الأحد 30/يونيو/2024

مؤتمر فلسطين.. من مدينة إسن إلى دورتموند.. شعبنا قبل التحدي..!!

د. احمد محيسن

لقد اعتاد التجمع الفلسطيني في ألمانيا في كل نهاية عام .. على أن يعقد مؤتمره الفلسطيني السنوي في مدن ألمانية مختلفة..  وكان من المقرر  في هذا العام  أن  يكون نصيب مدينة إسن في غرب المانيا  .. أن تحتضن هذا المؤتمر تخت شعار: ..  “فلسطين .. إرادة تنتصر وروح تزدهر”.

لقد أراد التجمع الفلسطيني في ألمانيا أن تشهد مدينة إسن يوماً فلسطينياً تراثياً بامتياز .. وتحتضنه بضيوفه ومشتركيه وفرقه الفنية وفنانيه .. بأطفاله ونسائه ورجاله وشبابه وشاباته.. هو مؤتمر يضم كل مكونات مجتمعنا العربي الفلسطيني ومناصري قضيته… بثقافته ورؤيته وعرضه للفلوكور والزي الفلسطيني والرمزيات .. والمأكولات الفلسطينية .. وكذلك الدبكات والأغاني الفلسطينية …!!

وأهداف مثل هذه المؤتمرات الفلسطينية .. أقل ما يمكن أن يكون يقال فيها  .. بأنها من سبل تعزيز  التواصل بين أبناء الجالية في الشتات .. وترسيخ معاني الوطن في وجدان الفلسطيني في الشتات.. ناهيك عن إيصال صوت معاناة أبناء شعبنا وشرح همومه للعالم…!!

لقد أعلن عن هذا المؤتمر منذ أكثر من شهر في كل ما أمكن من سبل النشر والتواصل … حيث كان انعقاد المؤتمر مقرراً في يوم الأحد الموافق 25/12/2016  .. أي في يوم عطلة رسمية في ألمانيا بمناسبة الاحتفال بعيد الميلاد الكريسمس…!!

يفاجئ المنظمون للمؤتمر عبر الصحافة المحلية.. يوم  الجمعة الموافق 23/12/2016..  بأنه ألغي انعقاد المؤتمر في مدينة إسن .. من خلال  تحركات ماكرة  مشبوهة … حيث استخدم صاحب العقار نفوذه  بأن منع تلبية بنود العقد المبرم.. حتى لو كانت هناك أمور مادية جزائية تترتب على ذلك ويتحملونها …!!

لنلاحظ الخبث في التصرف .. حيث الإعلان عن المنع يوم الجمعة 23/12/2016 أي أنه آخر يوم عمل قبل العطلة التي تستمر ليوم الاثنين 26/12/2016  .. حتى لا يتمكن المنظمون للفعالية من اتخاذ أي إجراء قانوني بحقهم وبحق خبثهم وفضح تربصهم بفلسطين الدوائر …!!

وفي صباح اليوم التالي  السبت 24/12/2016  تم لقاء مع المالك لبحث الأمر .. دون فائدة .. باختصار شديد .. فقد تبين أنه لا يوجد أي قرار مكتوب ومبرر من أي جهة رسمية..  بمنع انعقاد المؤتمر.. بل تم ذلك من خلال العلاقات الشخصية والنفوذ الشخصي بالضغط على مالك الصالة للتراجع…!!

لقد أدرك الجميع ما نصب شراكه في عتمة ليلة…!!

وهلت بشائر النصر .. في اللحظة الأولى عندما عقد أبناء شعبنا  العزم على قبول التحدي .. دون  أدنى تردد أو وجل…!!

أبناؤنا المدافعون عن الحق، وعن المؤسسة، وعن كرامة شعبنا، وعن الديمقراطية… استنفروا واستثمروا قواهم وإمكانياتهم وعلاقاتهم وتحركوا على الفور..وكانت دعوات المظلومين..  وكانت الاستجابة … فكان الجزاء  والمكافئة… هو قطف الثمار عشية التحرك في الليلة الظلماء .. ولم يُفتقد البدر في تلك الليلة .. فكان يوم السبت المشهود … يوم 24/12/2016 … كان يوم قبول التحدي الذي فرض على فلسطين بامتياز …!!

فكان ابتلاء  بالضراء والسراء وبالصبر وبتجاوز المحن.. وكان يومها بريق معادن الرجال الرجال يزداد اشتعالاً.. هم رجال المواقف الصعبة.. رجال فلسطين المخلصين.. رجال تجدهم أوقات السعة وأوقات الضيق.. رجال تجدهم في ساعة الفرج وساعة الكرب.. وهي مواقف عشناها وتدلل على مكنوز هذه النفوس الطيبة.. التي  تفيض بالبذل وبالتضحية وبالعطاء.. ويجعلون من ذلك وسام شرف يضعونه على جباههم.. دون أن ينتظروا حمداً من أحد أو شكوراً…!!

ومهما مكر هؤلاء  في معاداتهم لقضيتنا العادلة .. وفي محاولاتهم تزوير الحقائق، وفي لي عنق الحق.. تماماً كما حصل من حملة ضد مؤتمر فلسطينيي أوروبا الثالث عشر عام 2015 الذي انعقد في برلين .. وحضره أكثر من عشرين ألفاً من كافة أقطار القارة الأوروبية .. وتلقى آنذاك الحاقدون ومن حالفهم ووقف معهم، صفعة مدوية .. ما زالوا  يتحسسون آثارها لهذا اليوم .. ورد الله كيدهم في نحورهم …!! 

عليهم أن يدركوا بأن  هذا الشعب ما زال حي معطاء..  هذا شعب رفض الوصاية والهيمنة والخنوع والذل..  وشعب يصر على البقاء  .. أحراراً مرفوعة هاماتنا .. حاضرين أينما حللنا وأينما ارتحلنا وأقمنا .. لنصل إلى تحقيق الحرية والاستقلال والعودة…!!

وعلى  الأحزاب الألمانية الديمقراطية .. التي تؤمن بالحرية والعدالة .. أن تدرك بأن أصوات الألمان من أصل فلسطيني ليست قليلة..  وهي في تزايد.. ومعهم أصوات كثيرة ممن يدعمون قضيتهم .. وصناديق الاقتراع تنتظر في يوم سيقول الناخب فيه كلمته…!!

راح هؤلاء  يبتكروا أدوات خسيسة في محاربتهم لقضيتنا ليخرسوا أصواتنا .. ويكشفون عن  حقدهم العفن بكل الطرق القذرة وغير الأخلاقية …!!

ثم عاد وانتصر الحق مجدداً على باطلهم.. وكان صوت الحق حاضراً .. وكان البديل مدينة دورتموند المجاورة .. وكانت صالة ضخمة في الانتظار .. لنتخيل عشية يوم عيد رسمي في ألمانيا .. كل الأبواب مؤصدة.. وكل الصالات محجوزة  وكل الأماكن العامة مليئة بالناس في أجواء احتفائية… ونحن نتكلم عن منطقة مكتظة بالسكان والمصانع وأماكن حياكة التجارة والموضة .. نتكلم عن حوض الراين .. ولكن العناية الإلهية تحف الأجواء.. حيث أبرم العقد مع مالكي القاعة في مدينة دورتموند.. وأعلن فوراً عن تغيير مكان انعقاد المؤتمر.. من مدينة إسن إلى مدينة دورتموند…!!

وانطلق مؤتمر التجمع الفلسطيني في ألمانيا يوم الأحد الموافق 25/12/2016 .. كما كان مقرراً له .. بمشاركة ضيوفه ومشتركيه وحضوره المميز .. والعدد الذي حضر وفاق كل التوقعات .. سيما وقد نقل إلى مدينة أخرى .. هذه صورة من صور إصرار الفلسطيني على التمسك بحقوقه ..!!

لقد كتب شعبنا في الشتات .. في منطقة حوض الراين غرب ألمانيا .. كتبوا سطوراً بعطائهم وثباتهم وتضحيتهم وتمسكهم بإحقاق الحق ونصرة قضيتنا.. كتبوا بذلك أسفاراً جديدة في صفحات ملفات الحرية .. وشاهدنا كيف تبيض الوجوه  وكيف تسود وجوه…!!

وفِي  تلك الليلة  في ألمانيا..  اتكأ التاريخ  على جذوع  أشجار الميلاد .. التي انتصبت في الحجرات في حوض نهر الراين..  عشية الاحتفال بالأعياد .. لتحفر عليها تاريخاً مهماً .. هنا كانت فلسطين.. 

فقد رفع العلم  في دورتموند .. وكان الحضور مميزاً..  فلم تتسع الصالة للحشد الغفير الذي زحف من كل المنطقة باتجاه مدينة دورتموند .. وحضر الضيوف الكرام.. إعلاميون ورموز حقوقية .. وفرق فنية وممثلو مسرح .. وفنانون صدحوا بصوت فلسطين.. عائدون يا قدس ويا رام الله ويا جنين ويا حيفا ويا يافا .. عائدون إلى وطننا الذي هجرنا منه بقوة وعنف وإرهاب وجبروت الاحتلال .!!

إن شعبنا شعب عظيم .. شعب يضحي بالغالي وبالنفيس من أجل هذا الوطن..  شعب  يعرف دربه ويصنع مجده ومستقبله…!! 

اللهم احفظ  فلسطيننا وأبناء أمتنا من  شر الحاقدين ومكر الماكرين …!!

 وسنصبح يوماً على وطننا المحرر…!!

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات