أبعاد ما جرى في رام الله

في أول أسبوع من الاحتجاجات السلمية التي جرت في سوريا، قام بعض الحكماء بتقديم النصيحة المباشرة للحكومة السورية، بأن عليها العمل بروية وعقل واتزان لكسب الشعب، وليس تعميق غضب الشعب، وأن هذا يتطلب تغييرات جوهرية سياسية في العلاقة بين النظام والشعب، وحذروهم من اللجوء إلى الحل الأمني القمعي، خاصة وأن أطرافا عديدة معادية تخطط لتفتيت الدولة السورية. لم يأبه النظام وتصرف بعنجهية، واختار القمع مما أدى إلى الوصول إلى ما نشهده اليوم.
في فلسطين، أعداء شعبنا يخططون ليلا ونهارا لتصفية قضيتنا، قسمونا ويواصلون تقسيمنا أكثر، ويعملون على كل الجبهات لإضعافنا ولإظهارنا أمام العالم كشعب غير قادر على الاستقلال في دولته وحكم نفسه بنفسه، ينشرون الإشاعات، ويزرعون العملاء، ويشجعون الفساد والإفساد، ويفرضون شروطا وإملاءات لتعميق أزماتنا ونزع الثقة بين الشعب وقياداته المختلفة.
وفي هذه الفترة التي يتزايد فيها تكالب الأعداء وتخلي الأشقاء، يبدو أن قيادة السلطة بحاجة إلى نفس النصيحة التي قدمت للحكومة السورية.
فشعبنا يمر بحالة من الغضب والاحتقان لم يسبق لها مثيل، وأسبابها كثيرة؛ غياب أفق حل سياسي، انقسامات متعددة، فشل في تشكيل حكومة وحدة، فشل في عقد المجلس الوطني، تخبط في القرارات، فساد مستشرٍ، تعذيب في السجون، قمع للحريات، اعتداء على المواطنين بشكل قاسٍ أمام الكاميرات، انحدار في الأخلاق، تفشي الانتهازية والوصولية، فشل الحكومة في التعامل مع البطالة ومع مشاكل أخرى كثيرة.
هذه المعطيات تجعل الأعداء يحتفلون بفرصة ذهبية لتعميق عدم ثقة المواطن بالقيادات، وتسريع تصفية القضية.
في هكذا ظروف تأتي أحداث الاعتداء على المواطنين في رام الله، مجموعة لا تزيد عن الخمسين تعتصم تضامنا مع شهيد قتله الاحتلال بوحشية قبل أيام، يقوم أفراد الأمن بشكل منظم وبأوامر من مسؤوليهم بضرب المواطنين والصحفيين. التبرير كان أقبح من الذنب. إغلاق الشارع شتائم بألفاظ نابية، أجندات خارجية، مؤامرات خارجية، أجندات حزبية. أي نفس المبررات التي نسمعها في دول الإقليم، وكأن التكرار لا يعلم.
لو افترضنا جدلا وهو افتراض بعيد عن الواقع أن هناك جهات معادية وراء المعتصمين، فإن تصرف الأمن حقق لهم أهدافهم بأسهل وأسرع الطرق، وعمّق الغضب الشعبي على السلطة.
هذه ليست المرة الأولى التي يتصرف فيها الأمن مع المواطنين بهذه الطريقة، وليست المرة الأولى التي يعتدي فيها على الصحفيين.
إذا كان الأمر خطأ في تقدير الموقف أو فشل في اختيار الشكل المناسب للتصرف فيجب علاجه بالشكل الصحيح وبسرعة، “ومش كل مرة بتسلم الجرة”، ولكن في نفس الوقت يجب عدم استبعاد الاحتمالات الأخرى، فعدونا يحاول باستمرار زرع معاونيه في كل المستويات، وسبق وكشف بعضهم، ودائما من مهامهم نزع الثقة بين المواطن والسلطة والتصرف بما يسيء للسلطة أو للدقة: إعطاء الأوامر بالتصرف بما يسيء للسلطة.
أما إذا كان الأمر محض غباء لدى بعض المسؤولين فالمصيبة أكبر، وأيضا يجب علاجها بسرعة.
قرار تشكيل لجنة التحقيق قرار في الاتجاه الصحيح، على أن يرافقه إبعاد مسؤولي الأمن الذين لهم علاقة بالحدث عن مواقعهم إلى حين انتهاء التحقيق حتى لا يؤثروا عليه، وأن يتم التعامل مع نتائج التحقيق بحزم، وليس مثل المرات السابقة. يجب أن يدفع المسؤول عن ذلك ثمنا على فعلته.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

حماس تدين العدوان الصهيوني على سوريا ولبنان
المركز الفلسطيني للإعلام أدانت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) العدوانَ الصهيوني الغاشم والمتواصل على الأراضي السورية واللبنانية، في تحدٍّ سافرٍ لكلّ...

حماس: شعبنا وعائلاته الأصيلة يشكّلون السدّ المنيع في وجه الفوضى ومخططات الاحتلال
المركز الفلسطيني للإعلام حيّت حركة المقاومة الإسلامية “حماس” جماهير شعبنا الفلسطيني الصامد في قطاع غزة، وفي طليعتهم العائلات والعشائر الكريمة، التي...

وجهاء غزة للعالم: كفى صمتا وتحركوا عاجلا لنجدة غزة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أدان وجهاء قطاع غزة وعشائرها -اليوم السبت- استخدام جيش الاحتلال الإسرائيلي الغذاء والتجويع "سلاحا" ضد أبناء القطاع،...

مقتل جنديين وإصابة 4 آخرين بكمين في رفح
رفح - المركز الفلسطيني للإعلام قتل جنديان صهيونيان وأصيب 4 آخرون - اليوم السبت- بكمين في رفح جنوب قطاع غزة. وأفاد موقع حدشوت لفني كولام، بمقتل...

القسام يبث تسجيلا لأسير إسرائيلي بعد نجاته من قصف قبل أسابيع
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام نشرت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، السبت، تسجيلا مصورا لأسير إسرائيلي قال فيه، إنه يحمل الرقم 24، وإنه...

مستوطنون يحتجزون 3 صحفيين في رام الله
الضفة الغربية- المركز الفلسطيني للإعلاماحتجز مستوطنون، اليوم السبت، ثلاثة صحفيين وناشطا في قرية المغير شمال شرق رام الله، فيما اعتقلت قوات الاحتلال...

362 عملاً مقاوماً في الضفة والقدس خلال إبريل
الضفة الغربية- المركز الفلسطيني للإعلامتواصلت أعمال المقاومة في الضفة الغربية والقدس المحتلة، ضد قوات الاحتلال ومستوطنيه خلال شهر إبريل/نيسان...