الأربعاء 26/يونيو/2024

اختراق التعليم.. نهج الأونروا لـتضليل القضية

اختراق التعليم.. نهج الأونروا لـتضليل القضية

شكلت فكرة التغيير في المناهج الدراسية التي كشفت عنها الوكالة الدولية “الأونروا” مؤخراً احتجاجاً واسعاً في الشارع الفلسطيني، معبرين عن أنها تأتي في سياق مخططات الاحتلال التي تهدف لتجهيل الطلاب الفلسطينيين بتاريخهم الوطني ومدى الظلم الواقع عليهم من الاحتلال الإسرائيلي.

فهذا التغيير في المنهاج يبدو في ظاهره تطويرا، لكن على ما يبدو يحمل في طياته ضربة لثقافة الأجيال الفلسطينية الوطنية وتكريسا للاحتلال، إلا أن أبناء هذا الشعب سيقفون سدًّا منيعا في وجه هذه المخططات، ويشار إلى أن نسبة الطلبة الملتحقين بمدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين “أونروا” تشكل نحو 24% موزعين على مدارس قطاع غزة والضفة الغربية.

نشرات خاصة
أرسلت الرئاسة العامة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في عَمّان للمقر الإقليمي في قطاع غزة نشرات خاصة تحتوي على تفاصيل لحذف وتعديل بعض الموضوعات التي تدرَّس من الصف الأول حتى الرابع في الفصل الدراسي الثاني من العام الجاري، على أن يتم بالمرحلة الثانية لاحقاً والتي تستهدف المرحلة الإعدادية والثانوية.

أرسلت الرئاسة العامة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في عَمّان للمقر الإقليمي في قطاع غزة نشرات خاصة تحتوي على تفاصيل لحذف وتعديل بعض الموضوعات التي تدرَّس من الصف الأول حتى الرابع في الفصل الدراسي الثاني من العام الجاري، على أن يتم بالمرحلة الثانية لاحقاً والتي تستهدف المرحلة الإعدادية والثانوية.

ورغم تأكيد “بوشاك”، مدير عمليات وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين في الأراضي الفلسطينية، أن الأونروا ملتزمة بالمناهج الفلسطيني الذي تقره وزارة التربية والتعليم في الحكومة الفلسطينية، نافياً ما تم تداوله من إجراء الأونروا تعديلات، إلا أن نسخاً مسربة من نشرة وزعتها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين “أونروا” على معلميها، كشفت نيتها إقرار تعديلات على المناهج الدراسية الفلسطينية الجديدة من الصف الأول وحتى الرابع الابتدائي.

وحسب نشرة الوكالة؛ فإن التعديلات تشمل أكثر من 50 درساً في مساقات مثل اللغة العربية، والتربية الإسلامية، والرياضيات، والمواد الاجتماعية، والعلوم، واللغة الإنجليزية، وترتكز التعديلات على ثلاث قضايا، وهي: العنف، وفئة الجنس، والقضايا السياسية.

وكان المبرر وراء هذه التعديلات هو أن الطريقة الجديدة “للأونروا” في التعامل مع القضية قد وافقت عليها دائرة التعليم التابعة للأمين العام، وذلك بعد (التعبير عن القلق) بخصوص نوعية ومحتوى نصوص الفصل الأول من المجتمع، والأكاديميين الفلسطييين، ومن وصفوهم بـ”أصحاب المصلحة الخارجيين”.

يشار إلى أن الهدف من هذه التعديلات حذف ومحو جميع الرموز والمعالم الوطنية الفلسطينية، وضرب الأساس الفلسفي والقيمي والوطني للمناهج، وعلى رأسها حذف خريطة فلسطين ومسماها أيضا، وترسيخ وجود الاحتلال الإسرائيلي على الأرض الفلسطينية.

تغييبٌ للعقول
وجاء في المحضر الذي سُرب مؤخراً عن اجتماع اللجنة المشرفة على تنفيذ هذا القرار، عددٌ من التعديلات المقترحة التي ناقشها المجتمعون في المناهج التعليمية لطلاب مدارس “الأونروا” في غزة والضفة بأن “الأونروا” مطالبة بتصدير “منهج محايد”.

فبعد مراجعة للنصوص حُدّد حوالي 55 موضوعًا يتعلق بالحيادية، والعدوانية، والجنس، في 65 صفحة، وهو ما يشكل 33% من الصفحات كلها، شملت هذه المواضيع أمثلة كالخرائط التاريخية لفلسطين والتي لا تستخدم في سياق تاريخي، وكذلك استخدام الأسماء التاريخية للمدن الفلسطينية، في سياق غير تاريخي، كما استخدمت صور متعلقة بالاحتلال وجدار الفصل العنصري، والمساجين السياسيين والدبابات وهدم البيوت.

وعلى سبيل المثال يوصي المحضر باستبدال كلمة فلسطين التي وردت ضمن الإشارة لخريطة فلسطين للتوضيح إلى أن لفظ الياء بعد الطاء، مستخدماً -المحضر- سيناريو بديل، وهو أن يكون التعديل باستبدال كلمة فلسطين بكلمة يقطين “مثلاً” مع حذف الخريطة، وفي مثال آخر استبدال الجملة التي تقول “القدس عاصمة الدولة الفلسطينية” بعبارة “القدس هي مدينة مقدسة لكل الديانات الإبراهيمية”.

ويبين المحضر محاولات سعي الوكالة الدولية “الأونروا” من أجل استبدال كلمة وخريطة فلسطين في كل مناهجها التربوية، والعمل على طمس  أشكال الظلم كافة التي تعرض لها الشعب الفلسطيني من خلال حذف عدد من الصور في المنهاج الدراسي تمثل اعتداءً من جنود وآليات الاحتلال على المدنيين من بعض المقررات الدراسية، وذلك تحت بند “نبذ العنف”.

ويوضح المحضر كذلك عدداً من التعديلات التي تسعى “الأونروا” لتغييرها تحت توصيف “المبرر” أو في سبيل ما يعرف بالـ(الجندر/الاختلاط)، ومن مثال ذلك: كتاب اللغة العربية لصف الرابع صفحة (4-5) حيث ورد التعديل النصُّ التالي: (استبدال صور لزفاف يظهر فيها رجال يحتفلون، بصورة يظهر فيها رجال ونساء في حفل الزفاف).

تمويه المفاهيم
كما وأن التعديلات تسعى أيضًا إلى حذف واستبدال أي نص يتعلق بممارسات الاحتلال القمعية ضد الشعب الفلسطيني، مثل جدار الفصل العنصري والاستيطان وهدم البيوت وعمليات القتل اليومي والاعتقالات وأسماء المعتقلات “الإسرائيلية”.

وعدم الاحتفال بيوم الأسير، ولا ذكر اسم “الأسرى”، وعدم ربط منطقة الأغوار بفلسطين، وحذف التراث الفلسطيني، وغيرها الكثير.

هذه التعديلات لا تنسجم مع ثقافة المجتمع الفلسطيني، وتهدف إلى غسل دماغ الطلبة الفلسطينيين، ومسح ثقافة الأجيال أو ارتباطهم بوطنهم وقضيتهم، مبينا أن ذلك “يرسخ ثقافة التطبيع والتعايش السلمي حلًّا للصراع، وتنفير الطلبة من المقاومة الفلسطينية التي هي حق مشروع وفق القوانين الدولية”.

تشويه الحقائق
وبحسب مصدر مطلع؛ فإن المنهاج المعدل يتعمد تشويه مسيرة النضال الفلسطينية عبر التاريخ الفلسطيني، وتشويه قضية اللاجئين من خلال ادعاء أن الشعب الفلسطيني فرّ من دياره دون الإشارة إلى المجازر والتهجير القسري للفلسطينيين، والذي قامت به عصابات الإجرام الصهيونية “الإسرائيلية”، بما يتماشى مع المصالح “الإسرائيلية” والأمريكية في المنطقة، ما يشكل خطراً كبيراً على مسيرة التعليم الفلسطيني ومستقبل الطلبة الفلسطينيين.

وأكد المصدر أنه هُدّد كل من لم يلتزم بالخطة الجديدة بتحويله إلى التحقيق، وصولا للفصل النهائي من الخدمة إذا اقتضى الأمر.

تجاوز للقوانين
وكانت وزارة التربية والتعليم العالي، قد عبرت عن رفضها القاطع لأي تعديل أو تغيير على المناهج الفلسطينية، والذي أشيع بأن وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين “الأونروا” تحاول القيام به.

وقالت الوزارة في بيان لها، إنه وحسب القانون الدولي فعلى الوكالة تطبيق منهاج الدولة المضيفة، وبهذا فإن الوزارة ستتخذ إجراءات عقابية ضد كل من يحاول تغيير المناهج أو التلاعب بها، عادّةً أي محاولة لتغيير المنهاج الفلسطيني اعتداءً على فلسطين، واستهدافا وطمسا وتذويبا للهوية الوطنية، معلنة أنها ستقوم بخطوات عقابية ضد “الأونروا” إن ثبت ذلك.

وأكدت الوزارة أن ما تم تناقله يشير إلى استهداف البعد الوطني في المناهج بما يتساوق مع مخططات الاحتلال التي تشوّه وتحرّف المناهج، داعية الوكالة إلى توضيح موقفها والتوجه فورا لجهة الاختصاص في الوزارة وعدم الاستجابة لضغوطات الاحتلال؛ لأن مناهجنا هي رمز سيادتنا، ولن تسمح أبدا باستهدافها وتشويهها.

يشار إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها اتهام “أونروا” بإدخال بعض المصطلحات على المناهج التعليمية الفلسطينية للطلاب في مدارسها؛ حيث أثير هذا الأمر قبل عدة سنوات من خلال محاولتها إدخال مصطلح “الهولوكوست” في مادة التربية الوطنية للصف السابع.

المراجع:
تقرير “الأونروا تغيّر المناهج التعليمية بمدارسها.. فمن يتصدى؟”، موقع الخليل الإخبارية.
الغضب يزداد في غزة تجاه محاولات الاونروا تغيير المناهج التعليمية بعيدا عن المنهج الفلسطيني، موقع أمد للإعلام.
“الأونروا تغير المناهج والسلطة تلوح بإجراءات عقابية”، شبكة راية الإعلامية.
“المناهج الدراسية تفجّر أزمة جديدة بين وزارة التعليم الفلسطينية و”أونروا”، وكالة قدس برس للأنباء.
“غضب فلسطيني من “تغيير المناهج الدراسية”، موقع عربي.
“وثائق تؤكد استهداف الـ”أونروا” البعد الوطني في المناهج التعليمية”، موقع الضفة الفلسطينية.

 

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات