السبت 28/سبتمبر/2024

مؤتمر فلسطينيي الخارج.. السلطة وفوبيا الإصلاح

مؤتمر فلسطينيي الخارج.. السلطة وفوبيا الإصلاح

لم يكن طرح فكرة إيجاد إطار يجمع الشتات الفلسطيني سهلا على السلطة الفلسطينية، التي تماهت عبر عقود مع المؤسسات القائمة، ابتداء من منظمة التحرير ووصولا إلى غيرها، برتابة ودون أدنى تفعيل. 

“مخاوف السلطة”، ردا على مؤتمر فلسطينيي الخارج الشعبي، سرعان ما تفجرت على شكل بيانات وتصريحات رافضة لهذه التحركات، وهو ما يراه مراقبون “فوبيا” الخوف من عمليات الإصلاح، وإعادة إحياء المؤسسات الوطنية التي طالما انتظر “فلسطينيو الشتات” حراكها تعبيرا عن قضيتهم.

“فوبيا” الشتات
رئيس منتدى التواصل الفلسطيني الأوروبي في لندن زاهر البيراوي، يرى في حديثه لـ“المركز الفلسطيني للإعلام”، أن السلطة لا تخاف من المؤتمر فحسب، بل كل تحرك من شأنه تفعيل دور الشتات الذي قضت عليه، عازيا السبب إلى أن المؤتمر سيكشف عورتها (السلطة) المتمثّلة في حصر عملها واهتمامها بشؤون أهلنا في الأرض المحتلة (الضفة والقطاع)، بينما همش نصف الشعب الفلسطيني في الشتات.

وبما يخص منظمة التحرير الفلسطينية، “فهي أيضا تخشى المؤتمر، وأي تحرك لتفعيل دور فلسطينيي الشتات، لأنها تعي جيدا بأن أي حراك لفلسطيني الشتات يعني خارطة جديدة للقوى الفلسطينية، وإشراك الجميع في هياكل المنظمة، وهذا ما لا يريدونه حتى الآن”، وفق البيراوي.

ويقول البيراوي: إن “المؤتمر سيشكل حالة من العمل الوحدوي النموذجي، الذي يركز على القواسم المشتركة، وعلى المصلحة العليا لشعبنا وأهلنا وقضيتنا، وسيكون حافزا أكبر لدفع الفصائل والحركات السياسية للعمل معا وللمصالحة والوحدة”.

“أوليغارشيا” فلسطينية
بدوره، يقول الخبير السياسي وائل أبو هلال: “ليست السلطة وحدها التى تخشى المؤتمر؛ فهناك طبقة مستفيدة من بقاء الوضع الفلسطيني عامّة وفلسطينيي الخارج خاصّة، راكداً خاملاً غير فاعل”.

ويتابع في حديثه لـ“المركز الفلسطيني للإعلام” بالقول: “السلطة عملت على أمرين خطيريْن: الأوّل: تشكيل ما اصطلح عليه (الفلسطينيّ الجيّد) في الداخل، وهو جيل كامل من الموظفين والمنتفعين والذين ارتبطت حياتهم بالسلطة ووظائفها. والثاني: الإهمال التام لفلسطينيي الخارج وهمومهم وحاجاتهم، وشطبهم عن خارطة الاهتمام الوطني.

“كما أنّ ديناصورات العهد القديم وكهنة وسدنة المعبد الوطني (المنظمة)، يرون في أيّ حراك خارج منظومتهم من أيٍّ كان تهديداً لمصالحهم وكياناتهم الفاسدة، والتي شكّلت أوليغارشيا (قلة حاكمة) فلسطينية، احتكرت العمل لمصالحها وليس لمصالح الشعب، ولا لصالح القضيّة”، بحسب أبو هلال.

ويؤكد أبو هلال، أن هذه الطبقة ليست ضدّ المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج فحسب، بل ضدّ أيّ عمل أو فعالية هم ليسوا على رأسها أو بؤرتها، ببساطة لأنّها تكشف عجزهم وتخاذلهم وفشلهم في النهوض بهموم الشعب وعبء القضيّة والوطن.
توقيت المؤتمر
وفي رده على توقيت مؤتمر فلسطينيي الشتات بإسطنبول، يقول أبو هلال، “ليس للعمل الشعبي لقضيّة مثل القضيّة الفلسطينيّة توقيت محدّد، هو همٌّ مستمر طالما الأرض محتلة والعدوّ الغاصب جاثم على أرضنا وهموم شعبنا في ازدياد، إنّه أقلّ الواجب تجاه هذا الشعب العظيم”.
 
ويضيف الخبير السياسي، وأحد القائمين على المؤتمر، أنه في ظلّ انشغال الكل بهمومه نتيجة لما تعانيه شعوب المنطقة من حروب وصراعات محليّة وخارجية، تراجع معها الاهتمام بالقضيّة الفلسطينيّة كقضيّة عربيّة مركزيّة، وبالذات هموم فلسطينيي الخارج، بالإضافة – بالطبع – لانشغال القوى الفلسطينيّة بالتركيز على هموم الداخل، وهو بلا شك يستحق هذا الانشغال وأكثر، ولهذا رأينا من واجبنا أن ننهض بمسؤولياتنا تجاه قضيّتنا الوطنيّة عامّة، وهموم شعبنا في الخارج وقضاياه خاصّة”.

ويبدد “أبو هلال” مخاوف السلطة وغيرها من “الخائفين”، من مخرجات المؤتمر، بأن أهدافه لن تتجاوز، التأكيد على حق التحرير وتقرير المصير لشعبنا ودور الخارج في ذلك، والتأكيد على حق العودة للاجئين، والعمل من أجل تحقيقه، والعمل السياسي لتحصيل الحقوق المدنية والإنسانية لشعبنا، والمشاركة السياسية في صنع القرار الوطني الفلسطيني، وبناء وتعزيز وحدة الموقف السياسي للشعب الفلسطيني في الخارج.

حقبة المتطرفين

في خضم حقبة المتطرفين (نتنياهو وترمب) كما أطلق عليها “البيرواي”، يؤكد، أن المؤتمر بأهدافه المعلنة يأتي في وقته، “ونحن أحوج ما نكون إليه لرص الصفوف والتكامل بين الداخل والخارج، وبين الفصائل والمستقلين، وبين المنظمة والسلطة والشعب للدفاع عن حقوقنا الوطنية المعرضة للضياع التام”.

ويضع البيرواي عدة شروط لنجاح المؤتمر، بأن يكون حاضنة للجميع، ويبتعد عن المصالح الفئوية والحزبية، ويضع نصب عينيه العدو المشترك لنا جميعا وهو الاحتلال الصهيوني.

والأمر الثاني بحسب البيرواي، أن يضم في هياكله المتوقعة تشكيلة جامعة من الأطياف الفلسطينية المختلفة، “وسيكون وطنيا بحق لو نظم العلاقة بشكل سليم مع الهياكل الوطنية الحالية، ودفعها لتطوير نفسها وخلصها من حالة الإقصاء التي تمارس ضد أكثر من نصف المجتمع الفلسطيني”.

وعطفا على الشرط الثالث، يعدّ البيراوي أن المؤتمر سيكون ناجحا لو سلط الضوء على معاناة فلسطينيي الخارج وأحلامهم بالعودة، وخرج بخطوات عملية لتطوير أداء الشتات وحشد القوى الشعبية للتأكيد على حق العودة، وحق المشاركة السياسية وفِي صناعة القرار الوطني، كشرط رابع وأخير.

البعد عن الفصائلية
ويرى “أبو هلال” أن القائمين على المؤتمر حرصوا منذ بلورت فكرته، أن يكون جامعا للكل الفلسطيني بعيدا عن الفصائلية، ويقول: “إنه منذ اليوم الأوّل لانطلاق فكرة المؤتمر، كانت مفتوحة للكلّ الفلسطيني، فلم تكن موجهة باسم تيّار محدّد ولا لتيّار محدّد، وكانت في العلن فكرة ودعوة وتحضيراً واتصالات، وحرصنا أن تكون شعبيّة عامّة بعيدة عن الفصائلية”.
 
ويضيف: “هذا الأمر كان تحدياً كبيراً؛ فالشعب الفلسطيني والعمل الوطني الفلسطيني صُبِغ على الدوام بالفصائلية، والتي كان لها رغم التضحيات الكبيرة والإنجازات العظيمة لفصائلنا الوطنية بعض السلبيات منها شعور عامّة الشعب بالاستثناء من الهمّ أو العمل والشراكة”.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات