الرياضيون الفلسطينيون في الشتات.. مواهب تبحث عن رعاة
لم يبلغ عاصم طالب، اللاعب الفلسطيني في رياضة الكراتيه بعد عامه 18، لكنه تمكن من الحصول على المركز الأول في رياضة الكاراتيه في مملكة السويد العام الماضي.
جلس عاصم، على كرسيه وهو يتحدث لـ “قدس برس”، وسط العاصمة السويدية استكهولم، التي حل بها قبل نحو عامين، وهو يسرد قصة رحلته إلى السويد أواخر العام 2014، قبل أن يصبح بطلا فيها في رياضة الكاراتيه.
أطلق عاصم تنهيدة طويلة، وهو يتحدث عن طريقه من العاصمة السورية دمشق إلى استكهولم، يومها كان لا يزال في سن 14، وقال: “عندما اشتد الحصار والقصف على مخيم اليرموك، الذي كنت أقطنه في سورية، على نحو باتت فيه الحياة جحيما لا يطاق، تمكنت عائلتي من الخروج من المخيم إلى دمشق، ثم نجحنا بعد محاولات عديدة من الدخول إلى لبنان ومنه إلى إقليم كردستان في العراق، الذي لا زال يستضيف عائلتي إلى اليوم”.
الحنين إلى الوطن
وبلغة تمتزج فيها حماسة الشباب وحلمه بنبرة الحنين إلى الأهل والوطن، تحدث عاصم، عن العائلة السويدية التي آوته، ووفرت له الرعاية ليكمل مساره الدراسي تخصص علوم، وأيضا مشواره الرياضي في مجال الكراتيه، وهي رياضة قال بأنه بدأها منذ سن التاسعة في مخيم اليرموك بسورية.
وأضاف: “لم أشعر بكثير من الاختلاف مع العائلة التي اندمجت فيها بسرعة، وتمكنت من تجاوز كثير من الاختلافات البسيطة، في انتظار وعد تلقيته من المسؤولين السويديين بأن يجمعوني يوما مع عائلتي التي لارزالت تعيش ظروفا صعبة في كردستان العراق”.
لكن ألم الفراق لم يمنعه من التميز في مجاله الرياض، حيث بسرعة فائقة تمكن من البحث عن نادي خاص برياضة الكاراتيه، وبه التحق، حيث تمكن من الحصول على المركز الثاني في العام الأول في بطولة المملكة للكاراتيه، ثم حاز على المركز الأول العام الماضي.
وبلهجة فلسطينية فيها من الاعتداد بالنفس الكثير، ومن الحزن الكثير، قال عاصم: “كنت ولا أزال أطمح، أن أكون مواطنا في بلدي، أحمل رايته في الرياضة التي أحببت وأبدعت فيها، لكن تلك أسهم الدنيا، ففي سورية كنت رياضيا من غير وطن، وأنا هنا مواطن من دون وطن، ولكن الحلم ما زال يراودني بأن يوما سيأتي وأكون فيه جزءا من وطن أحلم بالعودة إليه”.
وأكد عاصم أن ما يحز في نفسه ويؤلمه، أن أحدا من سياسيي بلده، بما في ذلك سفارة السلطة في السويد، لم تسأل عنه يوما، ولم تتابع مسيرته الرياضية، ولا حتى معاناته اليومية.
وقال: “أحيانا تضيق بي الدنيا، وينتابني حزن عميق، ليس لأنني من دون وطن فقط، وإنما لأن أبناء وطني ممن يقدمون أنفسهم بأنهم مسؤولون عن شعبنا لا يهتمون بي وبأمثالي من الشباب الفلسطيني المبدع، هنا في الدول الاسكندنافية فضلا عن باقي دول الشتات”.
وأضاف: “لكن هذا الشعور خفّ بعد أن كرمتني الهيئة الفلسطينية للرياضة، ضمن فعاليات الدورة 14 لمؤتمر فلسطينيي أوروبا في مدينة مالمو السويدية العام الماضي”، على حد تعبيره.
هيئة رياضية لخدمة فلسطين
قصة “عاصم طالب” مع رياضة الكاراتيه هي واحدة من نماذج فلسطينية متعددة المواهب، دفعت بعدد من قادة العمل الفلسطيني في أوروبا إلى العمل من أجل تأسيس، “الهيئة الفلسطينية للرياضة” وإعلانها في العاصمة البريطانية لندن كمؤسسة مستقلة تعمل على تنمية وتشجيع الرياضة بين صفوف الشتات الفلسطيني المنتشر في أوروبا والدول العربية، وتنمية المواهب وتشجيع الابداع، وتنظيم الفعاليات الرياضية المختلفة.
وفي مكتبها على الطريق الرابط بين شرق لندن ووسطها، تحدث رئيس “الهيئة الفلسطينية للرياضة”، زياد العالول لمراسل “قدس برس”، عن أن شكوى بطل رياضة الكارتيه في مملكة السويد عاصم طالب، هي واحدة من شكاوى عشرات، بل مئات من الشباب الفلسطيني في العديد من المواهب الرياضية، الذين لا يجدون من يهتم بهم، ولا من يتابع انشغالاتهم.
وأضاف: “هذه الشكاوى، هي السبب الرئيس في دفعي رفقة ثلة من الفلسطينيين للتفكير في إطار رياضي يجمع شتات الفلسطينيين ويرعاهم”.
وذكر العالول أنه وضعت خطة لدعم وتشجيع إدماج الشباب الفلسطيني في الشتات في مختلف المسابقات الرياضية، وأكد أن هنالك انجازات وصفها بـ “المهة” للفلسطينيين الذين اقتحموا هذا المجال.
تكريم فرق فلسطينية عالمية
وأشار العالول إلى “أن الهيئة الفلسطينية للرياضة، كانت كرمت فريق (اي كيو اف) الدنماركي بمناسبة صعوده إلى الدرجة الثانية، وهو فريق يقع في مدينة اوغووس ثاني أكبر المدن الدنماركية وأغلب لاعبيه من أصول فلسطينية”، وأشار إلى أن هذا الإنجاز هو ثمرة لجهد بذله مدير الفريق عصام العربي، وهو فلسطيني الأصل.
كما أشار أيضًا إلى فريق “ايه اس اف سي” في مدينة اوغووس الدنماركية، والذي يشرف عليه عفيف مفلح، وهو من أصل فلسطينيي ويضم عناصر متنوعة الأعمار والاهتمامات الرياضية.
وأضاف: “وفي دول أمريكا اللاتنية، التي استضافت جالية فلسطينية منذ وقت مبكر القرن الماضي، لدينا العديد من المواهب الرياضية ولعل أبرزها هو نادي “فلسطين” أو “بالستينا”، وهو نادي كرة قدم تشيلي احترافي مقره “سانتياغو”، تم تأسيسه في 20 آب (أغسطس) 1920، من مجموعة من المهاجرين الفلسطينيين”.
وبلهجة يغلب عليها الشعور بالفخر، يتحدث العالول: “قبل أن يتم احتلال فلسطين من الحركة الصهيونية بـ 27 سنة، وبالتحديد في 20 أغسطس 1920 تم تأسيس هذا النادي كي يشارك في بطولة محلية في مدينة أوسورنو التي تبعد عن العاصمة سانتياغو 945 كيلو متراً، وهو اليوم أحد فرق كرة القدم التي تنافس في دوري الدرجة الأولى في التشيلي”.
وأكد العالول أن “الحاجة إلى مؤسسة رياضية مستقلة، تعنى بالمواهب الرياضية وتنميتها بالنسبة للفلسطينيين، يجب أن تحتل المرتبة الأولى في أولوية السياسيين الفلسطينيين والمنشغلين بأمر اللجوء والشتات، ليس فقط لأن هذا حق طبيعي للإنسان لتصريف طاقاته الابداعية، وإنما أيضا لأن خدمة قضيتنا الفلسطينية يمكن أن يتم من مداخل متعددة ومن مختلف الاختصاصات”، على حد تعبيره.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات
لليوم الـ 399.. القسام يواصل التصدي واستهداف العدوّ وجنوده وآلياته
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام تواصل كتائب الشهيد عزّ الدين القسام الجناح العسكريّ لحركة المقاومة الإسلاميّة حماس تصديها لآليات الاحتلال الإسرائيلي...
حزب الله يستهدف قاعدتين استراتيجيتين في حيفا وتجمعات لجنود الاحتلال جنوبي لبنان
بيروت – المركز الفلسطيني للإعلام أعلن حزب الله اللبناني، يوم الجمعة، عن شنه هجومًا على قاعدتين إسرائيليتين في مدينة حيفا، كما استهدف مجاهدوه تجمعات...
14 عملا مقاومًا في الضفة خلال 24 ساعة
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام نفذت المقاومة الفلسطينية 14 عملا مقاوما متنوعا، خلال الساعات الـ24 الأخيرة، ضمن معركة "طوفان الأقصى". ورصد مركز...
مظاهرات حاشدة في اليمن دعما لفلسطين ولبنان
لندن- المركز الفلسطيني للإعلام انطلقت مظاهرات حاشدة، الجمعة، في 14 محافظة يمنية بينها العاصمة صنعاء للتنديد بجرائم الاحتلال الإسرائيلي المتواصلة ضمن...
هيومن رايتس ووتش: الدعم العسكري لإسرائيل انتهاك للقانون الدولي
وكالات – المركز الفلسطيني للإعلام قالت المديرة التنفيذية لمنظمة هيومن رايتس ووتش، تيرانا حسن، إن الدول التي تقدم الدعم العسكري لـ"إسرائيل" في...
الصحة اللبنانية تكشف حصيلة جديدة للشهداء والجرحى منذ بدء العدوان الإسرائيلي
بيروت – المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت وزارة الصحة اللبنانية، مساء يوم الجمعة، ارتفاع حصيلة ضحايا عدوان الاحتلال الإسرائيلي المتواصل على لبنان....
ارتفاع عدد الشهداء الصحفيين إلى 184 منذ بدء العدوان على غزة
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام كشف المكتب الإعلامي الحكومي بقطاع غزة، مساء يوم الجمعة، عن ارتفاع عدد الشهداء الصحفيين إلى 184 صحفيًا وصحفية، منذ بدء...