2016.. مواقع التواصل ساحة مواجهة والهاشتاق أداة مقاومة

ما يزال الفلسطينيون يبدعون في مقاومة المحتل وصلفه؛ فلم يقتصروا على الوسائل المعهودة في مقارعته، بل تعدت إلى الفضاء الرقمي، ومنصات التواصل الاجتماعي، لتكون هناك معركة من نوع آخر، لعلها لا تقل شراسة عن المعارك التقليدية.

ففي عام 2016، كانت مواقع التواصل الاجتماعي، لاسيما “فيسبوك” و”توتير” ساحات مواجهة مع الاحتلال الصهيوني، في سبيل إعلاء الصوت المقاوم والمنتفض، ودحض رواية المحتل، ونقل الصورة كاملة.

وخلال العام، طالما وجهت أذرع صهيونية مختلفة، إعلامية منها وسياسية وأمنية أصابع الاتهام إلى نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، بالتحريض على تأجيج انتفاضة القدس، والدفع بتنفيذ عمليات فدائية.

“فيسبوك” يحاصر المحتوى الفلسطيني
وعلى إثر ذلك، شهد شهر سبتمبر من عام 2016 اتفاقا بين الاحتلال الصهيوني، وإدارة موقع التواصل الاجتماعي الأشهَر “فيسبوك”، بمقتضاه تعمل الأخيرة على محاصرة المحتوى الفلسطيني بدعوى “التحريض”.

وبمقتضى الاتفاق؛ شنت إدارة “فيسبوك” حملة شعواء ضد المحتوى الفلسطيني في الشبكة، حيث تعرضت كبريات الصفحات الفلسطينية بينها صفحة “المركز الفلسطيني للإعلام” لحملة تضييق كبيرة، تمثلت في حظر حسابات مدرائها، بحجج واهية، إضافة لحذف صفحات عدة نهائيا من الموقع، وأبرزها صفحة “شبكة فلسطين للحوار” التي حذفت للمرة الثالثة خلال أشهر.

كما تعرضت صفحة “المركز” باللغة الإنجليزية لحملة تضييق تمثلت في منع نشر الفيديو فترات متفاوتة عبرها، بحجج وذرائع مختلفة.

“الهشتاق” أداة مقاومة
الناشطون الفلسطينيون عبر تلك المواقع، كانوا بالمرصاد لجرائم الاحتلال؛ من خلال نقلها، وفضحها على العلن للعالم كله، وبلغات مختلفة، بالكلمة والصورة والفيديو و”الهشتاق”.

فخلال عام 2016، زخرت الساحة الفلسطينية بأحداث جسام، وتطورات متلاحقة، كان لـ”الهشتاق” دور مهم في إبرازها عبر شبكات التواصل الاجتماعي.

ورصد “المركز الفلسطيني للإعلام“، خلال تغطيته أحداث العام، وسومًا عدة، عمل على إبرازها من خلال مواد وتقارير، نشرها عبر الموقع والمنصات الرقمية المختلفة.

وهذه أبرز الوسوم التي رصدها “المركز” خلال العام عبر الموقع ومنصات التواصل الاجتماعي:

“#انتفاضة_القدس”، الهشتاق الأبرز خلال العام؛ حيث يواصل نشطاء التواصل الاجتماعي، التغريد عبره، لتغطية أحداث الانتفاضة، ودعم المنتفضين.

#شهداء_الإعداد.. وخلال 2016، ارتقى 22 شهيدا قساميا خلال معارك التجهيز والإعداد، في مهمات جهادية، وأثناء حفر الأنفاق، وفق بيانات لكتائب القسام.

وأطلق نشطاء التواصل الاجتماعي هشتاق للتغريد عبره تحت وسم #شهداء_الإعداد، وعبروا فيه عن فخرهم بالشهداء الأبطال الذي يصلون الليل بالنهار وهم يجهزون ويعدون العدة للقاء العدو.

واحتفاءً بذكرى انطلاقة حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، التاسعة والعشرين، أطلق نشطاء مواقع التواصل هشتاق “#حماس29”.

وعبر الوسم؛ يحتفل الفلسطينيون بانطلاقة حماس، مذكرين بأمجادها، وقادتها الشهداء، ومسيرتها العريقة في المقاومة.

وخلال شهر نوفمبر من العام 2016، قررت لجنة وزارية صهيونية، إصدار قانون يقضي بمنع الأذان في مدينة القدس والأراضي المحتلة، وعدم استخدام مكبرات الصوت في المساجد، ما يسمح للشرطة الصهيونية اعتقال المؤذنين وفرض عقوبات عليهم. فكان رد نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، بهشتاق “#لن_تسكت_المآذن”، وعبروا خلاله عن رفضهم المطلق وتحدّيهم القانون.

وفي 24 أكتوبر، أطلق نشطاء مواقع التواصل، هشتاقًا للرد على حوار أجرته صحيفة القدس المحلية مع وزير الحرب الصهيوني أفيغدور ليبرمان، عبروا من خلال التغريد على وسم “#إعلام_التطبيع” عن إدانتهم ورفضهم الشديد لهذا الحوار، وما يحمل في طياته من تطبيع إعلامي مع الاحتلال.

غزة المحاصرة كانت على موعد في أوائل شهر أكتوبر مع سفن نسائية لفك الحصار عن غزة، ولاقت تلك السفن تهديدات من الاحتلال الصهيوني بمنع وصولها إلى غزة، وأطلق الناشطون هاشتاق “#احموا_السفن_النسائية”.

وقبل وصولها إلى شواطئ القطاع المحاصر، تعرضت السفن النسائية في عرض المتوسط، لعملية قرصنة صهيونية، على إثرها سحبت السفن إلى ميناء “اسدود” المحتل.

وفي 28 سبتمبر، بعث رئيس السلطة محمود عباس، برقية عزاء في وفاة الرئيس الصهيوني السابق شمعون بيرز، ولاقت تلك التعزية إدانة شعبية وفصائلية واسعة، وغرد نشطاء عبر وسم #تعزية_السفاح، منددين بتلك التعزية، ومذكرين بجرائم بيرز الإرهابية لاسيما في قانا وغزة، وكونه “أبو المفاعل النووي”.

#غزة_أجمل، وسم مغاير أطلقه نشطاء، لإظهار صورة غزة الجميلة بعيدا عن الحصار والحرب والدمار، أرادوا من خلاله تقديم صور جميلة عن القطاع.

وخلال أربعة أيام غرد النشطاء، على الوسم، ولاقى صدى ورواجا كبيرا، أبرز من خلالها المغردون معالم غزة وجمال مرافقها العامة رغم تداعيات الحصار الكارثية، في معادلة تعكس العمل على خطى البناء والمقاومة.

جاهزين

ومع بدء التحضير للانتخابات المحلية التي كان مقررا إجراؤها في أكتوبر الماضي، أطلق نشطاء ومغردون من  حماس، وسم #جاهزين في إشارة واضحة منهم لجهوزية الحركة لخوض الانتخابات البلدية، مقابل التردد الذي أبدته حركة “فتح”.

إلا أن هذه الانتخابات دخلت في متاهات ودهاليز السياسة، إلى أن قرر عباس إلغاءها نهائيا في الخامس من شهر أكتوبر الماضي.

محمد القيق
ولحرية الصحفي القيق الذي خاض إضرابا 94 يوما، غرد نشطاء مواقع التواصل عبر وسم #الحرية_لمحمد_القيق، معبرين عن تضامنهم مع القيق، ونصرتهم له، وإيصال قضيته للعالم.

ونال القيق حريته في الـ19 من مايو الماضي، مسجلا بطولة وعزة وفخارًا في صفحات النضال والكفاح الفلسطيني.
 
سامر العرموطي خبير الإعلام الجديد، يؤكد أن المواقع الاجتماعية باتت تشكل ساحات مواجهة حقيقية مع الاحتلال، وأضحت ذات تأثير كبير وواسع، على صعيد إعلاء الصوت الفلسطيني المقاوم.

وقال العرموطي لـ”المركز الفلسطيني للإعلام” إن ما حققته المواقع الاجتماعية من حشد للرأي العام خلف الرواية الفلسطينية، دفع الاحتلال لشن حملة شعواء على الصفحات الفلسطينية، تمثلت ذروتها باتفاقه مع إدارة “فيسبوك” على محاصرة المحتوى الفلسطيني.

ودعا الخبير إلى تنظيم العمل عبر مواقع التواصل الاجتماعي، والبعد عن العشوائية في تناول المواضيع؛  لزيادة التأثير الذي تحققه في رسالتها الإعلامية الموجهة، مشددا على ضرورة إطلاق صفحات باللغات كافة.

وحول “الهشتاق”، قال إنها أداة مهمة توفرها مواقع التواصل الاجتماعي، تسهل للنشطاء القيام بحملات ضغط، وتشكيل رأي عام حول قضية ما، منبّها في الوقت ذاته على ضرورة تنظيم العمل من خلاله.