تدريبات الاحتلال بالأغوار.. تهديد لحاضر السكان ومستقبل الأطفال

يضطر الطفل محمود صوالحة (10 أعوام) للتنقل من مكان إلى آخر مع كل إخطار لتدريب عسكري يجريه جيش الاحتلال في منطقة الأغوار الشمالية، خشية التعرض لحادث، وكون مهنة والده رعي الأغنام، فيتنقل من خلة حمد إلى العقبة أو الرأس الأحمر أو أي مكان آخر، ما تسبب بضعف تحصيله العلمي، وهو ما دفعه إلى ترك المدرسة ومساعدة والده في الرعي.

وبسبب كثرة عمليات الطرد والتهجير، اضطر الطفل  فلاح سرحان (11 عامًا) من الرأس الأحمر في الأغوار الشمالية  إلى ترك مدرسته ورعي قطيع الماشية لعائلته؛ حيث يقول: “أحب التعليم ولكن الاحتلال لم يدعنا نستقر في مكان واحد في الأغوار، وهو ما اضطرني إلى ترك المدرسة التي صارت تبعد مسافات طويلة نتيجة الأوامر العسكرية، والتنقل من مدرسة إلى أخرى صعب جدًّا”.

ما حصل مع صوالحة وسرحان، يحصل مع الكثير من أطفال منطقة الأغوار؛ وكل من يتوجه إلى مدينة أريحا أو مدينة طوباس، تشده أصوات ضجيج الدبابات والطائرات المروحية وإطلاق النار، وذلك ضمن تدريبات جيش الاحتلال، وما يصاحب ذلك من تهويد وطرد للسكان والبدو ورعاة الأغنام في الأغوار.

تدمير الزراعة

رئيس  مجلس قروي العقبة، سامي صادق، يقول إن من أوجه المعاناة هو الأطفال وتلامذة المدارس الذين يضطرون للتنقل والرحيل مع عائلاتهم، وما يصاحب ذلك من التأثير على عملية تحصيلهم العملي ومواصلة حياتهم بشكل طبيعي.

ويضيف: “ليس الاستيطان المتسارع هو وحده من يسبب معاناة منطقة الأغوار، بل أيضًا التدريبات العسكرية التي تقوم بها قوات الاحتلال؛ حيث تقوم بتدريبات عسكرية ضخمة ومكثفة، ويطرد بعض السكان لعدة أيام، وتستعمل في التدريبات أكبر قدر ممكن من الذخائر الحية وتشمل المدرعات والدبابات والطائرات والمشاة والأسلحة المتوسطة والخفيفة، وهو ما يتسبب بتلف أراض زراعية وتخريب بركسات وهدم خيم حول القرية، وتخريب بنى تحتية تتبع للقرية وغيرها.

ومن جهته، يشير رئيس مجلس محلي المضارب البدوية عارف دراغمة، إلى أن وسائل الإعلام تتناقل بين فترة وأخرى حملات الطرد والتهجير، مضيفًا: “عملية طرد البدو ورعاة الأغنام وسكان المضارب الرعوية تؤثر في مختلف المجالات وخاصة على عملية تعليم الأطفال”.

تهديد مستقبل الأطفال

وتوثق اللجان الشعبية لمقاومة الاستيطان والجدار هدم سلطات الاحتلال سابقًا مدرسة طانا وتشريد الأطفال والتلاميذ.
 
ويحجم أهالي بعض التلميذات والطالبات -خشية عليهن- من إرسال بناتهم لمسافات طويلة تصل أحيانًا إلى أكثر من 11 كيلو متر لإكمال الدراسة نتيجة لطردهم إلى أماكن أبعد عن مدارسهم ومضاربهم.
 
وتشير الإحصائيات المحلية إلى أن مئات العائلات من البدو ومئات أخرى من رعاة الأغنام شتت، وهي تسكن في خيام وبيوت من صفيح على أراض ممتدة على سفوح وتلال ما يعرف بالأغوار الشمالية، بحثًا عن الماء والعشب لمواشيهم.
 
كما تظهر الإحصائيات أن حالة تسرب أطفال الأغوار من المدارس أعلى من نسبتها في بقية المناطق في الضفة الغربية، وأن العديد من التلميذات والطالبات اضطررن لترك المقعد الدراسي لطول المسافة أو للحواجز أو أحوال الطقس، فتعرض الأطفال والطفلات والفتيات القاصرات لأي سوء يخيف ذويهم ويربكهم.

وفي قرية عين البيضا بالأغوار يضطر بعض الأطفال من المضارب الرعوية المجاورة لها إلى الدراسة فيها إلا أن تحصيلهم العلمي ضعيف مقارنة بأطفال القرية، وذلك يعود لطول المسافة وتكرار الطرد.