​نزلاء بغزة يتواصلون مع ذويهم في الخارج عبر الانترنت

ابتسامة عريضة ارتسمت على وجه النزيل “ه.م” (50 عاماً) وكأنّه يتنفس عبير الحرية، رغم أنّه محكوم بالمؤبد بتهمة القتل، إلا أنّ رؤية ذويه عبر الانترنت لأول مرة منذ عشر سنوات ومن داخل السجن، كانت كفيلة بما هو أكثر من ذلك.

النزيل “م” الذي لم يميز أبناءه عقب غيابه عنهم عشر سنوات نظراً لعيشهم في العاصمة المصرية القاهرة، يقول لمراسل “المركز الفلسطيني للإعلام” خلال تواصله مع أبنائه عبر الانترنت أنّه “يشعر بشعور لم يعشه من قبل ولا حتى خارج السجن”.

ويضيف: لديّ خمسة أولاد؛ 4 بنات وولد واحد، لم أعرف ابني بعد كل هذه السنوات؛ حيث كان طفلاً صغيراً، والآن أصبح شاباً يافعاً.

وعن شعور أولاده وزوجته، يقول: “لم يصدقوا أنّني أتواصل معهم عبر الانترنت، ومن داخل السجن إلا من خلال بعض الإشارات التي كانت تدلل أنّني لا أزال في السجن ولست في مكان آخر”.

وشكر النزيل “م” وزارة الداخلية ومركز تأهيل وإصلاح الكتيبة على وجه الخصوص على هذه الخطوة التي وصفها بأنّها متقدمة، ويضيف: “هذا الأمر لا أعتقد أنّه يوجد في أي مكان في العالم، فهم سمحوا لنا بأن نعيش حياتنا بشكل طبيعي وكأنّنا أحرار”.

حالة مختلفة

أما النزيل “م.ر” (37 عاماً) فهو صاحب قضية أمنية محكوم بالسجن 8 سنوات قضى منها أكثر من سنة ونصف.

النزيل الذي يعيش بحالةٍ غريبة؛ حيث إنّه كان متزوج من الداخل المحتل (فلسطين 1948) وله ثلاثة من الأطفال، ويتعرض لحالة من الابتزاز والمساومة من الاحتلال على أطفاله، حيث يعيشون في أحد الملاجئ “الإسرائيلية” بعد تعرض والدتهم لحالة مرضية.

اغرورقت عينا النزيل “ر” بالدموع وهو يروي لمراسلنا، عن أطفاله الذين لم يعانقهم منذ فترة طويلة حيث أصبحوا بلا معيل ولا مأوى يؤويهم سوى ملجأ الأيتام، الدمع الحزين على وجنتي النزيل “ر” تبدلتا إلى دموع فرح هذه المرة وهو يشاهد أطفاله من خلال الانترنت لأول مرة، ومن داخل السجن.

ويعد النزيل “ر” الأمر بأنّه خطوة ممتازة من وزارة الداخلية، مرسلاً الشكر للقائمين على وزارة الداخلية وعلى إدارة مركز تأهيل إصلاح الكتيبة الذي منحهم هذه الفرصة.

يشار إلى أنّ وزارة الداخلية منحت عددًا ليس بالقليل من النزلاء إمكان التواصل مع ذويهم بالخارج عبر الانترنت، فيما يتمتع النزلاء الذين يتواجد ذووهم بغزة بالزيارات الدائمة، والإجازات الدائمة، عدا عن أنشطة وفعاليات دمجهم في المجتمع من خلال الأنشطة الثقافية والاجتماعية المختلفة، بحسب مشاهدات دوّنها مراسل “المركز الفلسطيني للإعلام” لدى زيارته مراكز التأهيل.

سياسة ممنهجة

بدوره عدّ النقيب محمد حجيلة مدير العلاقات العامة في سجن غزة المركزي “الكتيبة”، أنّ هذه الخطوة هي سياسة ممنهجة لدى إدارة مراكز التأهيل والإصلاح بتعليمات واضحة من وزارة الداخلية بقيادة اللواء توفيق أبو انعيم، الذي يصدر تعليماتٍ دائمة بالتخفيف عن النزلاء وتقديم التسهيلات كافة لهم ولذويهم بمختلف السبل.

وقال حجيلة لـ”المركز الفلسطيني للإعلام” “نحن في مراكز الإصلاح والتأهيل نعمل كل ما بوسعنا من أجل تقديم التسهيلات للنزلاء من جهة ولذويهم من جهة أخرى”.

وعن آلية التواصل الاجتماعي بين النزلاء وذويهم بالخارج، يؤكد النقيب في مركز تأهيل الكتيبة، أنّهم أنشؤوا صفحة خاصة على أحد مواقع التواصل الاجتماعي، وأضافوا كل أهالي النزلاء من خارج قطاع غزة بعد التأكد من هويتهم والتحري جيداً عنهم حتى لا يحدث أي حالة اختراق.

وأضاف: “بالفعل تمكن النزلاء من التواصل مع ذويهم، لكل نزيل أكثر من ساعتين حتى يتمكن من رؤية كل أفراد أسرته”، مبيناً أنّ ذلك كان له أثر إيجابي جداً على نفسية النزلاء، وساهم في استقرار نفسيتهم بعد انقطاعهم عن ذويهم هذه الفترة الطويلة.