الأحد 23/يونيو/2024

سوق اللحامين في القدس.. ركود وحصار وضرائب

سوق اللحامين في القدس.. ركود وحصار وضرائب

يعد سوق اللحّامين في البلدة القديمة من القدس أحد الأسواق العريقة والقديمة في المدينة، وأحد الأسواق العشرين التي يعود تاريخها إلى مئات السنين، ولكن المؤسف أن هذه الأسواق تتراجع تراجعاً خطيراً يكاد يفقد آلاف المقدسيين مصدر رزقهم ووجودهم وهويتهم وقدسهم ومقدساتهم وعاصمتهم العتيقة.

وهناك استياء وإجماع في أسواق القدس القديمة التي تعاني من الركود، والحصار، وارتفاع الضرائب، والاستهداف الصهيوني، والإهمال والتهميش الفلسطيني، على أن الوضع وصل حد الخطر الوجودي.

تدهور اقتصادي

سوق اللحّامين الذي كان يضم نحو ٩٦ حانوتاً، أدى تدهور الوضع الاقتصادي والمادي والإجراءات الأمنية المشددة والضرائب الصهيونية الباهظة؛ إلى إغلاق أصحاب المحال نحو ٩٠٪ من هذه المحال تحت ضغط الديون المتراكمة وقلة المترددين على السوق في ظل الوضع الصعب.

يقول خالد الكرد، أحد أصحاب المحال في سوق اللحامين منذ أكثر من ٣٠ عاماً لـ “المركز الفلسطيني للإعلام“: “كان سوق اللحامين قبلة معظم سكان البلدة القديمة والقرى المجاورة، فجاء الجدار وقضى على السوق وعلى الوضع الاقتصادي لمعظم أسواق القدس، فلم يعد هناك جدوى اقتصادية وأصبح المواطنون يفضلون عدم الدخول إلى البلدة القديمة اختصاراً للمشاكل والاستفزاز الذي يواجهونه من الجيش والشرطة والتفتيش المهين والخطير أيضاً”.

ويضيف الكرد: “لا يوجد مقارنة بين دخل المحال قبل بناء الجدار والعمل اليوم، إذ كنت قبل الجدار والحصار الصهيوني أذبح عجلا و٥ إلى ٧ خرفان يومياً وأبيع أكثر من ١٠٠كيلو من الخضار واللحوم المفروزة، اليوم لا شيء العمل عبارة عن تضيع وقت وتسالي”.

ولفت إلى أن التجار لم يعودوا يتحملون الضرائب الباهظة التي لا تراعي حقيقة الدخل اليومي، وكذلك المصاريف الثابتة كالأرنونا والماء والكهرباء وإيجار المحل، فمعظمهم فضل إغلاق المحل لوقف الاستنزاف وتراكم الديون.

الجدار والحواجز

ويقول عزام عيسى الصباح أحد أصحاب الملاحم في سوق اللحامين لـ “المركز الفلسطيني للإعلام” إن وضع سوق اللحامين سيئ ومزر جداً، بسبب رئيس وهو الجدار الذي أقامته قوات الاحتلال حول القدس الذي أضعف وضرب الاقتصاد الفلسطيني في المدينة، فخسر السوق وأسواق البلدة القديمة أكثر من ٧٠٪ من الرواد والمتسوقين عليه”.

ويضيف “معظم أصحاب المحال التي أغلقها أصحابها لم يخرجوا إلا بعد أن تراكمت عليهم الديون ٥٠٠ ألف و٧٠٠ ألف شيكل، بالإضافة إلى الضرائب الباهظة “الأرنونا “وضريبة الدخل والمحاكم والقضايا التي ما زالت تنظر في الدعاوى ضدهم، وتحول بعضهم إلى عمال لدى “الإسرائيليين” في “القدس الغربية” المحتلة منذ العام ١٩٤٨.

وأوضح الصباح: “بعض أصحاب المحال في سوق اللحامين من حملة الهوية الفلسطينية من الخليل ومن العيزرية، بعد بناء جدار الفصل حول القدس لم يتمكنوا من الوصول إلى محالهم وأصبح من الصعب عليهم مزاولة عملهم وفتح محالهم ومع تراكم الديون والضرائب اضطروا إلى إغلاقها”.

وأكد أن السوق الذي كان يزيد عدد المحال فيه عن ٩٦ أصبح عدد الملاحم فيه أربعاً أو خمساً فقط والباقي أغلقت.

وقال الصباح: “هذه الملحمة بالأصل للوالد تغمده الله برحمته توفي في ٢٠٠٦ ومنذ ذلك الوقت تسلمتها بعده، وللأسف مردودها الاقتصادي معدوم، ولولا أننا نعيش في بيت مع الوالدة ونحن الأشقاء والوالدة نتساعد في المصروف لما استمررت، إذ تحرص الوالدة على أن يبقى اسم الوالد على الملحمة لذكراه”.

الحلول الترقيعية

وعدّ الصباح المساعدة التي قدمتها المؤسسات الرسمية الفلسطينية لبعض أصحاب المحال في سوق اللحامين ٣ آلاف دولار لمرة واحدة العام الماضي لا تكفي لسد ديون المياه أو الكهرباء.

وقال: “إن المبلغ جدا صغير ولا يكفي لشيء، فضريبة الأرنونا لمحل واحد لا تتجاوز مساحته ٢٠ مترا؛ ٨ آلاف شيكل أي ٢٢٠٠دولار، فالمبالغ والخسائر والضرائب المتراكمة كبيرة جداً، والحل لابد أن يكون جذرياً والتحرك استراتيجي ينقذ الوضع برمته.

وأكد أن الحلول الترقيعية والإسعافات لا تنقذ الوضع الخطير الذي وصلنا إليه نتيجة السياسات “الإسرائيلية” التهويدية للقدس.

بدوره، قال الحاج عاطف دكيدك ابن الشهيد عبد الرزاق دكيدك الذي ارتقى شهيداً نتيجة القنبلة التي ألقاها المستوطنون على سوق اللحامين في ١٦-١١-١٩٩٢ وأسفرت أيضا عن إصابته بجروح خطيرة، قال إن الوضع الاقتصادي أصبح ما دون الصفر بكثير.

وأضاف دكيدك لـ “المركز الفلسطيني للإعلام“: “لا يوجد مترددون على السوق، ندفع مصاريف عمال وكهرباء وماء وضريبة “الأرنونا”من جيوبنا منذ بناء جدار الفصل العنصري، لقد كان سكان القرى والمدن حول القدس يأتون وخاصة يوم الجمعة لشراء كافة حاجاتهم من لحمة وفوارغ وكرشات من هذا السوق، بعد بناء الجدار وحملات التنكيل والتفتيش الصهيونية لم يعد أحد يأتي من خارج المدينة، فالمترددون على السوق طول النهار لا يتجاوز عددهم ١٠٠ مواطن معظمهم مرور دون شراء”.

وأوضح الحاج دكيدك: ” لكي ينتعش الوضع لابد من إعادة فتح المحال التي أغلقها أصحابها نتيجة العجز عن دفع المصاريف والضرائب، وبعد أن يفتح أصحاب المحال لابد من استراتيجية فلسطينية تؤمن مقومات الصمود لأصحاب المحال ودعوة المواطنين لتشجيع الشراء من الأسواق التاريخية في البلدة القديمة وعدم هجرها، وشراء الحاجيات منها وليس من الأحياء التي خارج الأسوار”.

من جانبه، قال رياض خيري فراح أحد أصحاب المحال في سوق اللحامين: “تسلمت الملحمة من والدي في العام ١٩٨٢ أي قبل ٣٥ عاماً وكانت مصدر دخل العائلة بأفرادها الـ١٤، إلا أنه منذ عزل القدس عن الضفة الغربية ببناء الجدار كل عام يأتي أسوأ من الذي سبقه، والوضع الاقتصادي في تدهور مستمر”.

وأضاف فراح: “السبب ليس الجدار فحسب وإنما الحواجز العسكرية على مداخل القدس، وفيما بين الأسواق نفسها أيضا، والدوريات الراجلة التي تجوب الأسواق، والفرق الضريبة والبلدية التي أقل مخالفة ٥٠٠ شيكل، إذا وجدت أي مادة أو بضاعة خارج حدود المحال، و٤٨ ألف شيكل إذا وجدت أي لحوم غير مختومة من المسالخ الإسرائيلية أو طبيب الصحة”.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات