هل يقضي نقل السفارة على ما تبقى من سراب التسوية؟

قد يظن البعض أن تصريحات الرئيس الأمريكي الجديد، دونالد ترمب، حول نقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس المحتلة، جديدة أو غريبة في سياق تطور العلاقات الاستراتيجية بين الطرفين، لكن متابعة دقيقة لتاريخها يلحظ منها أن مثل هذه التصريحات لطالما ترددت على ألسنة المسؤولين الأمريكيين بين الفينة والأخرى.
السلطة الفلسطينية حتى هذه اللحظة لا تعلم ما يدور في ذهن ترمب، ولا يزال هاجس الخطر “المجهول” القادم من واشنطن مُسيطراً على المشهد، بعد تلقيها مؤشرات أولية تؤكد أن مرحلة ترمب ستكون “مظلمة” على تاريخ القضية والحقوق الفلسطينية، بعد تمسك الرئيس الأمريكي المنتخب بأخطر الملفات؛ المتمثل “بنقل السفارة الأمريكية لمدينة القدس المحتلة”، ما قد يشعل الحرب والمواجهة مع الإدارة الأمريكية مبكراً.
ترجح مصادر سياسية إسرائيلية أن يتم الإعلان عن نقل السفارة الأمريكية إلى القدس مع بداية عهد ترمب وخلال الأسابيع الأولى لولايته؛ فقد نقلت الإذاعة الإسرائيلية، 19 يناير/ كانون الثاني، عن المصادر التي لم تسمها أن طاقماً أمريكياً تفقد مؤخراً الموقع المخصص لإقامة مبنى السفارة في القدس. كما أكدت مسؤولة أمريكية اختارها دونالد ترمب لتكون سفيرة بلاده في الأمم المتحدة، 18 يناير/كانون الثاني، أن واشنطن تعتزم نقل سفارتها من تل أبيب إلى القدس.
يأتي الكشف عن هذه المعلومات بالتزامن مع تحذير الرئيس الأمريكي باراك أوباما، في آخر مؤتمر صحفي له قبل تسليم الرئاسة لترمب، من أن نقل سفارة الولايات المتحدة إلى القدس قد يسفر عن نتائج من شأنها “تفجير” الوضع في المنطقة. ترمب، المتمسك بهذا الملف يريد أن يثبت للجميع أنه “الأقوى”، وأنه الرئيس الوحيد القادر على ذلك، بعد فشل 3 رؤساء سابقين؛ هم بيل كلينتون، وجورج بوش الابن، وباراك أوباما، رغم موافقة الكونغرس بشقيه على القرار.
مع تزايد احتمالات تنفيذ وعود ترامب بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى مدينة القدس المحتلة ستكون المرحلة المقبلة صعبة وقاسية للغاية على الفلسطينيين، وفيها انتهاك خطير للغاية للقانون الدولي، وقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 181. خلال حملة ترامب الانتخابية كان يتغنى بورقة نقل السفارة الأمريكية لمدينة القدس المحتلة، وهذا الأمر في حال تم تنفيذه بعد فشل رؤساء أمريكيين سابقين، فسيكون مؤشراً خطيراً للغاية.
التعامل مع خطوة ترمب سيدفع السلطة الفلسطينية إلى التوجه إلى مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة بمواجهة الإدارة الأمريكية بحسب تصريحات مسؤولين فيها، كما ستطالب بعقد جلسات طارئة لمجلس الأمن الدولي، وإعادة فتح ملفي “الجدار الفاصل” و”المستوطنات” من جديد على المستوى الدولي، بحسب المسؤولين في السلطة.
وبحسب القانون الدولي؛ تعتبر القدس مدينة محتلة، وعليه تمتنع الدول الكبرى عن نقل سفاراتها إليها، رغم إصرار الجانب الإسرائيلي على أن القدس العاصمة الموحدة والأبدية لكيان الاحتلال.
ترمب وبعض مستشاريه قالوا خلال الحملة الانتخابية، إنه: “إذا فاز في الانتخابات، فستعترف إدارته بالقدس الموحدة عاصمة أبدية لإسرائيل، وسيطبق قرار الكونغرس بشأن نقل السفارة إلى القدس”، كما قال ترمب ذلك لرئيس الحكومة الإسرائيلية نتنياهو، في أثناء اجتماعه به في نيويورك، سبتمبر/أيلول الماضي.
وبعد فوز ترمب وانقضاء الحملة الانتخابية حاول طاقم الرئيس المنتخب الإيحاء بنية التراجع عن وعد نقل السفارة، وقال المستشار السياسي لترمب، وليد فارس، في لقاء مع شبكة BBC: إن “ترامب قصد نقل السفارة إذا حظي القرار بالإجماع”.
كل الإدارات الأمريكية، جمهورية وديمقراطية، رفضت الاعتراف بسيادة أي دولة على القدس، ومنذ 1995 فرض الرؤساء من الحزبين الفيتو على تطبيق قرار الكونغرس المتعلق بنقل السفارة إلى القدس. بالمقابل، ينتظر الإسرائيليون بفارغ الصبر وعد الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، بنقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس المحتلة، وسط تشكيك بقدرة ترامب على تنفيذ وعده.
رغم الدعم الأمريكي الكبير لكيان الاحتلال، فإن خطوة نقل السفارة تشكّل رمزيّة كبيرة؛ إذ إنها قد تعطي ضوءاً أخضر له للاستمرار في الاستيطان بالضفة الغربية والقدس المحتلة، وقد تحذو دول أخرى حذوها. ترمب سيدخل في المحظور بالكثير من الملفات السياسية الخطيرة، ووعوده بنقل السفارة الأمريكية لمدينة القدس المحتلة قد ينفذها في حال وجد الدعم من قبل الكونغرس الأمريكي، وهو مستعد وجاهز لأي تصعيد أو مواجهة مع الفلسطينيين وغيرهم.
وزيرة العدل الإسرائيلية، إيليت شاكد، من حزب “البيت اليهودي”، دعت ترمب إلى الوفاء بوعده بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس المحتلة، كما دعت تسيبي هوتوفلي، نائب وزير الخارجية، وهي من حزب الليكود، ورئيس بلدية القدس نير بركات، إلى نقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة. فهل تكون أولى خطوات ترمب على مستوى السياسة الخارجية إشعال الشرق الأوسط والمنطقة برمتها؟ أم أن وعود الانتخابات يمحوها ضوء التنصيب؟
المصدر: فلسطين أون لاين
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

قتلى وجرحى في تفجير مبنى بقوة من لواء غولاني برفح
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام قتل عدد من جنود جيش الاحتلال الإسرائيلي وأصيب آخرين في رفح، اليوم الخميس، وفق وسائل إعلام إسرائيلية، فيما قالت كتائب...

شهيد وجرحى في سلسلة غارات إسرائيلية على جنوب لبنان
بيروت - المركز الفلسطيني للإعلام استشهد مواطن لبناني وجرح آخرون، في سلسلة غارات شنها جيش الاحتلال الإسرائيلي على جنوبي لبنان، اليوم الخميس، على ما...

حصيلة الإبادة ترتفع إلى أكثر من 172 شهيدا وجريحا
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أفادت وزارة الصحة بغزة، اليوم الخميس، بأن مستشفيات القطاع استقبلت 106 شهداء، و367 جريحا وذلك خلال 24 الساعة الماضية...

الادعاء الروماني يحيل شكوى ضد جندي إسرائيلي إلى النيابة العسكرية
بوخارست - المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت مؤسسة “هند رجب” أن المدعي العام في رومانيا أحال الشكوى التي تقدمت بها المؤسسة ضد جندي إسرائيلي إلى مكتب...

الاحتلال يحول الصحافي الفلسطيني علي السمودي إلى الاعتقال الإداري
رام الله - المركز الفلسطيني للإعلام حوّلت قوات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الخميس، الصحافي الفلسطيني علي السمودي من جنين، شمالي الضفة الغربية،...

“موت ودمار لا يمكن تصوره”.. منظمة دولية تطلق نداءً لوقف النار في غزة
لندن - المركز الفلسطيني للإعلام أطلقت "منظمة أوكسفام الدولية"، نداءً مفتوحًا يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة، محذّرة من استمرار الكارثة...

شهيد وإصابات برصاص الاحتلال في البلدة القديمة بنابلس
نابلس - المركز الفلسطيني للإعلام استشهد شاب، متأثرا بإصابته برصاص الاحتلال الإسرائيلي، خلال اقتحام البلدة القديمة من مدينة نابلس، شمال الضفة الغربية...