الثلاثاء 01/أكتوبر/2024

لجنة أحداث محاكمة الشهيد الأعرج تصدر روايتها وتوصياتها

لجنة أحداث محاكمة الشهيد الأعرج تصدر روايتها وتوصياتها

أكدت لجنة التحقيق الخاصة بشأن الأحداث التي وقعت أمام مجمع المحاكم في البيرة وأحداث بيت لحم،  بأن الوقفة كانت سلمية، ولم يلجأ المشاركون فيها لاستخدام العنف أو تخريب الممتلكات العامة أو الخاصة.

مجريات القضية
وقالت اللجنة، إنه اتخذ قرار فتح الشارع، ومن ثم فض الوقفة بالقوة من مدير شرطة المحافظة الذي كان موجوداً شخصيا في الميدان، فيما ظهر تباينفي تقدير الموقف الميداني بين قائد الأمن الوطني الذي كان موجودا في المكانأيضاً، وبين موقف مدير شرطة المحافظة.

ووفق اللجنة فقد أبدى قائد الأمن الوطن مرونة في التعامل مع المتظاهرين وحاول إفساح وقت أطول للتفاوض معهم، فيما جاء قرار قائد الشرطة حاسماً وسريعاً بضرورة فتح الشارع فورا، ودون إعطاء مهلة كافية، علما بأن الرد الأولي للمتظاهرين كان برفض الاستجابة لطلب الشرطة بإخلاء الشارع.

وعدّت اللجنة أن ما جرى في بيت لحم في ذات اليوم، وإن بدأ كتجمع ومسيرة سلمية إلا أنه تحول بسرعة إلى تجمهر غير مشروع لجأ فيه عدد من المشاركين إلى العنف وإلقاء الحجارة والزجاجات الفارغة والحارقة والأكواع المتفجرة على مقر الشرطة، ما تسبب بأضرار مادية وأوقع عدداً من الإصابات في صفوف الشرطة والأمن الوطني.

وأكدت اللجنة أن أجهزة الأمن في محافظة بيت لحم أبدت مستوى عالٍ من ضبط النفس والمهنية، ولم تنجر إلى العنف رغم ما تعرضت له من هجوم، وأعطت مثالا على مستوى عالٍ من الانضباط وحسن تقدير الموقف.

وقالت اللجنة في تقريرها، إنه ورغم احترامها لاستقلال القضاء، وعدم التدخل في قراراته، إلا أنها ترى أن محكمة الصلح لم تراعِ طبيعة ملف القضية وحساسيته وتوقيت الجلسة التي جرت بعد حوالي أسبوع من استشهاد باسل الأعرج.

وأضافت أن المحكمة تمسّكت بإجراءات شكلية؛ حيث تمت المناداة على اسم الشهيد وزملائه الأسرى في سجون الاحتلال في بداية الجلسة، والإصرار على تبليغ المتهمين على آخر عنوان لهم رغم معرفة المحكمة بوجودهم في سجون الاحتلال، كذلك تأجيل المحكمة إلى نهاية شهر نيسان 2017 الأمر الذي يترك الملف مفتوحا، في حين كان بمقدور المحكمة إنهاءه في تلك الجلسة.

وشددت على أن إجراءات استخدام القوة في فتح الشارع وفض الوقفة أمام مجمع المحاكم، هي مخالفة صريحة لقرار وزير الداخلية رقم 211 المتعلق بمدونة قواعد استخدام القوة والأسلحة النارية، لاسيما المادة 20 التي تنص على أنه “يحظر على العسكريين استخدام القوة لتفريق التجمعات غير المشروعة التي لا تتضمن أفعال عنف.

وقالت اللجنة: “رغم عدم جواز استخدام القوة ابتداء، عملاً بأحكام المادة 20 المشار إليها سالفا، إلا أن أسلوب استخدام القوة خالف نصوص عديدة من مدونة استخدام القوة، خاصة ما يتعلق باحترام المبادئ الثلاثة التي تقوم عليها وهي مبدأ الضرورة، ومبدأ التدرج في استخدام القوة، ومبدأ التناسب”.

وأكدت  أنه لم تكن هناك ضرورة لاستخدام القوة بهذا الشكل، ولم يكن هناك تدرج أو إعطاء تحذيرات واضحة مسبقة لجميع المشاركين، ولم تكن القوة متناسبة مع طبيعة الحدث أو المشاركين.

وبينت اللجنة أنه تم مخالفة المادة 8 من المدونة والمتعلقة بالتدرج في استخدام القوة، خاصة الفقرة 4 التي تنص على أنه “قبل البدء بعملية استخدام القوة أو السلاح الناري، وتحديد نوع القوة المنوي استخدامها، يتوجب على العسكري أن يأخذ بعين الاعتبار كافة الظروف المرتبطة بالحادث، وطبيعة الجريمة التي يتعامل معها، إضافة إلى درجة الخطر التي قد يتعرض لها الأشخاص الأبرياء المتواجدون في المكان، والحالة البدنية والنفسية والعقلية للشخص المستهدف المنوي استخدام القوة أو الأسلحة النارية ضده”.

وقالت اللجنة إنه لم يراع الظرف السياسي وطبيعة موضوع الوقفة، وطبيعة وتنوع المشاركين، ووجود أقارب الشهيد بمن فيهم والده ضمن المتجمهرين، خاصة أن جثمان الشهيد كان ما زال محتجزا لدى سلطات الاحتلال يوم الوقفة، ووجود عدد كبير من الفتيات، في حين ركز على الاعتبارات الأمنية المتعلقة بحماية مبنى المحاكم وفتح الشارع.

وأكدت اللجنة الاستخدام المفرط لقنابل الغاز، دون مراعاة طبيعة المنطقة التي تكتظ بالمدارس في أوقات الدوام، مبينة أن طريقة إطلاق الغاز في بعض الحالات حصل بشكل أفقي ومباشر الأمر الذي قد يشكل خطراً، ويخالف مبادئ استخدام قنابل الغاز.

وأوضحت اللجنة أن تسليح القوات كان وفقا للقواعد والتعليمات، لكن أحد الأفراد استخدم عصا كهربائية غير موجودة في تسليح القوة، وقد أوصت لجنة التحقيق الداخلية في جهاز الشرطة إيقاع عقوبة بحقه.
وعدت أن الاعتداء على الصحفيين سواء مصورين أو مراسلين لم يكن له أي مبرر أو حاجة، ولا يمكن قبوله تحت أي ظرف، مؤكدة أن مدير شرطة المحافظة شخصيا شارك في سحب الكاميرات من أحد الصحفيين.

وكشفت اللجنة عن تواجد لأفراد من قوى الأمن باللباس المدني في مهمات جمع معلومات، لكن في مرحلة متأخرة من فض الوقفة حاول بعضهم القيام بمهام عملياتية مثل محاولة سحب الكاميرات من الصحفيين أو من المواطنين الذين كانوا يصورون.

ورصدت اللجنة لكم أحد عناصر جهاز المخابرات أحد المشاركين في وجهه، وهذا سلوك فردي ولم يكن هناك تدخل ميداني غير ذلك من عناصر الأمن بالزي المدني.

وقالت اللجنة إن أداء الناطق الرسمي لأجهزة الأمن زاد من حالة الاحتقان والتوتر، إضافة إلى أنه أضعف مصداقية الرواية الرسمية من خلال المبالغة في إنكار التجاوزات الموثقة.

توصيات
وأوصت اللجنة مجلس الوزراء بمراجعة اللائحة التنفيذية لقانون الاجتماعات العامة بحيث تصبح متوافقة مع قانون الاجتماعات العامة لسنة 1998، ومع أحكام الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان خاصة العهد الدولي للحقوق السياسية والمدنية.

ودعته إلى متابعة إصدار قانون للشرطة، يتوافق مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، مع التأكيد على طبيعة جهاز الشرطة كجهاز مدني نظامي، والإسراع في إصدار قانون حق الوصول إلى المعلومات لما له من دور في تنظيم العلاقة بين المؤسسات الرسمية والصحفيين والإعلاميين، وفق تعبيرها.

وأوصت اللجنة وزير الداخلية بإصدار تعميم فوري وواضح لكافة منتسبي أجهزة الأمن باحترام الصحفيين في الميدان، وكيفية التعامل معهم وتسهيل عملهم، وعدم التعرّض لهم بأي سوء، حتى لو كان التجمهر غير مشروع، مع عدم الإخلال بحق قوات الأمن في الميدان باتخاذ إجراءات أو توجيه تعليمات للصحفيين بما يضمن سلامتهم.

ودعته إلى تعويض الصحفيين المعتدى عليهم أمام مجمع المحاكم في رام الله عن الضرر الذي لحق بمعداتهم (كاميرا مراسل فلسطين اليوم)، وإنشاء خط ساخن بين الداخلية ونقابة الصحفيين لمعالجة أية إشكالات تواجه الصحفيين في الميدان أو في تعاملهم مع قوى الأمن.

ورأت اللجنة ضرورة فصل وظيفة الناطق الرسمي باسم الأجهزة الأمنية عن وظيفة المفوض السياسي العام.

وترى اللجنة أن مدير شرطة محافظة رام الله والبيرة، وقائد وحدة الشرطة الخاصة في الميدان قد ارتكبا مخالفة انضباطية من الدرجة الأولى، وفقاً لقرار وزير الداخلية رقم 192 لسنة 2009 بشأن المخالفات الانضباطية لمنتسبي قوى الأمن الفلسطينية. وعليه، أوصت اللجنة باتخاذ الإجراء القانوني الملائم بحقهما.

وطالبت اللجنة باتخاذ إجراء انضباطي حسب الأصول بحق عنصر الأمن بالزي المدني الذي اعتدى بالضرب على أحد المواطنين، مع أن صدور تعليمات بالتأكيد على عدم تدخل عناصر الأمن بالزي المدني في فض الاعتصامات أو المسيرات.

تؤيد اللجنة ما ورد من توصيات صادرة عن لجنة التحقيق الداخلية في جهاز الشرطة والمتعلقة بإنزال عقوبات انضباطية بحق عدد من الضباط والأفراد، وتوصي بالمصادقة عليها وتنفيذها.

ودعت إلى إصدار إرشادات وتعليمات تفصيلية حول استخدام قنابل الغاز في الميدان، بحيث يراعى طبيعة المكان والأشخاص المتواجدين فيه.

وأوصت اللجنة بضرورة تعزيز البرامج التدريبية للشرطة حول مدونة استخدام القوة والتعامل مع الصحفيين والجمهور، وتوضيح كيفية إطلاق القنابل بما لا يشكل خطرا على سلامة المواطنين.

وطالبت اللجنة بتزويد دوريات الشرطة بسماعات للاستخدام في توجيه نداءات للمتظاهرين أو المتجمهرين، وبأشرطة خاصة لتحديد أماكن وقوف المتظاهرين بما لا يعطل حركة السير.

وشددت على ضرورة التأكيد على الضباط في الميدان بالتعامل مع المسيرات والتجمعات السلمية بحكمة ووفقاً للقانون ومدونة السلوك، سيما في ظل القمع المتواصل وعمليات الاغتيال التي تمارسها قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق أبناء شعبنا وما ينتج عنها من حالة احتقان في الشارع الفلسطيني.

وأوصت اللجنة بتكليف رئيس دائرة التفتيش القضائي بالتحقيق في إجراءات وظروف جلسة محاكمة الشهيد باسل الأعرج وزملائه المعتقلين لدى سلطات الاحتلال، والمنعقدة يوم الأحد الموافق 12/3/2017.

ودعت اللجنة النيابة العامة إلى التحقيق في أحداث بيت لحم خاصة ما يتعلق بقيام بعض المتظاهرين بإلقاء أكواع متفجرة وزجاجات حارقة على مركز شرطة المحافظة، وإحالة من يثبت تورطه إلى القضاء حسب الأصول.

وطالبت الإعلام الرسمي بالعمل على تغطية الأحداث الداخلية بتوازن وموضوعية أعلى؛ وذلك من اجل تعزيز المصداقية وتخفيف حالة الاستقطاب والتوتير والاحتقان في الشارع الفلسطيني.

ودعت اللجنة الفصائل الفلسطينية إلى الالتزام بقانون الاجتماعات العامة لسنة 1998، الذي يؤكد على حق الجميع في عقد اجتماعات عامة دون الحاجة إلى ترخيص؛ وإنما يتم إشعار الشرطة أو المحافظة قبل 48 ساعة.

وأوصت اللجنة بضرورة الاتفاق على ميثاق شرف وطني بين القوى والفصائل حول قواعد السلوك في المظاهرات والمسيرات، بحيث تلتزم القوى والفصائل ومن يشارك بالمسيرات بعدم إغلاق الشوارع واحترام توجيهات وتعليمات الشرطة فيما يتعلق بأماكن الوقوف، والالتزام بشعارات وهتافات وطنية مسؤولة.

ودعت اللجنة الجميع للالتزام بخطاب وطني وحدوي مسؤول بعيدا عن التخوين أو توجيه الإساءات، وأن يتم الدعوة إلى الوحدة بدلا من الفرقة، والابتعاد عن استخدام عبارات تزيد من حالة الاستقطاب والتوتير والتحريض في الشارع الفلسطيني، للحفاظ على تماسك الصف الداخلي وحماية السلم الأهلي.

كما طالبت بنبذ المسيرات التي يستخدم فيها العنف أو التخريب للممتلكات العامة والخاصة، أو تعريض حياة الاشخاص للخطر، ورفع الغطاء السياسي عنها.

وأكدت اللجنة على حق النساء في المشاركة في أية تجمعات سلمية، وإظهار حساسية أكبر في موضوع مشاركتهن وعدم جعلهن هدفاً للتهجم والتهكم مما ينتقص من هذا الحق.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات