على رئاسة بلدية نابلس في الـ12 سنة الأخيرة، عدلي يعيش منذ 2005 وحتى 2012، ثم غسان الشكعة الذي قاد المجلس ثلاث سنوات حتى 11-8-2015 قبل أن يجبر على تقديم استقالته بضغوط جماهيرية لأسباب ظاهرها أزمة المياه وباطنها خلافات داخل حركة فتح نفسها، ليعين بعدها سميح طبيلة لرئاسة البلدية حتى استقالته مؤخرا بهدف الترشح للانتخابات.

وشهد مجلس بلدية نابلس خلال الخمس سنوات الماضية مشاكل عدة على المستوى الإداري، وذلك بسبب الخلافات بين القائمتين الفائزتين بانتخابات عام 2012، فقد شكلت حركة فتح مع بعض فصائل منظمة التحرير قائمة رسمية لكنها لم تحصل سوى على 5 مقاعد، فيما فازت القائمة المنافسة برئاسة القيادي بفتح، غسان الشكعة، بعشرة مقاعد.

الشكعة والخلاف الفتحاوي
ونشبت الخلافات مبكرا داخل المجلس البلدي بسبب محاولة الشكعة السيطرة على القرارات والصلاحيات كافة، وإبقاء باقي الأعضاء مجرد “ديكور”، الأمر الذي دفع الأعضاء -حتى من قائمته- للاستقالة تباعا.

فقد عمل على سحب صلاحيات مدراء الأقسام والمراكز التابعة للبلدية والشركات العقارية التي تشرف على مباني البلدية، إضافة لهيمنته على شركة كهرباء الشمال ليكون بذلك صاحب القرار الوحيد عليها.

ويقول أحد موظفي البلدية الذي طلب عدم ذكر اسمه، إن الشكعة عمل على خلق أجواء من الرعب بين الموظفين من كل المستويات، الأمر الذي دفعهم للإحجام عن الإبداع والتميز، وجعلهم يلتزمون بالتعليمات التي يصدرها لهم حرفيا دون مراعاة لظروف المواطنين.

إلى جانب ذلك، اتخذ عدة خطوات تعمّد فيها هدم إنجازات المجلس السابق برئاسة الحاج عدلي يعيش، منها إعادة نشر بسطات الباعة المتجولين في مركز المدينة، وإعادة ما يعرف بالسوق الشعبي وسط المدينة بعد أن كان المجلس السابق قد خصص له مكاناً في أحد المباني، حيث كان يشغل السوق مساحة واسعة من أحد الشوارع الرئيسة في مركز المدينة ويغلقه.

ولم تقتصر الأمور على هذا الحد؛ فقد عمل على تعيين طاقم حراسة وسكرتارية ومستشارين بمبالغ مالية هائلة على الرغم من الأزمة المالية للبلدية، وأعاد توظيف عدد ممن فصلهم رئيس البلدية السابق.

وعمل على تهميش دور نقابة الموظفين في البلدية، وجمد قانون الهيكلية الوظيفية الذي أقره المجلس السابق بحجة أنه غير قانوني، كما صادر مقرا كان المجلس السابق قد منحه لمركز علاج السكري في مجمع البلدية، ووقع اتفاقية سلم بموجبها متنزه “سما نابلس” لشركة خاصة، والذي يعد من أضخم المشاريع التي حققها المجلس السابق.

وانتقلت صراعات مراكز القوى وتصفية الحسابات داخل فتح إلى ساحة البلدية، حيث كان مقر البلدية ومرافقها هدفا لمجموعات مسلحة تتبع لخصوم الشكعة، فتم إطلاق النار أكثر من مرة على مقر البلدية، وإعطاب العدادات الخاصة بمواقف السيارات، وإحراق السوق الشعبي.

المواطن يدفع الثمن
وفي ظل التجاذبات السياسية والصراعات الحزبية التي شهدتها الفترة السابقة بين كوادر وتيارات حركة فتح، كان الخاسر الأكبر من ذلك كله المواطن في مدينة نابلس.

وأدت كل تلك المشكلات إلى تفشي الفساد والمحسوبية، وإهمال المصالح العامة للناس، وعدم تحقيق أي إنجاز ذي قيمة للمدينة أو للمؤسسة، فضلا عن هدم ما تم تحقيقه في المجلس السابق قبل عام 2012، والذي تم انتخابه بأغلبية ساحقة من المواطنين، قبل أن تستولي عليه فتح بانتخابات لم تحظ بتوافق الكل الفلسطيني حينها.

ورغم أن لجنة إدارة البلدية التي تسلمت زمام الأمور لاحقا، عملت على حل بعض القضايا التي كانت تؤرق المواطن، وأنجزت بعض المشاريع، إلا أنها لم تسلم من الانتقادات، واتهامها بالفشل في إنجاز مشاريع استراتيجية، وتهميش المنطقة الشرقية، والتسيّب الوظيفي داخل مرافق البلدية، والعجز عن إيجاد حلول خلاّقة لأزمة المرور.

ويمكن القول أن كثيرا من هذه الانتقادات صحيحة ولها ما يبررها، لكن لا يخفى أن من يحركها أطراف منافسة من داخل حركة فتح، وتستخدمها في تصفية الحسابات.

آمال كبيرة وتحديات جسام
وفي ظل الأزمات الكبيرة التي يعاني منها السكان كالفلتان الأمني، وانقطاع الكهرباء في موجات الحر والبرد الشديدين، ومشاكل شبكات المياه والصرف الصحي خاصة في منطقة رفيديا، وشكاوي التجار في الحسبة وأصحاب البسطات المتنقلة، تنشد مدينة نابلس أن تفرز الانتخابات البلدية القادمة عددًا من المهنيين وأصحاب الكفاءات الذين يمكنهم النزول عند رغبات الناس، وتلبية الحاجات الأساسية لهم، بعيدا عن التجاذبات الحزبية التي تشكل العائق الأبرز أمام النهوض بالمدينة.

ويرى خبراء ومختصون أن الصراعات والمناكفات بين مراكز القوى كانت من أبرز المعيقات أمام البلدية في السنوات الخمس الأخيرة للنهوض بالمدينة وتطوير خدماتها، حيث اقتصر دور المجلس على تسيير أمور البلدية وتقديم الخدمات بحدها الأدنى أو أقلّ.

وبحسب هؤلاء، فإن تحديات جساما تنتظر المجلس البلدي القادم، وهو ما يتطلب أن يكون المجلس على قدر كبير من الكفاءة والاقتدار والانسجام.

ويقول المهندس مروان عبد الحميد لمراسل “المركز الفلسطيني للإعلام” أن المجلس القادم سيكون مطلوبا منه العمل على تطوير أنظمة البناء والترخيص المعمول بها حاليا، وكذلك إيجاد مصادر بديلة للمياه والكهرباء، وتطوير البنية التحتية المتهالكة من شوارع وشبكات صرف صحي.

ويضيف أن المجلس القادم عليه إيجاد حلول إبداعية وخلاقة لتقديم أفضل الخدمات، ولا يمكن القبول منه التذرع بتحكم الاحتلال في مصادر المياه والكهرباء لعدم توفير احتياجات المدينة منها، عادّا أن ما تريده المدينة مجلسا يقود البلدية لا أن يديرها.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات