ليبرمان وتهديد غزة

اهتزت وسائل الإعلام المحلية الفلسطينية والعالمية على وقع التصريحات التي صرح بها وزير الجيش “الإسرائيلي” أفيغدور ليبرمان، موجهاً عبرها رسالة مباشر للفلسطينيين مفادها “أن “إسرائيل” مستعدة للموافقة على بناء ميناء بحري ومطار ومناطق صناعية، وتوفير 40 ألف فرصة عمل، إذا وافقت حركة حماس على تسليمها جثث الجنديين “أرون شاؤول وهدار غولدين”، بالإضافة إلى المدنيين “الإسرائيليين” الثلاثة الذين تحتجزهم حماس، والموافقة على تجريد غزة من السلاح وتنازل حماس عن الميثاق الداعي إلى إبادة “إسرائيل”.
واستكمل ليبرمان رسالته بالقول “لا يوجد أي سبب كي يعيش المدنيون والمواطنون في قطاع غزة في القرن الحالي بهذه الشروط والظروف الحياتية التي تقل كثيراً عن مستوى مثيلاتها في “يهودا والسامرة” والعالم العربي، لذلك على أهل غزة أن يفهموا أن إسرائيل التي انسحبت من قطاع غزة حتى المليمتر الأخير ليست سبب معاناتهم بل قيادة حماس التي لا تهتم بهم، وفي اللحظة التي تتنازل فيها حماس عن الأنفاق والصواريخ سنكون نحن أول من يستثمر في غزة، وسنحول غزة إلى سنغافورة قطاع غزة”.
ـ استكمالاً لمسلسل الحرب النفسية المثيرة لمشاعر سخط الشعب في غزة على المقاومة:
تصوّر الخطابات “الإسرائيلية” المُوجهة للشعب الفلسطيني القيادة “الإسرائيلية” وكأنها هي “القلب الرحيم الحامي للأمن الغذائي والاجتماعي والاقتصادي للفلسطينيين، وأنها تسعى دوماً لإرساء السلام والتطور والتنمية في المناطق الفلسطينية، وتحاول جاهدةً لاحتضان الجميع تحت خيمة آمنة، ولكن “المقاومة” هي العائق الذي لا يلتفت للمصلحة العامة للشعب الفلسطيني”.
لا يُعقل أن يكون العدو عطوفاً على الشعب المعادي له، ولكن هي الحرب النفسية التي يمارسها العدو ضد مقاومتنا العتيدة. تُعرف الحرب النفسية أو ما يُعرف اصطلاحاً “بالديماغوجيا أو السفسطائية” على أنها عدة أساليب تركن إلى مخاطبة مخاوف الناس الأمنية والشعبية، ولفت الانتباه إلى حالة التقهقر الاقتصادي والتهديدات الأمنية المحيطة بهم، ومن ثم التملق لعواطفهم وطموحاتهم الاقتصادية والاجتماعية ورسم الحلول البعيدة عن المنطق البرهاني، أو تعني الكلام الفارغ معدوم القيمة الذي يقوم على إثارة مخاوف وقهر الجمهور، ومن ثم تقديم الحلول من قبَل المثير لهذه المخاوف ليظهر بمظهر “المنقذ”، والمسعى الأساسي لممارِس الحرب النفسية هو كسب تعاطف الشعب على حساب الطرف الداخلي، لتشتيت طاقته وتركيزه وإيقافه عن إحراز أي نجاح ملموس.
وتمارس “إسرائيل” الحرب النفسية المستهدفة لعواطف الشعب الفلسطيني، خاصة في غزة، منذ فوز حركة حماس عام 2006، وتطمح من خلال هذه الحرب لهزّ صورة المقاومة، وإفقادها الحاضنة الاجتماعية، ظناً منها بأن الشعب الفلسطيني ساذج وبسيط يصدق أكاذيب عدوٍّ لم يعزف يوماً عن تهويد حقوقه، وضرب ركائز اقتصاده وحياته الاجتماعية، فالشعب الفلسطيني يعي التاريخ جيداً، ويتميز بذاكرة حاضرة لا ذاكرة سمكية غافلةً عن تاريخها، فلو كانت “إسرائيل” حريصةً بالفعل على تحويل قطاع غزة إلى سنغافورة لفعلت ذلك عندما سيطرت عليها ما بين عامي 1967 و1994، أو لأفسحت المجال أمام السلطة الفلسطينية التي استلمت الحكم عام 1994، ولكن الهدف الأساسي “لإسرائيل” هو الإبقاء على قوة المقاومة والشعب الفلسطيني هزيلةً بشكل يرجح كفة ميزان القوى الدبلوماسية والاقتصادية والاجتماعية لصالحها، وذلك الهدف معلوم من قبل أصغر طفلٍ فلسطيني، الأمر الذي يفرغ مضمون تلك الحرب التي دأبت “إسرائيل” على ممارستها ضد شعبنا ومقاومته.
ـ تضليل الإقليم والعالم:
إلى جانب الحرب النفسية، ترمي “إسرائيل إلى ممارسة حرب إعلامية ودبلوماسية ناعمة ضد المقاومة الفلسطينية، حرب ترتكز على مقولة “نحن نبذل جهوداً حثيثةً لإنعام الفلسطينيين بحقوقهم، ولكن حماس هي من ترفض ذلك، وتتجه لتصعيد وتيرة الحرب”. وبالطبع من ينظر من الخارج إلى هذا الطرح يفترض أنه حقيقي وواقعي، وهنا تتجلى المهمة الأساسية للإعلام الفلسطيني، وهي مواجهة هذه الادعاءات العارية عن الصحة والمضللة بعرض الحقائق والجرائم التي يمارسها ذلك العدو “المحتال”.
ختاماً، ستواصل “إسرائيل” حربها النفسية ضد الشعب الفلسطيني لا محالة، ولمواجهة هذه الحرب وإفشالها، لا بد من الحفاظ على الوعي الشعبي والرفع من مستواه، فالوعي الشعبي هو المفتاح الرئيس لصد العدو عن مأربه، والإبقاء على الحاضنة الشعبية للمقاومة متينة ومتماسكة، فالشعب المحاصر والمكلوم على يد ذلك العدو المتغطرس ليس بالأحمق ليصدق ترهاته وادعاءاته، لكن لا بد من لعب الإعلام الفلسطيني المضاد لهذه الحرب دوراً فعالاً في مجابهتها عبر رفع معنويات الشعب وسرد تاريخ خداع العدو منذ احتلاله للبلاد وحتى اليوم، أيضاً تجدر الإشارة إلى ضرورة التعجيل بالجهود الدبلوماسية التي قد تبيض صفحة العلاقات مع مصر، وبالتالي فتح أبواب تجارية جديدة تساهم في إحراز اقتصاد تكاملي يسهم في إحداث غزة لتنميتها المفقودة، ويحرر الشعب الغزي من حالة التدهور الاقتصادي التي يمر بها.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

الهمص: الاحتلال يقتل طفلًا في غزة كل 40 دقيقة
غزة- المركز الفلسطيني للإعلام كشف مدير عام المستشفيات الميدانية بغزة مروان الهمص، عن استشهاد أكثر من 16 ألف طفل في قطاع غزة، منذ بداية حرب الإبادة...

تقرير: التدمير الإسرائيلي للقطاع الزراعي يستهدف إبادة الفلسطينيين واستئصال وجودهم
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أكد المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، أن الهجوم العسكري الإسرائيلي على قطاع غزة المتواصل منذ أكتوبر 2023، استهدف بشكل...

هيئة الأسرى: إهمال طبي متعمد وقمع متواصل للأسرى في عوفر
رام الله - المركز الفلسطيني للإعلام قالت هيئة شؤون الأسرى والمحررين إن إدارة سجن "عوفر" الاحتلالي تواصل اقتحام غرف الأسرى، وقمعهم، تزامنا مع إهمالهم...

الاحتلال هدم 600 منزلاً في جنين ويوسع عمليات تجريف المخيم
جنين - المركز الفلسطيني للإعلام يواصل الاحتلال الإسرائيلي منذ أكثر من 106 أيام عدوانه على مدينة جنين ومخيمها، مع توسيع عمليات التجريف والتدمير داخل...

حماس: الخطة الإسرائيلية الأمريكية لتوزيع المساعدات تمثل خرقاً للقانون الدولي
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أكدت حركة المقاومة الإسلامية حماس، رفضها الشديد تحويل المساعدات إلى أداة ابتزاز سياسي أو إخضاعها لشروط الاحتلال،...

أوتشا: الخطة الإسرائيلية لتوزيع المساعدات تتناقض مع المبادي الإنسانية
نيويورك - المركز الفلسطيني للإعلام دعت الأمم المتحدة زعماء العالم إلى توفير الغذاء للمدنيين في قطاع غزة، في ظل دخول "الحصار الشامل" الذي تفرضه...

سلطات الاحتلال تهدم قرية خلة الضبع في مسافر يطا
الخليل - المركز الفلسطيني للإعلام هدمت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الاثنين، قرية خلة الضبع بمسافر يطا جنوب الخليل، في واحدة من أوسع عمليات...