الجمعة 21/يونيو/2024

مؤتمر باريس والتسوية المعطلة

يونس السيد

القرارات التي خرج بها مؤتمر باريس الذي انعقد قبل أيام بمشاركة نحو 70 دولة ومنظمة، حول تسوية الصراع الفلسطيني «الإسرائيلي»، لم تتجاوز التأكيد على القرارات الدولية ذات الصلة، وجوهرها «حل الدولتين» ورفض الاحتلال والاستيطان، ورفض أي خطوات أحادية من كلا الجانبين خصوصاً الحدود والقدس، كما أنها ليست ملزمة وتفتقر إلى وجود آلية لتنفيذها.

بهذا المعنى، فإن المؤتمر لم يأت بجديد، أو يحدث تغييراً استراتيجياً في الوضع القائم، فالتطمينات قدمت مسبقاً إلى الكيان الصهيوني، قبل المؤتمر وأثناءه وبعد انعقاده، بأنه لن يكون بديلاً عن «المفاوضات المباشرة»، وأن فرض التسوية غير وارد، بقدر ما يسعى المؤتمر لوضع مقاربة للخطوط العريضة للتسوية، ومع ذلك وُوجه بغياب تمثيلي ورفض «إسرائيلي» قاطع لكل ما يصدر عنه.

هكذا تذهب قرارات مؤتمر باريس، على غرار قرارات سابقة، لتضاف إلى أرشيف القرارات الدولية المكدّسة، والتي لم يلتزم الكيان الصهيوني بها أو ينفذ قراراً واحداً منها، لتبقى الهوة في الصراع على حالها، بل ربما تزداد سوءاً وتعيده إلى المربع الأول، خاصة وأن ردة فعل «الكيان» بعد كل قرار دولي كان يعبر عنها بالمزيد من الاستيطان وإجراءات القمع ومصادرة الأرض والتهويد.

وإذا كان من إيجابية لمؤتمر باريس، فهي أنه أعاد القضية الفلسطينية إلى واجهة الأحداث والاهتمام الدولي، ولو مؤقتاً، في ظل انشغال العالم بقضايا الحرب على “الإرهاب”، والسجال الدائر بين إدارة ترامب وحلفاء أمريكا وأعدائها على حد سواء. وربما يوجه رسالة مبطنة إلى ترامب عشية تسلمه السلطة بأن العالم يتمسك بما ورد في قرارات مؤتمر باريس، ويحذر من تجاوز القرارات الدولية المتعلقة بحل الصراع.

لكن «الكيان» الذي يحاول أن ينأى بنفسه عن هذا السجال، يراهن في حقيقة الأمر، على قلب الطاولة. إذ بغضّ النظر عن أية مواقف تتخذها إدارة ترامب، فإن «الكيان»، وفق تصريحات العديد من مسؤوليه ووسائل إعلامه، متفق معها في أمرين: الموضوع النووي الإيراني، ودعم الاستيطان وحتى ضم الضفة الغربية، إلى جانب نقل السفارة الأمريكية من «تل أبيب» إلى القدس، وبالتالي فإن قرارات مؤتمر باريس ستظل بالنسبة له حبراً على ورق. وبالمقابل، فالسلطة الفلسطينية مرشحة للدخول في أسوأ علاقة لها مع أية إدارة أمريكية على الإطلاق، في ظل غياب أية استراتيجية وطنية بديلة، إن على صعيد إنهاء الانقسام الفلسطيني واستعادة الوحدة الوطنية، أو على صعيد الخيارات المتاحة، والعمل على تنويع هذه الخيارات، بما في ذلك العودة إلى خيار الانتفاضة الشعبية، أو حتى خيار الكفاح المسلح. والأسوأ من ذلك بالنسبة للسلطة أن خيارها الوحيد القائم على المفاوضات والتسوية لا يزال معطلاً، ولا يبدو أن مخرجات مؤتمر باريس ستدفع باتجاه إحيائها من جديد. لكن لننتظر ما الذي ستفعله إدارة ترامب!

المصدر: صحيفة الخليج الإماراتية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

مسؤولة أممية: ما رأيته في غزة يفوق الوصف

مسؤولة أممية: ما رأيته في غزة يفوق الوصف

جنيف – المركز الفلسطيني للإعلام قالت الممثلة الخاصة لمكتب هيئة الأمم المتحدة للمرأة في فلسطين، ماريس غيموند، الجمعة، إن 9 أشهر من الحرب الإسرائيلية...