الأحد 23/يونيو/2024

مجزرة الرواتب.. حرب السلطة لخنق اقتصاد غزة

مجزرة الرواتب.. حرب السلطة لخنق اقتصاد غزة

بدهشة وغضب وقف الموظف جلال النمر أمام الصراف الآلي منتظراً منه استكمال راتبه الذي يتقاضاه من السلطة في رام الله، إلا أنه لم يتلق إلا الخبر كالصاعقة من زملائه بأن خصومات على الرواتب طالت جميع رواتب الموظفين تتراوح نسبتها من 30 – 40‎%‎.

وفِي خطوة غير مسبوقة أعلنت (حكومة التوافق) في رام الله عن خصومات على رواتب الموظفين طالت العلاوات فقط، وجزءا من علاوة طبيعة العمل دون المساس بالراتب الأساسي، زاعمة أنّ ذلك يأتي بسبب الحصار المالي الذي تتعرض له السلطة.

نية مبيتة وفصل سياسي

مصدر مسؤول في السلطة الفلسطينية أكّد لمراسل “المركز الفلسطيني للإعلام” أنّ الخصومات اقتصرت فقط على رواتب موظفي غزة دون موظفي الضفة، في إشارة واضحة عن نية مبيتة لدى السلطة بالنيل من غزة في خطوات غير مسبوقة.

يشار إلى الخصومات طالت رواتب موظفي السلطة بغزة، بعد يومين فقط من تهديد عباس لقطاع غزة وحركة “حماس” باتخاذ خطوات وصفها بـ”غير المسبوقة” إثر تشكيلها هيئة إدارية حكومية في القطاع.

ولم يتوقع الموظفون الذين التقى “مراسلنا” بعضهم وقد بدت عليهم علامات الغضب والسخط أمام بنك فلسطين هذه الخطوة، عادّين أنها خطوة تنذر بما هو أخطر من ذلك.

الأمر الذي أكده الخبير الاقتصادي عمر شعبان، مبيناً أن قرار السلطة بخصم 30‎%‎ من رواتب موظفي غزة بشكل مفاجئ دون توضيح مسبق يضع القرار موضع شك كبير حول مصداقيته وأسبابه.

فيما وصف الكاتب حسام الدجني، الخطوة بأنّها “مجزرة” بحق الموظفين، عاداً أنها “لا تعني إلا فصل غزة سياسياً عن الوطن”.

وتمثل رواتب موظفي السلطة في رام الله عموداً أساسياً من أعمدة الاقتصاد بغزة، سيما أنّ القطاع يتعرض لحصار مالي واقتصادي مشدد، في حين أن الموظفين العموميين في القطاع والذين تتولى حركة حماس مسؤولية صرف رواتبهم لا يتقاضون أكثر من 40‎%‎ من رواتبهم.

تداعيات خطيرة

ويؤكّد الخبير الاقتصادي شعبان، أنّ قرار السلطة بهذه الخصومات له تداعيات خطيرة على علاقة السلطة وهياكلها التنفيذية والتشريعية والسياسية بقطاع غزة.

وقال: “هذا القرار سيعزز الشعور المتنامي بأنّ قطاع غزة لم يعد على سلم أولويات السلطة الوطنية رغم كل التصريحات التي تزعم غير ذلك”.

ويشير شعبان، إلى أنّ هذا القرار يمس بعشرات آلاف العائلات التي تعتمد على المرتب كمصدر دخل لمواجهة متطلبات المعيشة في ظل الأوضاع الاقتصادية القاسية جدا التي يعانيها القطاع من بطالة وحصار وبطء عملية إعادة الإعمار.

ويتساءل: “لماذا تسارع الحكومة للاقتصاص من موظفيها وتطبق خطط التقشف عليهم تاركة بنود صرف أخرى تقع ضمن المصروفات الترفيهية وغير الضرورية”.

هجمات مالية

ويفيد الكاتب الدجني، أنّ (حكومة التوافق) تجبي من قطاع غزة ما يتراوح بين 30 إلى 40% من إجمالي المقاصة التي تزيد عن 2 مليار دولار سنوياً ما يقارب 80 مليون دولار شهرياً، مما يؤكّد – حسب المحلل الاقتصادي سمير حمتو- أنّ مجزرة رواتب موظفي السلطة في غزة حلقة جديدة من حلقات تضييق الخناق على غزة، واستمرار للسياسة العباسية بتجويع أهل غزة مع سبق الإصرار والترصد.

ويعلق القيادي في الجبهة الشعبية رباح مهنا على القضية قائلاً: “إذا كان من قام بهذه الخطوة يعتقد أن الناس ستنفجر في وجه حماس مخطئ، بل إن الانفجار سيكون بوجه من قام بهذا الإجراء المجرم”.

الخبير الاقتصادي محمد أبو جياب، كشف عن هجمات مالية تشنها السلطة ضد قطاع غزة، حيث يفيد أنّ السلطة تحول ما يقرب من 50 مليون دولار شهرياً بدل فاتورة رواتب الموظفين في غزة، ويقول: “فتحت البنوك وبقرار سياسي باب التسهيلات المصرفية في القطاعات الاستهلاكية ليصل عدد المقترضين إلى ما يزيد عن 85% من الموظفين بواقع خصم قسط شهري عن الموظف يصل إلى حد 50%”.

وفي هجمة أخرى، يؤكّد أبو جياب، أنّ القروض حرمت السوق الفلسطيني في غزة بما يزيد عن 50% من السيولة النقدية المحولة، وبقيت حبيسة خزائن البنوك على شكل أقساط محصلة لصالحها.

وفي حين أنّ الهجمة الجديدة التي تمثلت بالخصومات من رواتب الموظفين، لم ولن تكون الأخيرة، مما سيتسبب بانعكاسات خطيرة على مكونات المنظومة الاجتماعية والاقتصادية في غزة.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات