القدس على مرمى حجر

تلتئم القمة العربية أواسط الأسبوع القادم، على مرمى حجر من القدس المحتلة، أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، وفي ظل ظروف بالغة السوء، لم تشهد الأمة أسوأ منها منذ أن انبلج نور الإسلام يضيء العالمين، وهي وقائع سوداء لا داعي لذكرها … يعرفها القاصي والداني من الماء إلى الماء.

إن أخطر ما تواجهه هذه القمة التي تعقد في الأردن، وكافة القمم التي سبقتها، إضافة لما ذكرنا، هو فقدان الثقة؛ فالمواطن العربي لم يعد يثق بالقمم العربية، وبالعمل العربي المشترك منذ وقت طويل… طويل… وهذا هو مكمن الداء.

ومن هنا فالتحدي الأول، لا بل الأهم والخطير، أمام هذه القمة، وأمام القادة العرب المشاركين هو ردم الهوة بين الشارع العربي وبين القمم العربية. وفي تقديرنا فإن استعادة ثقة الشارع العربي بالقمة يستدعي:

أولاً: استرجاع القرار العربي من الدول الكبرى والدول الإقليمية.

ثانياً: تنفيذ قرارات القمم السابقة؛ لاستعادة ثقة الجماهير.

وفي هذا المقال القصير، اسمحوا لي التذكير بموضوع هام، لا بل هو الأهم، من بين كافة المواضيع المدرجة على جدول أعمال هذه القمة، ونعني دعم صمود أهلنا وشعبنا في القدس المحتلة، زهرة المدن، وباب الأرض إلى السماء، حيث صعد الرسول عليه السلام إلى السموات العلى. وهذا يفرض علينا التذكير، أو بالأحرى التساؤل عن مصير صندوق القدس، الذي أقرته قمة سرت بليبيا.

ومن هنا… فإننا ندعو القمة وهي تعقد على مرمى حجر من القدس المحتلة… على بعد كيلومترات معدودة، قد لا تتجاوز 15 كيلومتراً، من أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين ندعوها… وندعو القادة المشاركين إلى تسديد كافة التزاماتهم، في صندوق القدس، كخطوة أولى ومهمة، ولاغنى عنها، لدعم صمود أهلنا المقدسيين، الذين ثبت أنهم درع الأمة، وحماة مقدساتها، وخط الدفاع الأول عن وجودها، وذلك لترميم منازلهم، وترميم المدارس والمستشفيات والأبنية والمنشآت العامة، وصيانة الأقصى وقبة الصخرة المشرفة وكافة مساجد وكنائس القدس العربية، وصيانة الشوارع والتكايا، ودعم الفقراء ومدارس الأيتام، وتقديم كل ما يلزم للحفاظ على عروبة القدس، وهويتها الحضارية العربية-الإسلامية.

لم تعد لغة الخطابات تفيد، بعد أن فقدت الكلمات والعبارات معانيها، وأصبحت كالخشب المسندة.

إن القمة والتي تعقد على مشارف القدس، لو أصغت السمع جيداً… لسمعت استغاثة شعبها في فلسطين… لسمعت استغاثة الأقصى المبارك، من جور وظلم وعسف الصهاينة المجرمين، الذين يستبيحونه يومياً، ويمارسون الفجور والعهر والمجون اليهودي في ساحاته المباركة …

لو أصغت هذه القمة السمع… لسمعت آهات الثكالى والأرامل والأيتام، وزفرات الأسرى الأبطال الذين يرسفون بالأغلال والأصفاد لأنهم رفضوا الظلم، وقاوموا المحتلين.

لو أصغت السمع… لسمعت تكبيرات المرابطين والمرابطات وهم يتدافعون لحماية الأقصى… القبلة الأولى وثالث الحرمين الشريفين بصدورهم، من التهويد، وقد قرر العدو منع نقل الأذان، وها هو يعمل جهاراً نهاراً، لتقسيمه زمانياً ومكانياً، على غرار المسجد الإبراهيمي في مدينة الخليل.

كلام كثير وخطير يفرض نفسه في هذه المناسبة المهمة، وقد وصل السكين الصهيوني إلى نحر القدس والأقصى. فهل تشهد القمة -كما نأمل- تحولاً خطيراً؟؟ وصحوة حقيقية تعيد لها الروح، وتخرجها من حالة الموت السريري؟؟ وهل تفتح أبواب الأمل، وتسترجع القرار العربي، بعد اغتراب وتغريب… لتعود كما وصفها الباري عز وجل “خير أمة أخرجت للناس”.

باختصار…
إنها قمة الفرصة الأخيرة قبل تهويد وضياع القدس والأقصى.

صحيفة الدستور الأردنية