الإثنين 05/مايو/2025

اللاجئون.. تصفية القضية على السلم التفاوضي لمنظمة التحرير

اللاجئون.. تصفية القضية على السلم التفاوضي لمنظمة التحرير

شهدت مكانة قضية اللاجئين الفلسطينيين المركزية اهتزازا كبيرا في الفكر والممارسة السياسية لمنظمة التحرير الفلسطينية.

يعود ذلك لعدة أسباب أبرزها الهوة العميقة بين موقف القانون الدولي من قضية اللاجئين الفلسطينيين، وبين المسار الذي اتخذته المفاوضات الفلسطينية–الإسرائيلية، التي وصلت إلى طريق مسدود، بسب انعدام توازن القوى بين الطرفين، والابتعاد عن قواعد القانون الدولي.؟

كما أن الجانب “الإسرائيلي” سعى دائما إلى تجنب بحث هذه القضية، حتى يضاعف الاستيطان في القدس ويوسع الهوة بين القيادة واللاجئين داخل وخارج الوطن ويولد انقساما خطيرا بين الداخل والخارج.

9تحديات 

ويرصد التقرير الذي أعده قسم الدراسات بـ“المركز الفلسطيني للإعلام”، تسعة تحديات رئيسية تواجهها قضية اللاجئين الفلسطينين وهي:

1. تأجيل التفاوض حول قضية اللاجئين إلى قضايا الحل النهائي التي تتهرب حكومة الاحتلال من البحث فيها، وطرح مشاريع تهدف لتصفية قضيتهم وتوطينهم، والتنكر لحقوقهم ورفض عودتهم إلى وطنهم واسترداد ممتلكاتهم وتعويضهم، وعدم الإقرار بمسؤوليتها عن مأساتهم المتواصلة، وعدم احترام مبادئ القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة المتعاقبة وبخاصة قرار 194.

2. التركيز “الإسرائيلي” الأمني على المخيمات الفلسطينية من خلال استهدافها واعتقال أبنائها ومهاجمتها بين الحين والأخر، وقيام الاحتلال بوضع العقبات أمام التحرك الفلسطيني في بعض المخيمات ورفضه تنفيذ المشاريع في مخيمات مثل شعفاط وقلنديا والجلزون.

3. الانحياز من القوى النافذة في المجتمع الدولي ضد عدالة قضية اللاجئين الفلسطينيين وضعف وتفككك الدول العربية والتي من المفترض أن تمثل الرافعة لقضايا الشعب الفلسطيني العادلة.

4.عدم تمتع اللاجئين الفلسطينيين بالحماية التي تنص عليها القوانين الدولية بما فيها القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي للاجئين، مما يعرضهم باستمرار للاعتداءات سواءً من الاحتلال أو بسبب الأحداث وحالة عدم الاستقرار التي تتعرض لها البلدان المضيفة.

5. حرمان اللاجئين الفلسطينيين من الحقوق المدنية في بعض مواطن اللجوء، وعدم تطبيق حكوماتها للقوانين الدولية الإنسانية وقانون اللاجئين الدولي وقرارات جامعة الدول العربية والتي تنص على الحق بالعمل والتنقل والإقامة.

6. عدم وجود علاقات ثابتة بين الدائرة واللاجئين في الدول العربية المضيفة فيما يختص بحياة اللاجئين وأنماط معيشتهم والتي تخضع لطبيعة العوامل السياسية والداخلية لتلك الدول، والتي تتأثر في جانب كبير منها بالعوامل الإقليمية والدولية.

7. الأعباء الناجمة عن واقع تشتت وتوزع اللاجئين في الوطن والشتات والتردي الشديد في أوضاعهم المعيشية وتدني الخدمات الأساسية التي تقدم لهم، وضعف الإمكانيات المتوفرة لتلبية حاجاتهم الصحية والتعليمية والاجتماعية سواء من وكالة الغوث الدولية (الانروا) أو من الدول المضيفة للاجئين.

8. تباين النظم القانونية والسياسية التي يعيش في ظلها اللاجئون الفلسطينيون في مواطن اللجوء.

9. التداخل في الصلاحيات والمهام مع وزارات في السلطة الوطنية الفلسطينية ودوائر أخرى.

طرق معالجة القضية

كيف تمّت معالجة قضية اللاجئين في المفاوضات مع إسرائيل؟

ويرصد التقرير الطرق التي سارت عليها قضية اللاجئين خلال المفاوضات بين السلطة والاحتلال، حيث رفضت “إسرائيل” في كامب ديفيد بحث قضية اللاجئين معتبرة أنها لا تتحمّل أية مسؤولية عن ايجاد مشكلة اللاجئين أو حلها.

في كانون الأول 2000، تبنّى الرئيس الأمريكي كلينتون من خلال “مقترحات كلينتون” مفهوم حرية الاختيار لكنه استثنى الخيار الأكثر أساسية وهو السماح للاجئين باختيار العودة إلى إسرائيل.
مقترحات كلينتون ألغت فعلياً الحقوق القانونية للاجئين الفلسطينيين.

وفي مفاوضات طابا واصلت “إسرائيل” الضغط على الفلسطينيين للتخلي عن حق العودة.

وأوضح التقرير أنه يجب أن لا يقبل الفلسطينيون بأن يكونوا أول شعب في التاريخ يُجبر على التخلي عن حق العودة.
 
دائرة شؤون المغتربين

وضمن محاولة صهر اللاجئين الفلسطينيين في المحيطات العربية والغربية، أسّست “اللجنة التنفيذية” للمنظمة عام 2007 دائرة تُسمى “دائرة شؤون المغتربين”، بقرار من رئيس السلطة محمود عباس.

ووفقاً للدائرة، فإنّ مصطلح “المغتربين” ينطبق على من يعيش خارج حدود فلسطين، باستثناء الموجودين في مناطق عمل “وكالة غوث وتشغيل اللاجئين ــ الأونروا”.

وبالتدقيق أكثر، فإن هذا المصطلح التجزيئي للاجئين يهدف إلى تغييب صفة اللجوء عن كثيرين ممّن لا يسكنون بلاداً تنشط فيها “الأونروا”، ما يجعل المعيار المكاني محددّاً رئيسياً للجوء، وينحصر في مخيمات لبنان والأردن وسوريا
.
بعد ذلك، رفعت دائرة شؤون اللاجئين (المنبثقة عن المنظمة) يدها عن فئة كبيرة من اللاجئين، وأحالت ملفاتهم إلى دائرة المغتربين التي يرأسها عضو المكتب السياسي لـ”الجبهة الديموقراطية” تيسير خالد.

من كل ما سبق، لا يكون من التجني القول إن المنظمة والسلطة نسفتا حقّ العودة، وحوّلتا الظرف الاستثنائي (الشتات) إلى قضية اعتيادية تشبه المغتربين من أي دولة في الخارج، كأن عودة الفلسطينيين إلى بلادهم تتّسم بالخيار الطوعي!.

أيضاً يؤسس هذا إلى تكوين مفهوم جديد عن ماهية “البيت” لهذا “المغترب ــ اللاجئ”، إذ إنه سينتظر “حدود الدولة الفلسطينية التي سيجري التوافق عليها”، بدلاً من التعريف القانوني الذي أقرّته “الأمم المتحدة” في هذا الصدد.

محطات سلبية

ويرصد التقرير أهم المحطات التي ألقت آثاراً سلبية على قضية اللاجئين جاءت كالتالي:

أوسلو وتهميش فلسطينيي الخارج

يشكل إعلان المبادئ “اتفاق أوسلو” لعام 1993 الصفعة القاسية لقضية اللاجئين، إذ تم ترحيل الأخيرة إلى قضايا الحل الدائم التي تغطّي “القدس واللاجئين والمستوطنات والترتيبات الأمنية والحدود والعلاقات والتعاون مع الجيران…”، بعدما اعترفت منظمة التحرير بـ”حقّ إسرائيل في الوجود ونبذ الإرهاب”، بمعنى أنّ أراضي 1948 باتت خارج إطار الصراع، وخارج الاستحقاقات القانونية للفلسطينيين.

واللافت أن قراري مجلس الأمن 242 و338 اللذين يحملان بذرة “التسوية العادلة للاجئين الفلسطينيين” كانا مرجعية “أوسلو”، بدلاً من القرار “194” القاضي بحقّ العودة والتعويض.
وبناءً على ذلك، تم تفكيك “حق العودة” وإعادة بنائه على أنّه “حل عادل”، بطريقة ضبابية ودون الإشارة إلى جوهر هذا الحل، عدا ربط الأخير بـ”نازحي 67″، دون “لاجئي 48”.

وعلى إثر ذلك أخذت تظهر مجموعة من التداعيات دفع الشعب الفلسطيني أثمانا كبيرة لها طوال السنوات الماضية،من أبرزها:

تراجع اهتمام القيادة الفلسطينية بفلسطينيي الخارج وقضاياهم، وتكثيف همومها بالضفة الغربية وقطاع غزة والسعي لتحويل الحكم الذاتي والسلطة  الفلسطينية هناك إلى دولة فلسطينية.

تضخُّم السلطة الفلسطينية وأجهزتها ومؤسساتها على حساب منظمة التحرير الفلسطينية؛ مع ضمور وتراجع خطير في بُنى ومؤسسات المنظمة التي  أمست عملياً أقرب إلى دائرة من دوائر السلطة، مما أفقد فلسطينيي الخارج إلى حدٍّ كبير الحاضنة السياسية والمؤسسية التي تحتضن همومهم وترعى قضاياهم.

تمّ إبقاء الكثير من الهياكل المؤسسية والشعبية والنقابية التابعة للمنظمة، مع إفراغها من محتواها وحيويتها وقدرتها على العمل، والتفاعل مع قضايا وهموم أعضائها. وفي الوقت نفسه، كانت تتم محاربة أي نشاط نقابي أو مبادرات شعبية لتفعيل هذه المؤسسات -من داخلها أو من خارجها- باسم ”الشرعية الفلسطينية“؛ وهو ما أدى لإضعاف وتعطيل هذه المؤسسات، وضرب العمل الشعبي الفلسطيني في الخارج.

انعكس هذا الواقع بشكل سلبي كبير على فلسطينيي الخارج الذين تراجع دورهم وضَمُر نتيجة الغياب الرسمي الفلسطيني وتعطيل العمل الشعبي  ومؤسساته.

وهذا أَضرَّ بشكل كبير بالتجمعات الفلسطينية في الخارج؛ فيما يتعلق بحمايتها والدفاع عن حقوقها المدنية وتوفير حياة كريمة لها من ناحية أولى.

كما أضر وأضعف دور فلسطينيي الخارج في الشراكة السياسية في القرار الوطني الفلسطيني من ناحية ثانية. ومن ناحية ثالثة، انعكس سلباً على ما يتعلق بحق العودة وحقوق اللاجئين الفلسطينيين ومخاطر التسويات السياسية التي تستهدف إلغاء هذه الحقوق، وتنفيذ برامج التوطين وغيرها.

ما بعد أوسلو

مرت السنوات، وجاء عهد ما بعد أوسلو، الذي تدفقت فيه المقترحات العربية والغربية الهادفة إلى “إيجاد حلول عادلة للاجئين”، على طاولة المفاوض الفلسطيني، فيما الأخير كان مفتوناً بمقترحات “بيرون” الكندية عام 1995، التي دعت “الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي إلى التخلي عن المحرّمات، وتوفير خيارات حرة للاجئين يستطيعون بها أن يشكّلوا خيارهم الحر”.
وبهذه الصيغة، أنس المفاوض الفلسطيني بكسر صورة المحرّمات في الذهنية الفلسطينية، بعدما ارتأت الحكومة الكندية أن تبتكر “حلولاً خلاقّة” تفتّت حقّ العودة.

أمّا وثيقة جنيف 2003، المعروفة بوثيقة «عبد ربه ــ بيلين»، فقد شكّلت انعطافة خطيرة في مسار المفاوضات الثنائية المتعلقة باللاجئين، إذ أرسى المفاوضون “خيارات توطين اللاجئين حيث يقيمون، أو توطينهم في الدولة الفلسطينية على حدود 1967، أو توطينهم في الأراضي التي يتم تبادلها وفقاً للمتفاوضين، أو أن تقوم إسرائيل بالسماح بعودة بضعة آلاف من اللاجئين تحت عنوان لمّ شمل العائلات”، بديلاً من حقّ العودة وفقاً للقرار 194، وكان ذلك كإشعار للكيان الصهيوني أنه لاحقاً بإمكاننا التنازل عن حق العودة.

كذلك أقرّ الطرفان في مؤتمر «أنابوليس» عام 2007 بـ«دولة يهودية خالصة» تكرّس وجود هوية إثنية واحدة لا تحتمل استيعاب هويات أخرى بما فيها الفلسطينية، الأمر الذي يعني نفي السلطة الكامل لحق اللاجئين في العودة إلى بلداتهم، مع سبق الإصرار والترصّد!

المقترحات غير الرسمية

أصدرت مجموعة من الشخصيات الفلسطينية و”الإسرائيلية” برعاية وزارة الخارجية السويسرية وثيقة جنيف في الأول من تشرين ثاني/ نوفمبر 2003م. وعرفت الوثيقة باسم ياسر عبد ربه، وزير الإعلام الفلسطيني السابق، ويوسي بيلين وزير العدل “الإسرائيلي” السابق.

وألغت وثيقة جنيف حق الفلسطينيين في تقرير المصير وحق العودة للاجئين الفلسطينيين، من خلال منح إسرائيل حق الاعتراض على أي مطلب بالعودة إلى داخل إسرائيل.

كما أصدرت مجموعة فلسطينية – إسرائيلية وثيقة ( إكس أن بروفانس ) ألغت فيها حق العودة ومثل الجانب الفلسطيني صائب بامية / المستشار الاقتصادي للاتحاد العام للصناعات الفلسطينية، وعن الجانب الإسرائيلي البروفيسور أرييه أرنون والجنرال عاموس غلعاد.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات