الجمعة 05/يوليو/2024

الفلسطيني محمد أبو سخا .. من حبال السيرك إلى شِباك الأسر

الفلسطيني محمد أبو سخا .. من حبال السيرك إلى شِباك الأسر

مضى أكثر من عام كامل على اعتقال سلطات الاحتلال لعارض السيرك الفلسطيني “محمد أبو سخا”، وزجّه في سجونها دون توجيه أي لائحة اتهام بحقه أو تقديمه للمحاكمة.

لم يدرك الشاب الفلسطيني البالغ من العمر 25 عاماً، أن مروره عبر حاجز “زعترة” العسكري (جنوب مدينة نابلس) بتاريخ 14 كانون أول/ ديسمبر 2015، أثناء توجهه إلى عمله في بلدة بيرزيت (شمال رام الله)، سيوقعه في شباك الأسر، وهو البارع في العروض البهلوانية وألعاب القفز والتأرجح، غير أن مصيدة الاعتقال الإداري الإسرائيلي لم تخطئه هذه المرة.

عصر ذاك اليوم، أوقفت قوة عسكرية إسرائيلية حافلة فلسطينية على حاجز “زعترة”، وبعد التدقيق في هويات ركابها طُلب من “أبو سخا” الترجّل منها، ليخضع لعملية تفتيش دقيقة ويبقى في العراء لأكثر من ثلاث ساعات، قبل نقله معصوب العينين ومقيد اليدين، إلى معسكر “حوارة” جنوب نابلس.

في المعسكر بقي الفلسطيني أبو سخا سبعة أيام، حوّل من بعدها إلى الاعتقال الإداري لمدة ستة أشهر.

والد عارض السيرك الفلسطيني، فيصل أبو سخا، تحدث وفقا لتقرير لوكالة “قدس برس” عن مسيرة نجله في عالم الألعاب البهلوانية، قائلا: “بدأ محمد مشواره مع السيرك عندما كان لاعب جمباز في نادي جنين الرياضي، ولم يكن عمره آنذاك يتجاوز الـ 15 عاماً، ثم انتقل عام 2007 إلى مدرسة سيرك فلسطين وبدأ كطالب فيها، وبعد مضي أربعة أعوام أصبح مدرباً رياضياً وعارضاً فيها”.

وأضاف “قدّم محمد عدة عروض فنية في مختلف محافظات الضفة الغربية، وشارك في دورات تدريبية مختلفة في فرنسا وألمانيا وبلجيكا، وكان من المقرر أن يشارك في تدريبات أخرى في شهري آذار وحزيران من العام الماضي، غير أن الاعتقال حرمه من ذلك”.

المهرج.. محبوب الأطفال

وعن الحركات والعروض التي يتقنها ويقدمها “محمد”، أشار والده إلى أن نجله يتقن الكثير من الحركات البهلوانية، كالقفز في الهواء والمشي على الحبال وقذف الكرات، بالإضافة لتقديمه عروضاً مسرحية أخرى، وإتقانه دور المهرج “حتى صار محبوباً لدى الأطفال”.

من جانبه، تحدّث مدير مدرسة “سيرك فلسطين” وأحد مؤسسيها، شادي زمرد، عن عمل “أبو سخا” في المدرسة، موضحاً أنه “منذ أكثر من عامين بدأ محمد بتدريب 30 طفلاً وفتى من ذوي الإعاقات العقلية والجسدية، في خطوة إنسانية تهدف لدمج وتأهيل هذه الفئة المهمشة في المجتمع، حيث كان طموحه الدائم أن يجعل من هؤلاء الأشخاص العاجزين عارضي سيرك محترفين”.

وذكر زمرد خلال التقرير، أن “محمد حقق في هذا الإطار نجاحات كبيرة، تدّل على إحداها حالة الطفل محمد البرغوثي (11 عاماً)، الذي استطاع بفضله المشي أكثر من 8 خطوات دون استخدام جهاز جهاز المساعدة في المشي، رغم أنه يعاني من إعاقة حركية منذ ولادته”، مستطردا بالقول “يسجل لمحمد أنه حوّل السيرك لوسيلة علاجية جسدية ونفسية”.

وأشار مدير المدرسة التي تضم أكثر من 300 طالب وطالبة، إلى أن “الأطفال المعاقين تعلقوا بمحمد بشكل كبير لشخصيته المرحة وعروضه الكوميدية التي يقدمها وصبره عليهم، وهم يسألون عنه باستمرار ويتمنون الإفراج  عنه في أقرب وقت”.

وأضاف: “محمد لديه قدرة سحرية على رسم الابتسامة على وجوه الأطفال، أعتقد أن هذا هو سر حبهم له”.

ولفت زمرد إلى أن غياب “أبو سخا” ترك فراغاً في العروض التي كان يقدمها خاصة لشريحة الأطفال والمعاقين، وهو ما دفع المدرسة لتقديم عروض بديلة.

تضامن دولي وتقصير محلي

وعن الفعاليات التضامنية التي أطلقتها المدرسة مع الأسير “أبو سخا”، أوضح زمرد أن هذه النشاطات بدأت منذ اليوم الأول لاعتقاله؛ حيث شملت حملة تضامنية واسعة من مدارس السيرك العربية والأجنبية، وصلت حتى البرازيل وكندا والدنمراك وإيطاليا وبريطانيا، بالإضافة إلى وقفات احتجاجية أمام السفارات الإسرائيلية، وإرسال عدة برقيات للحكومات الأجنبية تطالبهم بقطع علاقتهم مع دولة الاحتلال.

وتابع، “في يوم محكمة محمد الأولى، حضر الجلسة ممثلون عن مكتب الاتحاد الأوروبي والقنصلية البلجيكية ومكتب الممثلية السويسرية لدى السلطة الفلسطينية، ووكالة التعاون الإسبانية، ومنظمة العفو الدولية، ومؤسسة أخرى إيطالية، ومندوبون من حركة التضامن الدولية”.

وتطرّق زمرد إلى آخر هذه النشاطات التي شملت تصميم قمصان مكتوب عليها باللغة الإنجليزية “الحرية لأبو سخا”؛ حيث من المقرر أن يرتديها عدد من الفنانين العالميين والمغنين والراقصين ولاعبي السيرك خلال عروضهم، إلى جانب عدد من الأطباء.

وانتقد امتناع الحكومة الفلسطينية عن متابعة ملف “أبو سخا” بشكل كافٍ، قائلا “أمام هذا التضامن الدولي والعربي الواسع نجد في المقابل تقصيراً من الجانب الفلسطيني الرسمي”.

واحد من بين 700 معتقل إداري

ويعد أبو سخا واحداً من بين 700 معتقل إداري يحتجزهم الاحتلال في سجونه دون توجيه تهم محددة بحقهم، ويكتفي القاضي بالاطلاع على ملف سري تقدمه النيابة العسكرية الإسرائيلية لتبرير تمديد اعتقالهم كل مرة، ويمنع محامي الدفاع من الاطلاع عليه، وغالباً ما يكون هذا الملف خلاصة استنتاجات أو تكهنات يرفعها جهاز المخابرات الإسرائيلية.

من جهته، أكد محامي مؤسسة “الضمير” الحقوقية، محمود حسان، أن سلطات الاحتلال تدعي أن “أبو سخا” نفذ عدة نشاطات في إطار تنظيم محظور (في إشارة للجبهة الشعبية)، وتستند على “دليل واحد ضعيف”.

وأشار إلى تمديد اعتقال “أبو سخا” قبل عدة أيام لمدة ستة شهور، للمرة الثالثة منذ اعتقاله.

وبيّن حسان  أن “أبو سخا” تعرّض للاستجواب فور اعتقاله، ولم يثبت بحقه ارتكاب أية مخالفة، مشيراً إلى عدم وجود أي مواد جديدة في ملفه، وهو ما يعني ترجيح توجهه للمحكمة الإسرائيلية العليا لانتزاع قرار بالإفراج عنه.

أما والدته التي تمكنت من زيارة ابنها مرة واحدة في سجن “مجدو” الإسرائيلي، فأشارت إلى أن محمد يقوم بتدريب الأسرى الأطفال داخل المعتقلات؛ خاصة المعاقين منهم ممّن أصابهم رصاص الاحتلال.

وتضيف “يحرص محمد رغم اعتقاله على مواصلة دوره بالتخفيف عن الأطفال من خلال العروض التي يقدمها، كما يسعى لتحويل السجن لسيرك صغير أو مخيم صيفي”، على حد وصفها.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

١١ عملاً مقاوماً في الضفة خلال 24 ساعة

١١ عملاً مقاوماً في الضفة خلال 24 ساعة

رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام سجل مركز معلومات فلسطين "معطى" 11 عملاً مقاوماً، توزعت بين اشتباكين مسلحين، وتفجير عبوة ناسفة، واندلاع مواجهات...