مشافي القدس..أزمات مالية متتالية وآمال بإيفاء الوعود

تعاني مشافي القدس من أزمات مالية قد تسبّب لها شللاً عن العمل، وتقاعُسًا عن تقديم اللازم لأي مريض، حتى وصل بها الحال حدّ إغلاق الباب في وجه بعض المرضى، وذلك لعدم توفر علاجهم ودوائهم.

وبلغت مستحقات كل من مشفى “جمعية المقاصد الخيرية” ومشفى “المطّلع” في جبل الزيتون شرق القدس المحتلة، على السلطة الفلسطينية ملايين الشواقل، ما فاقم من الأزمة المالية في دفع الرواتب وفواتير الماء والكهرباء، وكذلك شراء الأدوية والأجهزة الطبية للمشفيين.

السلطة لا تفي بالوعود

ويقول المدير العام لمشفى المقاصد الخيرية، الدكتور رفيق الحسيني، لـ”قدس برس”، إن الوقفات الاحتجاجية التي تنظّمها نقابة العاملين في مشفى المقاصد (170 عاملاً) ليست عبثًا، وإنما بسبب عدم إيفاء السلطة بدفع مستحقات مستشفى المقاصد وكذلك مشفى المطلع الذي يعيش الأزمة ذاتها.

ويُضيف أن العاملين يحتاجون لبيئة عمل آمنة تُحافظ على سلامة المريض، كما أنهم بحاجة لرواتبهم التي لم يتقاضوها منذ الشهر الماضي، ولذلك اعتصموا اليوم حتى تُنفّذ السلطة وعودها بتسديد ديونها ولو بالحد الأدنى.

ويوم الخميس الماضي، عُقدت جلسة بين إدارة مشفيي “المقاصد” و”المطلع” مع وزاة المالية الفلسطينية؛ حيث وعدت الأخيرة بأنه سيدفع الحد الأدنى من تلك الديون التي بلغت 240 مليون شيقل (63 مليون دولار)، للمشفيين، خلال اليومين القادمين.

ويوضّح د.الحسيني أن تلك الوعودات إنْ تحقّقت يُمكن أن يتقدم المشفى للأمام بعد تسديد جزء من عجز المشفى، وتسليم الرواتب، ودفع الفواتير، وشراء اللازم من الأدوية والأجهزة، وبالتالي لن تغلق المشفى أبوابها في وجه أي مريض من كافة أنحاء الأراضي الفلسطينية.

ويبيّن المدير العام لمشفى المقاصد أنه في أية لحظة، يمكن أن يأتي مريض ولا نستطيع أن نجري عملية جراحية له بسبب عدم وجود الدواء اللازم أو المستلزمات والمعدّات الطبية لعدم قدرتنا على شرائها.

وتأمل إدارة مشفى المقاصد أن تفي وزارتا المالية والصحة بوعودهما، كي يستمر العمل في المشفيين بشكل كامل كما كان دوماً، إلى جانب استمرارهما في الصمود ضد كل المخططات التي تهدف لإغلاقهما وإخراجهما من القدس.

العاملون يؤدون واجبهم

من جهة أخرى، ورغم كل ما يحدث من أزمات مالية في المشفيين، إلّا أن العاملين فيها من أطباء وممرضين وعمال لا يستطيعون إلّا أن يقدّموا واجبهم تجاه المرضى الذين يأتون من كل بقاع فلسطين.

ويقول المدير الإداري في مشفى المقاصد، د. سليمان تركمان: “رغم كل ما يحدث لكن العاملين قادرون على الاستمرار لأنهم لا يُريدون لتلك المؤسسة الصامدة والمرابطة أن تُغلق في وجه المرضى”.

ويُضيف أن إنسانيّتهم تحتّم عليهم استقبال الجميع رغم شحّ الموارد الطبية، والمستلزمات الأساسية والتي يجب أن تكون متوفّرة في أي مشفى، وهم يُطالبون السلطة الوطنية اليوم بحقوقهم، مثلهم كمثل أي مشفى آخر في الضفة الغربية.

ووصف تركمان وضع العاملين في المشفى بأنهم كـ”الأيتام على مأدبة اللئام”، وأردف قائلاً: “لا نريد مساعدات من أحد، بل نريد استحقاقات مشافي القدس، وإن دُفعت فإنها تستطيع ممارسة دورها الصحي الريادي في الوطن كله، فالجميع يتغنّى بالقدس، لكن لا أحد يسمع صوت القدس”.

زيارات رسمية تنتهي بوعود كثيرة كحل جذري للمشكلة، لكن ما إن تنتهي تلك الزيارات حتى تتبخّر تلك الوعود، كما يقول العاملون في المستشفيين، وما “زاد الطين بلّة” قطع الكهرباء عن المشفى بشكل جزئي بسبب الديون التي تراكمت عليها والتي بلغت 6 ملايين شيقل.

يُشار إلى أن ألفي موظّف يعملون في مشفيي “المطلع” و”المقاصد”، إلى جانب استقبالهما أكثر من 150 ألف مريض سنوياً، ويتدرّب فيها المئات من طلبة كليات الطب والتمريض والمهن الطبية المساندة.