رحلتي إلى فلسطين في سنتياغو

يقول البعض أنّه من لم يمرّ على بلده أو تنسّم هواءها يكون قد فقد إحساساً غاية في الجمال، فكيف إن كان ذلك البلد “فلسطين”.. نعم فلسطين بكافة معانيها، وبخيالها الذي لا يغيب عن بال أحد!!
تجدها في التفاصيل والمضامين، تجدها كيفما التفتت عيناك، فهي حاضرةٌ في الوجدان وفي الضمير الحيّ أمام أجيالٍ امتدّت جذورها لقرنٍ من الزمن.
في رحلتنا إلى تشيلي حدثت معنا قصة طريفة ملأى بالتحدي، بدأت برسالةٍ وصلتنا في الصباح الباكر، مفادها أنّ علينا الذهاب إلى الحيّ العربي في مدينة سانتياغو عاصمة تشيلي! وكان من البديهيّ أن نتساءل أين هو ذلك الحي العربي وأين يقع، وهل فعلاً هناك حيٌّ عربيّ في تلك المدينة، آخر بقاع الأرض؟!
طال الانتظار ولم يصلنا الجواب، فإذ بأحد أعضاء الفريق، وكنا ثلاثة، يبحث عن موقع المكان عبر “غوغل” ويشير إلى أنّه يقع في تلك البقعة من سانتياغو. وبعد تشاورٍ بين أعضاء الفريق قبلنا التحدّي وذهبنا لنستكشف العالم دون خوف أو تردد خاصة كوننا لسنا من أبناء هذه المنطقة أو البلد بالعموم.
خرجنا في سيارة أجرة وبعد أكثر من ثلث الساعة دخلت بنا الحي المنشود، وإذ بأحدنا يصرخ “وقّف هون وقّف هون خلص وصلنا”، نظرتُ إليه وقلتُ “وين وصلنا يا زلمي؟”، وإذ به يشير إلينا أن انظروا إلى ذلك المحل، انظروا إلى قبة الصخرة وعلم فلسطين وخريطة فلسطين، انظروا إلى الإعلانات التي يضعها أمام محلّه، فجميعها تشير إلى فلسطين والمأكولات الفلسطينية الشهيرة.
دخلنا على ذلك المحل، وبعد حديثٍ مُطوّل تقشعرّ له الأبدان، تعرفنا على صاحب المكان وهو فلسطينيٌّ من بيت جالا عاش في تشيلي لما يقرب الـ45 عامًا، حدّثنا عن حب فلسطين ومكانتها وكيّف قام بتربية أبنائه على ذلك.
وبعد قليل وصلنا إلى مقهى في وسط الحي يُدعى “مقهى بيت جالا”، فإذ بنا نلتقي خيرة أبناء ذلك الحيّ من الفلسطينيين المهاجرين إلى تلك البلاد والفرحة تغمر قلوبنا، حيث لا صوت يعلو فوق صوت فلسطين في هذا المقهى.
تعرفنا على السيد إلياس الشعار، وهو أيضاً من بيت جالا، وكم أحببنا هذا الرجل العريق بكلّ ما تحمله هذه الكلمة من معنى. وهنا بدأ مشوارنا لنكتشف الإنسان الفلسطينيّ في تشيلي، إذ تطوّع الشعّار بأخذنا إلى كلّ بيتٍ فلسطينيّ وكلّ زاوية يوجد فيها فلسطيني في هذا الحي.
دخلنا على أحد المخابز وكان شعار ذلك المخبز الكوفية والعلم الفلسطيني، ودخلنا على آخر فإذ بالعلم الفلسطيني يرفرف عاليًا فوق مكان عمله، والخريطة، والكوفية، وصور قديمة تعود إلى بيت لحم وبيت سحور وبيت جالا معلّقة على جدران تلك الأماكن.
والسؤال الأهمّ في كل ذلك: هل هؤلاء من الجيل القديم من فلسطين؟
فكان الجواب: لا بالطبع؛ هؤلاء هم الجيل الثالث والرابع المتواجدون هنا في تشيلي يحبّون فلسطين وينتظرون ذلك اليوم الذي تتحرّر فيه الأوطان ويعودون إلى ديارهم.
ومع نهاية نهارنا عدنا إلى مكان إقامتنا، ولسان حالنا يقول «لقد قطعنا أكثر من ثلاثة عشر ألف ميل وقد كتب الله لنا أن نشهد للعالم أجمع أن فلسطينيي الخارج استطاعوا أن يثبتوا أنّ تقادم الزمن والمسافات لا يقتل الانتماء»!
*عضو اللجنة التحضيرية لحملة “انتماء”، والمدير التنفيذي لمؤسسة فلسطين للتراث “جذور”
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

قاض أميركي يأمر بالإفراج عن الطالب الفلسطيني محسن مهداوي
المركز الفلسطيني للإعلام أمر قاض فدرالي أميركي، اليوم الأربعاء، أمرا بالإفراج عن محسن مهداوي، الطالب الفلسطيني الذي اعتُقل هذا الشهر أثناء حضوره...

حماس تدعو إلى مواصلة الحراك العالمي تضامناً مع غزة وضدّ العدوان الصهيوني
المركز الفلسطيني للإعلام دعت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) جماهير أمتنا العربية والإسلامية والأحرار في العالم إلى مواصلة الحراك الجماهيري العالمي،...

قصف إسرائيلي على صحنايا بريف دمشق
دمشق - المركز الفلسطيني للإعلام شنت طائرات الاحتلال الإسرائيلي -اليوم الأربعاء - عدة غارات على صحنايا في ريف دمشق، بالتزامن مع عملية أمنية ضد...

حرائق كبيرة في إسرائيل والسلطة تعرض المساعدة
المركز الفلسطيني للإعلام اندلعت حرائق كبيرة في كيان الاحتلال الصهيوني، اليوم الأربعاء، وفشلت السلطات المحتلة في السيطرة عليه، في حين عرضت السلطة...

الاحتلال يصيب طفلاً في جنين وينصب بوابات حديدية جنوبي الأقصى
جنين - المركز الفلسطيني للإعلام أصيب طفل، اليوم الأربعاء، برصاص قوات جيش الاحتلال في جنين شمالي الضفة الغربية، فيما نصب الاحتلال حواجز عسكرية في...

أوكسفام وشبكة المنظمات الأهلية: مخازن المواد الغذائية نفدت تماما
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أكدت منظمة "أوكسفام"، وشبكة المنظمات الأهلية في غزة تزايد الأوضاع الإنسانية في القطاع صعوبة بشكل كبير منذ 2 مارس/آذار...

إغلاق مدارس الأونروا في القدس يهدد حق 800 طفل بالتعليم
القدس المحتلة - المركز الفلسطيني للإعلام حذرت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، من أن إغلاق سلطات الاحتلال مدارس المؤسسة الأممية في...