مكتبة بلدية نابلس.. واجهة حضارية وقبلة العاشقين للكتاب

أشجار تعانق السماء.. رائحة البرتقال والليمون والأزهار تنبعث من كل مكان.. صوت خرير الماء القادم من نافورة تتوسط الساحة .. كل هذا تجده في مكتبة نابلس التي يقصدها الباحثون عن الهدوء أثناء خلوتهم بصفحات كتبهم.
صرح حضاري
مكتبة بلدية نابلس معلم من المعالم الحضارية والتاريخية التي تحتضنها المدينة، ومكان لا يختلف اثنان على عراقته وأهميته ودوره في رفع مكانة المدينة، والمساهمة في تميزها ورقيها العلمي، فهي رافد مهم لكل المنكبين على العلم والتعليم والثقافة.
وتعود جذور هذا الصرح الثقافي وبداياته إلى نهايات عام 1869، حيث أسستها بلدية نابلس آنذاك بجهود فردية وبمبادرة من بعض أعضائها الذين زودوا تلك المكتبة بالعديد من الكتب على نفقتهم الخاصة، لتكن البداية بحوالي 1000 كتاب فقط.
وتعمد القائمون على تأسيس المكتبة اختيار مكان جميل وسهل الوصول، ليكون الخيار الأفضل أحد البنايات الواقعة على أطراف شارع الشويتره، حيث بناء قديم استخدم في البداية مبنى للبلدية قبل أن يتخذ القرار لتحويله إلى مكتبة، محاطاً بحديقة تحتوي بعض الأشجار التي يعود بعضها إلى أكثر من مائة عام.
بداية النهضة
وشهدت الفترة الممتدة من بدايات تأسيس المكتبة البسيطة إلى حين انطلاقها رسميا في عام 1960 محاولات عدة للنهوض بها، إلا أن كل تلك الجهود لم تفلح بالوصول بها إلى مرحلة الرضى والطموح؛ كون الأراضي الفلسطينية شهدت الكثير من التغيرات والتحولات على الصعيد السياسي والاجتماعي والثقافي.
وكان عام 1960 فارقاً في تاريخ مكتبة البلدية؛ حيث يعد هذا العام هو التاريخ الحقيقي للبدء بنهضة وانطلاقه مكتبة بلدية نابلس وبروزها وتطويرها، بل والإعلان عنها رسمياً لتشكل نقطة تحول في المنظومة الفكرية والثقافية والحضارية في مدينة نابلس، ولتبدأ تنازع وتنافس مثيلاتها من المكتبات العامة في باقي الأراضي الفلسطينية.
تبوأت المكتبة مكانة مهمة بين المكتبات الفلسطينية بل والعربية، حتى أصبحت القبلة الأولى لكل من يبحث عن أمهات الكتب وتاريخ الأقلام والأخبار، ومراجع الأبحاث لتصبح في مقدمة المكتبات فلسطينياً من حيث نوعية الكتب التي تحتويها، والكمية أيضا؛ حيث باتت اليوم تحوي في جنباتها أكثر من 94 ألف كتاب.
وما يميز مكتبة بلدية نابلس ويجعلها في الصدارة طريقة تناولها للكتب المعروضة وقدرتها على تصنيف المؤلفات وتنوعها، وغزارة المواد المؤرشفة لديها في كافة المجالات الثقافية والإعلامية.
فإلي جانب احتوائها الآلاف المؤلفة من الكتب، فإنها تحوي مراجع وصحف إعلامية تعود إلى خمسينيات القرن الماضي، وبإمكان أي زائر أن يسترجع العدد والنسخة التي يريد من بعض الصحف التي كانت تنشر آنذاك.
كما تحوي العديد من الكتب في اللغة الإنجليزية والألمانية والفرنسية والعبرية والروسية واليابانية والايطالية، وغيرها من اللغات الأخرى.
مكونات المكتبة
وتتكون المكتبة من ثلاثة أدوار؛ يحتوي الأول منها على جزء يتعلق بخدمات الإرشاد والإعارة، إلى جانب مكتبة متعلقة بالأطفال، وركن خاص للمطالعة ومتابعة الدوريات من الصحف والمجلات، وجزء خاص يتعلق بالسكرتارية والموظفين والوحدات الفنية.
وفي الدور الثاني من مكتبة البلدية، تتوزع الآلاف من الكتب والمراجع العلمية على رفوف المكتبة، بالإضافة إلى وحدة تشتمل على المراجع الخاصة بالرسائل العلمية باللغتين العربية والإنجليزية، ومختبر المسح الضوئي.
وتنبعث رائحة القدامة والتاريخ والحضارة من الدور الثالث؛ كونه يحتوي على مؤلفات ومجلات ومنشورات وأرشيف يعود إلى بدايات تأسيس المكتبة، مروراً بمفاصل تاريخ القضية الفلسطينية التي دونتها المجلات والصحف المنشورة منذ بداية المكتبة، وصولا إلى آخر يوم كتبت فيه هذه الكلمات.
وتتبع المكتبة في طريقة الإعارة والفهرسة والتصنيف نظم وبرامج عالمية، الأمر الذي يسهل معه الوصول إلى العنوان المطلوب من أي زائر أو باحث أو طالب للعلم يتوق للحصول على المعلومة.
ومن خمسة موظفين بدأت بهم، إلى عدد يفوق 30 موظفا تطورت المكتبة، وبدت ملامح نهضتها بارزة، حيث يعمل هؤلاء الموظفون على تسهيل الخدمات المقدمات للزوار وإرشاد كل باحث عن معلومة أو حقيقة في كافة الميادين واللغات.
وتمنح المكتبة لزوارها ومرتاديها وعشاق كتبها عضوية تسهل لهم من خلالها استعارة الكتب والمؤلفات عبر نظام إعارة متطور ومتقدم، جعل الآلاف من طلبة الجامعات والمدارس وحتى الموظفين وربات البيوت، ينكبون على استعارة الكتب واقتنائها ضمن قوانين ومعايير متعارف عليها، إلى أن وصل عدد الأعضاء المنتسبين لها أكثر من 25000 عضو.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

جرائم الإبادة تلاحق السياح الإسرائيليين في اليابان
المركز الفلسطيني للإعلام في خطوة احتجاجية غير مسبوقة، فرضت شركة تشغيل فنادق في مدينة كيوتو اليابانية على الزبائن الإسرائيليين توقيع تعهد بعدم التورط...

سلطة المياه: 85 % من منشآت المياه والصرف الصحي بغزة تعرضت لأضرار جسيمة
المركز الفلسطيني للإعلام حذرت سلطة المياه الفلسطينية من كارثة إنسانية وشيكة تهدد أكثر من 2.3 مليون مواطن في قطاع غزة، نتيجة انهيار شبه الكامل في...

تقرير: إسرائيل تقتل مرضى السرطان انتظارًا وتضعهم في أتون جريمة الإبادة الجماعية
المركز الفلسطيني للإعلام حذر المركز الفلسطيني لحقوق الانسان، من إصرار دولة الاحتلال الاسرائيلي على الاستمرار في حرمان مرضى الأورام السرطانية من...

مستشفى الكويت الميداني بمواصي خانيونس يقلص خدماته بسبب الحصار
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلن مستشفى الكويت التخصصي الميداني في مواصي خانيونس عن اضطراره لتقليص عدد من خدماته الطبية، وسط الأوضاع الصحية...

جيش الاحتلال يفرض إغلاقًا على قرية المغير في رام الله
رام الله - المركز الفلسطيني للإعلام فرضت قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي، اليوم السبت، إغلاقًا على قرية المُغَيِّر شمال شرق مدينة رام الله وسط الضفة...

بوريل: إسرائيل ترتكب إبادة جماعية بغزة بقنابل من أوروبا
المركز الفلسطيني للإعلام أكد المسؤول السابق للسياسة الخارجية والأمن للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل أن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في قطاع غزة، وأن نصف...

الاحتلال يواصل الإبادة بغزة موقعاً 147 شهيدًا وجريحًا خلال 24 ساعة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أفادت وزارة الصحة بغزة، اليوم السبت، بأن مستشفيات القطاع استقبلت 23 شهيدا، و124 جريحا وذلك خلال 24 الساعة الماضية...