الأحد 07/يوليو/2024

سعيد صيام.. قائد استثنائي في مرحلةٍ معقدة

سعيد صيام.. قائد استثنائي في مرحلةٍ معقدة

لم يكن عصر الفلتان الأمني الذي عايشه الشعب الفلسطيني وأهالي قطاع غزة على وجه التحديد، حقبة سهلة في تاريخ الشعب والقضية الفلسطينية، إلا أنّ تلك المرحلة لم تكن تحتاج سوى أكثر من قيادةٍ حكيمة، وقائدٍ فذ، فكان سعيد صيام الذي تمر ذكرى استشهاده اليوم، قائداً استثنائياً في مرحلةٍ معقدة.

عُين سعيد محمد شعبان صيام، والذي ولّد في 22 يوليو 1959، أول وزير للداخلية في أول حكومة لحركة حماس؛ حيث كان نائباً في المجلس التشريعي عن كتلة التغيير والإصلاح، وكان يعد من أبرز قادة حماس السياسيين الجدد في القطاع، ويلقب بالرجل الحديدي في الحركة.

استطاع صيام في تلك المرحلة العصيبة أن يؤسس أجهزة أمنية جديدة بعقيدة وطنية، هدفها حماية ظهر المقاومة، وحفظ الجبهة الداخلية، وفرض الأمن الذي فقده شعبنا منذ سنوات طوال.

محطات عمل
كُلف الوزير الشهيد في حياته بالعديد من المناصب، فكان رئيساً للجنة قطاع المعلمين، وعضو اتحاد الموظفين العرب بوكالة الغوث الدولية، ومسؤولاً لدائرة العلاقات الخارجية في حركة حماس، وعضواً في القيادة السياسية للحركة بغزة.

كما عمل صيام عضواً في مجلس أمناء الجامعة الإسلامية، وعضواً للهيئة التأسيسية لمركز أبحاث المستقبل، وفي العام 1980 كان صيام عضواً في اتحاد الطلاب بدار المعلمين برام الله.

انتخب عضوًا للمجلس التشريعي عن قائمة حركة حماس في دائرة غزة، والتي حصل فيها على أعلى أصوات الناخبين على مستوى غزة والضفة والقدس، كما كلِّف كأول وزير داخلية في الحكومة العاشرة ليجد نفسه في تحدٍّ مع أجهزة أمنية تمارس الفلتان.

قرارات حكيمة
اتسم الوزير صيام بجرأته في اتخاذ القرارات الحكيمة والحاسمة، فعندما تولي منصب وزارة الداخلية أصدر قراراً بإعادة المطرودين من الشرطة بسبب قرارات تعسفية تطال حريتهم الشخصية، كما عُرف عن الوزير صيام إدارته الحكيمة لملف لجنة المتابعة العليا في الفصائل، وكان يشهد له الجميع بالعلاقة الحسنة مع كل الأطراف التي يتعامل معها.

شكل توليه لوزارة الداخلية نقطة تغيير فاصلة في بناء المؤسسة الأمنية الفلسطينية، فالرجل شرع بعد أيام من توليه الوزارة في إنهاء الفوضى التي سادت حينها، وتغول العائلات وانتشار السلاح.

بسط الأمن
شهدت فترة تولي صيام لوزارة الداخلية في الحكومة العاشرة تمرد الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة، وعدم الانصياع لقرارات الوزير، وبدأ المد والجزر حول عدة قرارات اتخذها صيام بالقيادة الحكيمة أن يفرض دوره في حفظ أمن المواطن رغم كل الصعاب والعقبات التي وضعت أمامه، مما اضطره لتشكيل قوة شرطية وأمنية في مارس 2006 وفق القانون، فكانت النواة الصلبة، لتضحى تلك القوة التي شكلها الوزير الشهيد من عدة مئات من الأفراد، اليوم، أجهزةً أمنية منظمة.

كما شكلت مرحلة القضاء على الفلتان الداخلي الجهد الأكبر الملقى على عاتق صيام في تلك المرحلة الصعبة، كما حسم الوزير صيام قضية تغول العائلات ومنع سلاحها، فكان صيف 2007م الأكثر أمنًا وأمانًا بغزة؛ حيث استطاع الرجل القوي قيادة تلك المرحلة بنجاح.

هيكلية جديدة
استطاع الشهيد صيام أن يصنع وزارة كاملة بهيكلية جديدة ضربت مثالاً في تحقيق الأمن والأمان وإعادة الاستقرار لحياة المواطنين، وشهد الصديق والعدو قدرة الوزير صيام على تحمل المسئولية عن كل فعل وقول.

إذ كان وزير الداخلية يخرج بنفسه إلى مراكز الشرطة في جميع المحافظات ليتفقد سير العمل فيها، كل ذلك تجلى من حرصه الكبير على أن تُحقق الداخلية آمال المواطنين، فأنشأ ديواناً للرقابة ليصوب الأداء ويُنصف المواطنين.

ومما يدلل على اهتمام الوزير صيام بتطوير المنظومة الأمنية على أسس علمية إنشاءه لمعهد العلوم الأمنية، وتحفيزه لطلب العلم الأمني والقانوني، كما لم يخف على أحد اهتمامه بتوجيه رجال الأمن وإرشادهم، فأنشأ هيئة التوجيه والإرشاد والتي عكفت على تنظيم البرامج التدريبية والتأهيلية في مختلف المواقع الأمنية.

لقد امتلك سعيد صيام القدرة على العمل تحت الضغوط المختلفة، حيث عمَّ الهدوء والأمن أرجاء غزة خلال فترة توليه الوزارة بعد سنين خلت من الأمن، وما زالت آثار صدى الأمان مستمرة بعد استشهاده حتى يومنا هذا.

شهادته
استشهد الوزير صيام في اليوم العشرين من معركة الفرقان في الخامس عشر من يناير عام 2009م تاركاً وراءه أبناء يوفون بمسيرته في الذكرى السابعة لاستشهاده، ويسيرون على خطاه وتوجيهاته التي رسمها لأفراد وزارة الداخلية في حفظ الأمن، وحماية المقاومة، وتحقيق كرامة الشعب والوطن.

فالشهيد صيام لم يكن قائداً لحركة سياسية فقط، وإنما اتسع قلبه وفكره وعقله لكل المجتمع الفلسطيني وإلى كل الفصائل الفلسطينية، وأثبت عبر شخصيته الوطنية، وتعامله مع كافة الفصائل، أنه ربُّ الأسرة الذي احتضن الجميع. 

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات