مؤتمر باريس والتسوية المعطلة

القرارات التي خرج بها مؤتمر باريس الذي انعقد قبل أيام بمشاركة نحو 70 دولة ومنظمة، حول تسوية الصراع الفلسطيني «الإسرائيلي»، لم تتجاوز التأكيد على القرارات الدولية ذات الصلة، وجوهرها «حل الدولتين» ورفض الاحتلال والاستيطان، ورفض أي خطوات أحادية من كلا الجانبين خصوصاً الحدود والقدس، كما أنها ليست ملزمة وتفتقر إلى وجود آلية لتنفيذها.
بهذا المعنى، فإن المؤتمر لم يأت بجديد، أو يحدث تغييراً استراتيجياً في الوضع القائم، فالتطمينات قدمت مسبقاً إلى الكيان الصهيوني، قبل المؤتمر وأثناءه وبعد انعقاده، بأنه لن يكون بديلاً عن «المفاوضات المباشرة»، وأن فرض التسوية غير وارد، بقدر ما يسعى المؤتمر لوضع مقاربة للخطوط العريضة للتسوية، ومع ذلك وُوجه بغياب تمثيلي ورفض «إسرائيلي» قاطع لكل ما يصدر عنه.
هكذا تذهب قرارات مؤتمر باريس، على غرار قرارات سابقة، لتضاف إلى أرشيف القرارات الدولية المكدّسة، والتي لم يلتزم الكيان الصهيوني بها أو ينفذ قراراً واحداً منها، لتبقى الهوة في الصراع على حالها، بل ربما تزداد سوءاً وتعيده إلى المربع الأول، خاصة وأن ردة فعل «الكيان» بعد كل قرار دولي كان يعبر عنها بالمزيد من الاستيطان وإجراءات القمع ومصادرة الأرض والتهويد.
وإذا كان من إيجابية لمؤتمر باريس، فهي أنه أعاد القضية الفلسطينية إلى واجهة الأحداث والاهتمام الدولي، ولو مؤقتاً، في ظل انشغال العالم بقضايا الحرب على “الإرهاب”، والسجال الدائر بين إدارة ترامب وحلفاء أمريكا وأعدائها على حد سواء. وربما يوجه رسالة مبطنة إلى ترامب عشية تسلمه السلطة بأن العالم يتمسك بما ورد في قرارات مؤتمر باريس، ويحذر من تجاوز القرارات الدولية المتعلقة بحل الصراع.
لكن «الكيان» الذي يحاول أن ينأى بنفسه عن هذا السجال، يراهن في حقيقة الأمر، على قلب الطاولة. إذ بغضّ النظر عن أية مواقف تتخذها إدارة ترامب، فإن «الكيان»، وفق تصريحات العديد من مسؤوليه ووسائل إعلامه، متفق معها في أمرين: الموضوع النووي الإيراني، ودعم الاستيطان وحتى ضم الضفة الغربية، إلى جانب نقل السفارة الأمريكية من «تل أبيب» إلى القدس، وبالتالي فإن قرارات مؤتمر باريس ستظل بالنسبة له حبراً على ورق. وبالمقابل، فالسلطة الفلسطينية مرشحة للدخول في أسوأ علاقة لها مع أية إدارة أمريكية على الإطلاق، في ظل غياب أية استراتيجية وطنية بديلة، إن على صعيد إنهاء الانقسام الفلسطيني واستعادة الوحدة الوطنية، أو على صعيد الخيارات المتاحة، والعمل على تنويع هذه الخيارات، بما في ذلك العودة إلى خيار الانتفاضة الشعبية، أو حتى خيار الكفاح المسلح. والأسوأ من ذلك بالنسبة للسلطة أن خيارها الوحيد القائم على المفاوضات والتسوية لا يزال معطلاً، ولا يبدو أن مخرجات مؤتمر باريس ستدفع باتجاه إحيائها من جديد. لكن لننتظر ما الذي ستفعله إدارة ترامب!
المصدر: صحيفة الخليج الإماراتية
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

استشهاد شاب برصاص الاحتلال في بيتا جنوب نابلس
نابلس - المركز الفلسطيني للإعلام استشهد الشاب علاء شوكد أحمد اخضير، مساء اليوم الخميس، إثر إصابته برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال اقتحامها بلدة...

القسام يعلن عن كمين محكم لقوات الاحتلال في رفح
رفح - المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، الخميس، مسؤوليتها عن تنفيذ عملية مركبة ضد قوات الاحتلال الصهيوني في...

مجزرة هدم جديدة.. الاحتلال يخطر بهدم أكثر من 100 مبنى في مخيمي طولكرم ونورشمس
طولكرم – المركز الفلسطيني للإعلام أخطر جيش الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الخميس، بهدم عشرات المنازل في مخيمي طولكرم ونور شمس في طولكرم بالضفة الغربية...

91% من سكان غزة يعانون أزمة غذائية
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلن المدير العام لوزارة الصحة في قطاع غزة منير البرش، اليوم الخميس، أن 91% من سكان القطاع يعانون من "أزمة غذائية"...

مستوطنون ينصبون خياماً استيطانية جديدة على أراضي سنجل شمال رام الله
الضفة الغربية- المركز الفلسطيني للإعلامأقام المستوطنون اليوم الخميس، خيمة استيطانية جديدة على أراضي المواطنين في بلدة سنجل شمال رام الله. وقال أهالي...

تحذير من قتل ممنهج يتعرض له الأسير حسن سلامة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام حذر مكتب إعلام الأسرى من تعرض الأسير القيادي في حركة حماس حسن سلامة لتعذيب ممنهج في سجن مجدو الإسرائيلي، بهدف القتل....

3 شهداء بغارة إسرائيلية استهدفت سيارة في جنوبي لبنان
بيروت - المركز الفلسطيني للإعلام استشهد ثلاث أشخاص، اليوم الخميس، في غارة إسرائيلية استهدفت سيارة في بلدة ميس الجبل جنوبي لبنان. وأفادت وكالة...