رائد المشني.. على أنغام زقزقة العصافير قهر إعاقته

على أنغام زقزقة العصافير، يجلس الشاب رائد المشني (41 عاما) في مزرعته الصغيرة، طربا على وقع تلك الأصوات، يعيش حياة هانئة، رغم ما لحق به من إعاقة جسدية أقعدته في ريعان شبابه.

في بلدة الشيوخ شرق مدينة الخليل، يسكن “المشني”، وسط أسرة مكونة من أربع بنات وولد، عمل في البناء منذ بداية حياته، يخرج مع بداية كل يوم إلى عمله داخل القرية لتأمين احتياجات منزله وأبنائه ومتطلبات الحياة اليومية، إلى أن انقلبت حياته رأسا على عقب.

ويروي الشاب المشني قصته، لـ“المركز الفلسطيني للإعلام”، قائلا: “في أحد الأيام، وقبل ست سنوات خرجت إلى ورشة بناء داخل القرية، وأثناء العمل، ونتيجة خلل ما، سقطت من مكان مرتفع على الأرض، وأدركت في حينها أن الإصابة بليغة وأني أصبت بشيء من العجز، ونقلت إلى الجمعية العربية في بيت لحم، واستمررت لمدة ستة أشهر أتلقى جلسات العلاج الطبيعي وغيرها من الأمور المتعلقة بإصابتي، إلا أن القدر حال بيني وبين العودة إلى ما كنت عليه، لأعود إلى المنزل مصابا بشلل نصفي ولا أستطيع المشي على قدمي”.

ويكمل المشني قصته: “كانت الأمور في البداية صعبة جدا، بأن تتحول من شخص سليم يمشي ويذهب، إلى مقعد لا يستطيع الحراك، وبدأت الأفكار تجول بخاطري في البقاء بالبيت وعدم القدرة على الخروج إلى المجتمع والناس، والحاجة إلى المساعدة أثناء قضاء حوائجي المجتمعية والعائلية”.

ويتابع: “إلا أن بوادر التشجيع والتحفيز التي تلقيتها من أبنائي وزوجتي والعائلة المحيطية بي، كذلك الأخصائيين النفسيين في جمعية الشبان المسيحية، كان لها دور مهم في إخراجي من هذه الأزمة النفسية والدفع بي إلى تقبل الوضع والتعامل معه بشكل اعتيادي”.

العودة إلى العمل
بعد خروجه من أزمته، بدأ الشاب المشني في البحث عن عمل يتناسب مع إصابته الجديدة، فدفعته هوياته في تربية الطيور إلى التفكير بإنشاء مزرعة لتربية العصافير، وبعد دراسة جدوى للمشروع، “وجدت في تربية العصافير ضآلتي بتأمين الدخل المناسب لقوت يومي”، يقول المشني.

ولم يكتف “المشني” بهذا العمل بل اشترى سيارة خاصة لذوي الإعاقة، بمساعدة والده وبدأ العمل عليها داخل البلدة، بنقل المواطنين وتوصيل احتياجاتهم، ليصبح هذا المشروع كدخل ثان له ولأسرته. 
 
وبعد نجاحه في تخطي إعاقته والنجاح في العودة إلى الحياة، يسعى “المشني” إلى نقل هذه التجربة التي مر بها إلى زملائه من ذوي الإعاقة داخل بلدة الشيوخ، ومساعدتهم في البحث عن عمل يناسب وضعهم وطاقاتهم.