الثلاثاء 13/مايو/2025

أسرة الرماحي.. رحلة الآلام لا تنتهي

أسرة الرماحي.. رحلة الآلام لا تنتهي

في صبيحة كل يوم تتجدد “رحلة الآلام”؛ فإبراهيم الرماحي (58 عاما)، يتوحه للمكان ذاته، الذي قضت فيه نصف عائلته، مُكرهًا، يبحث مع ابنيه عن قوت يومه، يتعاهد نبات الباذنجان والفلفل وخضراوات أخرى بالرعاية.

يعتقد الرماحي، أن لا أحد تجرّع معاناته في غزة ولا حتى في العالم أجمع، وهو المكلوم بفقد نصف عائلته، إبان العداون الصهيوني الأخير على قطاع غزة، في العام (2014)، فضلا عن إصابة سبعة آخرين، عندما قصفت طائرة صهيونية عائلته بصاروخين شرق دير البلح.
 
يقول الرماحي، لمراسلنا: “يومها حاولت ترك قريتي الحدودية (وادي السلقا) بعد الاجتياح الصهيوني، واللجوء إلى أرضي المستأجرة قرب شارع صلاح الدين، لكن طائرات الاحتلال لاحقتني، وبدلت مسار حياتي بالكامل”.

ويضيف: “قبيل أذان الفجر قصفتنا طائرة صهيونية دون طيار، فأصبت أنا وابني الشهيد يوسف (20 عاما)، ولما تقدمت خطوتين، قصفونا بصاروخ ثانٍ، فاستشهد أطفالي؛ ابتهال (4 أعوام)؛ وإيمان (16 عاما)، وأصيب 7 آخرون من أسرتي”.
 
نصف أسرة
يطالب “الرماحي”، وهو يطبّب أفراد عائلته، المسؤولين كافة، بالنظر إلى معاناته ومساعدته، كبقية المصابين في الحروب، باعتمادهم رسمياً من السلطة الفلسطينية، وصرف مساعدة ثابتة لهم، تعوضهم عن الضرر النفسي والصحي.
  
ولا تزال عائلة الرماحي تعاني حتى اليوم من آثار العدوان الصهيوني؛ فابنه محمد (19 عاما)، أصيب بقطع في أعصاب يده، بينما ترقد الشظايا في جسد زوجته وبناته، وهم بحاجة للعلاج المستمر.
 
عمل متواصل

وبالرغم من انخفاض عدد أسرته للنصف، يبدأ “الرماحي”، رحلة الآلام يوميا، بالتوجه إلى الدفيئات الزراعية، يحمل معه تفاصيل الموت الذي أودى بفلذات قلبه، يحفظ المكان بتفاصيله كافة، يشير بإصبعه نحو صخرة ضخمة، قائلا: “هنا استشهد يوسف”، وهكذا دواليك حتى يحصي لك مكان استشهاد أبنائه، ويمضي قائلا: “في كل يوم تتجدد آلامي، أتذكر التفاصيل كافة، وإذا ما وضعنا الطعام، نتوقف فجأة عن الأكل، نسترجع الحادثة، وآثار الدماء التي لا تزال على فراشنا حتى اليوم”.
 
ينفض الرماحي أحزانه، عائدا أدراجه مع أذان الظهر، من نوبة العمل الأولى، ومشاعره محملة بكثير من الألم، ليستأنف عمله عصرا، وما يزال يكرر السؤال ذاته عن مصير أسرته، التي خلّفها قصف الاحتلال بين شهيد وجريح، دون أن يقدم لهم أحد مساعدةً حقيقية.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات