الأربعاء 26/يونيو/2024

ثقب في القلب

د. خالد معالي

 فخر هذه الأمة وجميع الأمم؛ هم الأسرى المضربون عن الطعام؛ ومعهم قرابة 7000 أسير فلسطيني من مختلف الأعمار، ومن بينهم أطفال ونساء وقاصرات، في سجون الاحتلال، حيث يأكل الحديد من أجسادهم الطاهرة، وتذوب زهرة شبابهم؛ بفعل احتلال لم يعرف له التاريخ مثيلا في القسوة والهمجية.

أصبح الأسرى المضربون؛ يحركون الخارج بجوعهم، فالأسرى فخر البشرية جمعاء ينوبون عنها في مقارعة الباطل وقوى الظلم والطغيان المتمثل بالاحتلال.

ترى… هل وجد احتلال عبر التاريخ أكثر ظلما وقسوة؛ ممن يأسر أصحاب حق وشرعية؛ لأكثر من  36 عاما دون رحمة أو شفقة!؟

أيها الأسرى المضربون والجوعى للوطن وليس للأكل والشرب: تفاءلوا خيرا تجدوه، وهو قريب قريب؛ يا من تخطون للأجيال طريق العزة والكرامة، ويسري حبكم في قلوبنا، تفاءلوا فهناك من لا ينام وهو يفكر في خلاصكم من قيد وزرد السلاسل؛ وأنتم الآن تشكلون وخزة ضمير، ووجع للقلوب الحية النابضة عزا وشرفا.

مع إشراقة شمس كل يوم، ومع كل تجدد لصباح إضرابكم؛ يتجدد الأمل من جديد بقرب تحريركم؛ فأنتم تواصلون دورة الحياة متحدين سياط جلاديكم خلف جدران صخرية مقرورة الجدران، ظلامها يحس ويشعر الأسرى بأنها أكفان صامتة تنتظر؛ لتلف من يئس، ولكن دون جدوى، فالعزة والكبرياء والصبر والصمود؛ تقتل اليأس والقنوط وكل ذلك لعيون فلسطين، لعلمهم أن المسير طويل والزاد قليل.

الأسرى رغم جوعهم ووجعهم؛ لا يعبئون ولا ينكسرون. بثباتهم؛ يرسمون ويكتبون بالدم على جدران الزنازين غير آبهين بهول التعذيب وسياط الجلادين، فقلوبهم تنبض بالحياة وتنثر الزهور، يتألمون لكن لا يصرخون، صامدين كالصخور.

الأسرى المضربون؛ جوعى للوطن.. للزعتر والزيتون … للجبال للتلال، يدفعون ضريبة الوطن بسخاء دون بخل أو تردد أو انكفاء، فهل بقي عذر لمن تكاسل أو تخاذل أو تراجع عن نصرتهم ولو بالكلمة الطيبة، أو بالاعتصام وغيرها من الفعاليات التضامنية؟

في عيني كل أسير، نرى الأمل القريب؛ فأنتم أيها الأسرى المضربون؛ أمل وفخر هذه الأمة رغم نكوصها وتعثرها، أنتم كشفتم وحشية الاحتلال وإجرامه، وعريتموه من ورقة التوت التي كان يتستر بها أمام العالم.

ما النصر إلا صبر ساعة، هكذا علمتمونا أيها الأسرى، فلا تدعوا اليأس يدخل إلى قلوبكم وعقولكم، وإنما هي لحظات صبر أقوى من الجدران والزنازين والأسلاك الشائكة، وأقوى من كل ترسانة الاحتلال؛ وأنتم تشكلون ثقب في قلب كل حر وشريف؛ لن يغلق إلا بتحريركم وخلاصكم من قيد الأسر.

رغم التضامن مع إضراب الأسرى؛ يبقى الكل مقصر في حقكم ما دمتم خلف القضبان، ولا عذر لمن اعتذر، فلا تيأسوا أيها الأبطال؛ فالبسمة ستعود لوجوه الأمهات شوقاً، وتسري الدماء ضاحكة بعروق الآباء، ويعود الأطفال إلى أحضان آبائهم وأمهاتهم الأسيرات؛ عندها تطال رؤوسكم السماء، فأنتم ما زلتم تتحملون أوجاع الأمة، وآلامها؛  فحقا لكم وقتها الفرح والسرور ببسمة طفل تنتظركم على بوابات السجون، بصفقة باتت قاب قوسين أو أدنى؛ (ويسألونك متى هو؛ قل عسى أن يكون قريبا).

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات