الأحد 04/مايو/2025

عبد الله.. صانع القوارب بغزة يسبح على الرمال

عبد الله.. صانع القوارب بغزة يسبح على الرمال

رغم أنه الوحيد الذي يصنع قوارب الصيادين بغزة، لا يتمتع الصيّاد عبد الله النجار (58 عامًا)،  بأي مزايا اقتصادية فهو طوال الوقت عاطل عن العمل.
 
يلازم النجار ميناء رفح من ساعات الصباح الأولى، أملاً في كسب رزقه أو حضور بعض الزبائن الراغبين في إصلاح قواربهم أو بناء أحدها على أحسن تقدير.

وتمنع بحرية الاحتلال الصيادين من الوصول لمسافة 20 ميلا، وهي المساحة المسموحة حسب اتفاق “أوسلو” الموقع بين (إسرائيل) والسلطة الفلسطينية.
 
وكان الاحتلال قلّص مساحة الصيد عام (2006) تدريجياً وبعد حرب 2014 تم الاتفاق على (12) ميلا، ورغم ذلك لم يلتزم وأبقاها ستة أميال يتعرض فيها الصيادون لإطلاق النار والاعتقال والملاحقة.


null
 

قارب فوق الرمال

أمام حجرات الصيادين في ميناء رفح، يتجاذب النجار أطراف الحديث مع صديقه الصياد رشاد فرحات (63 عامًا) وسعيد أبو عودة (43 عاما)، حول بدء موسم الصيد في ظل منع الاحتلال الصيادين من تخطي (6) ميل بحري.
 
يتحسس النجار آخر قارب صنعه ولا زال فوق رمال ميناء رفح، قائلا لـ“المركز الفلسطيني للإعلام”: “أعمل نجار قوارب وأنا عمري 14 سنة فأنا الوحيد الذي أصنعها بعد أن علمني أبي وعمي، واليوم لدي ابن بدأ يتعلم المهنة، ولكن الحصار وفقر الصيادين أوقفني عن العمل”.
 
ويستخدم النجار خشب أشجار (الكينيا) وخشب (السوّيد) ومادة (الفيبر جلاس) لبناء القوارب ذات الأحجام المختلفة والتي يصل طول أكبرها إلى (20) متراً بعرض (5) أمتار.
 
ويتابع: “أدوات العمل هي منشار وفأرة نجارة وآلة تجليخ، أنشر خشب الكينيا أولاً ثم أبني الهيكل العظمي، ثم أغلفه بالألواح مستخدماً مادة لاصقة هي الفيبر جلاس التي منعها الاحتلال منذ بدء الحصار وتصلنا الآن بصعوبة، ولأن عملي يدوي أستغرق في القارب الكبير شهرا ونصفا أو شهرين”.


null

 
تكلفة باهظة

وتكمن الدقة الفنية في صناعة القوارب في بناء الهيكل العظمي من خشب (الكينيا) الجيد والذي كان يرد قديماً من الأراضي المحتلة، لكن النجار مضطر اليوم للاعتماد على خشب غزة النادر. 

ويؤكد النجار أن القارب الكبير حني يكون جاهزا للإبحار، والعمل في قطاع الصيد قد تصل تكلفته إلى (130) ألف $ بعد تجهيزه بمولد كهربي وشبكة إنارة وشباك.
 
ويتابع: “المولد الكهربي يكلف 18 ألف $، والكشافات 10 آلاف $، وأحتاج 100 صندوق فيبر جلاس ثمن الصندوق 8000 شيكل، و10 لفافات شاش قوارب ثمن الوحدة 3000 شيكل، ناهيك عن ثمن كوب خشب السويد والكينينا الذي يتعدى اليوم 4000 شيكل”.
 
وأوضح أن المشقة الكبرى خلال بناء القارب هي توفير خشب (الكينيا) الجيّد، وقد فقد قطاع غزة المئات من أشجاره كانت مزروعة على طريق صلاح الدين ومن يومها تضررت مهنة النجار.
 
يحاول النجار الهرب من حرارة شمس الضحى باللجوء لظل قاربه الجديد الراقد فوق الشاطئ مضيفاً: “اليوم لا أجد عملا إلا القليل جداً فقد صنعت مئات القوارب في حياتي، وأصلحت ولا زلت المئات، وغالباً الصيانة تكون للألواح فعمر القارب الافتراضي 30 عاما”.
 
ويتمنى صانع القوارب الوحيد بغزة أن يسافر لدول الجوار كي يمارس مهنته ويكسب قوت أبنائه في مهنة يقول هو إنها على وشك الانقراض في غزة  التي يعاني الصيادون فيها أكثر من غيرهم.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات