الثلاثاء 06/مايو/2025

هذا هو معيار نجاح المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الشتات ولا غير

د. أديب زيارة

الحكم بنجاح المؤتمر أو فشله يعتمد على التحديد المسبق لمعايير النجاح والفشل؛ فإذا كانت مخرجات النشاط تتفق وتلك المعايير يمكننا الخروج بالخلاصات الأدق. اختلاف الناس عموماً في إطلاق الأحكام تلك سببه عدم الاتفاق المسبق على قاعدة محددة ينطلقون منها في الحكم على الأشياء. ترك المسألة دون تحديد مبكر لتلك المعايير سيترك كلاً يقيّم بناء على الجزء الذي يلمسه أو يراه أو حتى يلبي رغبته من المسألة، ولكنهم جميعاً قد يكونون إما مصيبين أو مخطئين نسبياً لإغفالهم الحكم الكلي المستند إلى معيار مسبق برؤية كلية صاغها القائمون على الحدث.

سيقول البعض إن مجرد عقد المؤتمر هو نجاح بذاته، بينما يقول آخرون إن النجاح تحقق حتى قبل انعقاد المؤتمر لما أثاره من عواصف، في حين سيكون النشاط ناجحاً بالنسبة لأطراف بعينها لمجرد تحقق الحضور الإعلامي العام أو الخاص. في ذات الوقت، سيتحدث البعض عن نجاح المؤتمر في التأكيد على الثوابت، ورفع الصوت أمام صناع القرار الفلسطيني، ولفت انتباههم إلى ضرورة أخذ الشتات بعين الاعتبار، وتحريك المياه الراكدة، أو التأكيد على الوحدة الوطنية. كل هذا وغيره سيقال فهذه طبيعة الدنيا، إلا أنّ ذلك كله أقلّ من أن يشكل نجاحاً نوعياً لمثل هذا التجمع في مثل هذه الظروف الخطرة على قضيتنا ومستقبلنا، وحقيقةً لا نعرف إن كانت اللجنة التحضيرية للمؤتمر قد نجحت في وضع تلك المعايير مقدَّماً أم لا، إلا أنّ اختلاف التصريحات الصادرة عن ذوي العلاقة يؤكد أنّ من المرجح أن يكون التقييم اللاحق للمؤتمر متفاوتاً، ولا يعكس جلّه الأمنيات والرغبات والطموحات التي انتظرها كثيرون من هكذا مؤتمر.

معيار النجاح -كما أكد كثيرون ممن يؤيدون هذا المشروع- ليس في كونه يوفر منصة لالتقاء المشتتين في أصقاع الأرض؛ بل في قدرة المؤتمرين على اتخاذ قرار بالشروع العملي -وليس النظري- في استرداد حق الشعب الفلسطيني في قيادة منتخبة. فلقد أعطت الجماهير الفلسطينية -حيثما وجدت- الوقت الكافي جداً للفصائل وقيادة المنظمة لإيجاد صيغة يتبعها عمل من شأنها إعادة هيكلة التمثيل الفلسطيني على أسس شفافة وديمقراطية، بيد أنّ كل محاولاتهم اصطدمت بصخرة الفشل، لأن من يمتلك مفاتيح المنظمة ظل قابضاً عليها حتى يظل قادراً على التحكم بها كيفما وحيثما شاء. إذن دعونا نخلص إلى أنه لم يعد اللهاث على أبواب قيادة المنظمة من أجل الجود بفتحها مجدياً، بل مذلاً وجالباً للسخرية والمزيد من الإحباط، مرة في بيروت، وأخرى في سويسرا، وثالثة في القاهرة، ورابعة في قطر، وبعدها في روسيا وهلم جراً، فإلى متى؟!

لم تعد الوصاية القيادية مقبولة، كما لم يعد الاكتفاء بالنظر إلى حفنة من السياسيين يقودون القضية بتهور إلى الهاوية مناسباً؛ لأن نارها سوف تمس الكل الفلسطيني وليس فقط من يتحكمون بالمِقْوَد. هذا يحتم انتهاز فرصة الزخم المصاحب للمؤتمر بلا تردد أو وجل، بحيث تتقدم القوى الشعبية الفلسطينية لانتزاع زمام القيادة من يد المتحكمين -غير الشرعيين- فيها والمنتفعين منها ولو بالتدريج. لقد ثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن إصلاح الوضع من داخله دونه خرط القتاد. هذا هو معيار النجاح الأكثر تعبيراً ولا غير.

أما أن يكون النجاح ككل النجاحات التي تمخضت عنها مؤتمرات عقدت عبر سنين طويلة تنتهي بانفضاض التجمعات وتشكيل اللجان والهيئات أو إصدار البيانات والتوصيات، فهذا تكريس لنهج الانحناء، وتسليم للرقاب ومضي في ذات الطريق بذات الأدوات.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

20 شهيدا وعشرات الجرحى بمجزرة مروعة وسط غزة

20 شهيدا وعشرات الجرحى بمجزرة مروعة وسط غزة

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام ارتكبت قوات الاحتلال الإسرائيلي، مساء اليوم الثلاثاء، مجزرة مروعة بحق النازحين، عقب قصف الطيران الحربي لمدرسة تُؤوي...

الاحتلال يُمدد اعتقال 58 أسيرا إداريا

الاحتلال يُمدد اعتقال 58 أسيرا إداريا

رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام أفادت هيئة شؤون الأسرى والمحررين وجمعية "نادي الأسير الفلسطيني"، بأن سلطات الاحتلال الإسرائيلي أصدرت 58 أمر...