الأربعاء 09/أكتوبر/2024

ثبات يصنع البطولات

بسام ناصر

بصبر جميل، واحتساب كبير، وثبات عظيم، تحدثت زوجة الشهيد القائد في كتائب القسام مازن فقها عن زوجها، حديث مفعم بالإيمان العميق، ومشبع بوعي الزوجة المكلومة على مهمتها التي نذرت نفسها لها بعد استشهاد زوجها.

امرأة لم تمض بضع ساعات على وداعها لزوجها المجاهد، الذي طالته يد الغدر والخيانة، تتحدث برباطة جأش منقطعة النظير عن سيرته ومواقفه وخياراته في الحياة، التي اختارها وسلكها بعزيمة ماضية، متحملا تبعاتها بنفس راضية مطمئنة، وباعثا في زوجته روح الصبر والاحتساب، وتهيئة النفس لفقد الأحبة، وفراق الأهل، والتكيف مع كل المصاعب والمشاق.

أبرز ما جاء في كلمة زوجة الشهيد اختيار الارتباط به مع إدراكها التام بتبعات الطريق الذي سلكه، واعتزازها بذلك الارتباط، والاستعداد النفسي لكل ما يجره عليها كزوجة من فواجع ومصائب مؤلمة، طريق الرباط والمقاومة، والصبر والمصابرة، التي تضع رجالاتها في عين العاصفة والاستهداف الدائم من قوات الاحتلال الصهيوني.

تروي ناهد عصيدة أن مازن صارحها قبل أن يرتبط بها قائلا: «يمكن أن تعيشي معي يوما أو سنة، أو إلى الأبد، فلا أعرف متى يكون أجلي، أنا خرجت من السجن وسأستمر فيما كنت فيه، ولن أوقف ذلك نهائيا، فهل تقبلين بي»؟.

فأجابته «هذا يشرفني فأنا راضية وفخورة بك»، فالتحقت به للزواج والإقامة معه في غزة، وأضافت «أكرمني ربي أن اختارني مازن، ولو يعود الزمان، لأعرض نفسي عليه وأختاره، ربنا يجمعني فيه عن قريب بعد أن أكمل مهمتي وأعمل محمد (ابنها) مازن ثاني».

امرأة مكلومة مفجوعة بفقد زوجها الذي أحبته، وتعلمت منه المعاني والقيم العظيمة، نذرت نفسها بعد استشهاد زوجها لمهمة جليلة، إعداد ابنيهما (محمد) ليكون مثل أبيه، وليواصل الدرب الذي سلكه والده، طريق المقاومة والتضحية والشهادة، ذلك الدرب الذي علمها لتقول «كنت أفتخر أنني زوجة الأسير المحرر مازن فقها، والآن أنا أكثر فخرا بأنني زوجة الشهيد».

وبينما زوجة الشهيد تتحدث على المنصة، صعدت إلى جوارها امرأة مسنة، وبعد أن عانقتها بحرارة عرفت بنفسها قائلة: «أنا أم شهيد وحيد، وزوجة شهيد، وبنت شهيد، أسيرة محررة، كنت محكومة بـ(35) سنة، أمضيت منها سبع سنين في السجن، كنت مطاردة من الاحتلال»، ثم توجهت إلى ناهد بكلمات تفيض عزة وشموخا وثباتا وإصرارا على مواصلة درب التضحيات مهما كانت التبعات والمآلات.

نساء غزة ماجدات مجاهدات صابرات مضحيات، يتجرعن ألم فقد الأحبة بالصبر والاحتساب، ويواصلن الطريق بثبات وإصرار، هن ـ وأخواتهن من نساء الضفة الباسلات ـ اللواتي يربين هؤلاء الشباب الأبطال الذي أقضوا مضاجع الغزاة المغتصبين، الذين لن يهنأ لهم عيش ما دامت الدماء تجري في عروق هؤلاء الخنساوات المربيات الصابرات.

نساء غزة ماجدات مجاهدات صابرات مضحيات، يتجرعن ألم فقد الأحبة بالصبر والاحتساب، ويواصلن الطريق بثبات وإصرار، هن ـ وأخواتهن من نساء الضفة الباسلات ـ اللواتي يربين هؤلاء الشباب الأبطال الذي أقضوا مضاجع الغزاة المغتصبين، الذين لن يهنأ لهم عيش ما دامت الدماء تجري في عروق هؤلاء الخنساوات المربيات الصابرات.

نساء فلسطين أبطلن ما كان يعول عليه بن غوريون حينما قال «كبارهم يموتون وصغارهم ينسون»، بما نذرن أنفسهن له من مهام إعداد الأجيال لمقارعة المحتلين المتغصبين، فها هي «ناهد عصيدة» تسير على ذات الدرب الذي سارت عليه الأمهات الفلسطينيات من قبل، كل واحدة منهن أخذت على عاتقها إعداد أبنائها ليكونوا مثل آبائهم، وليحتضنوا راية المقاومة بعد استشهاد والديهم في ساحات العز والفخار.

نساء فلسطين المربيات الصابرات هن اللواتي يعددن الجيل الذي ستتحقق على يديه نبوءة تدمير كل صنائع وصور علو بني “إسرائيل”، جيل القرآن والبندقية (كتاب يهدي وسيف ينصر)، الذي على يديه سيكون تحرير الأقصى وكامل فلسطين من رجس الصهاينة المغتصبين.

 

المصدر: السبيل الأردنية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات