الأربعاء 07/مايو/2025

بالستينو.. من رحلة الموت إلى نجومية الرياضة

بالستينو.. من رحلة الموت إلى نجومية الرياضة

مع أواخر القرن الثامن عشر الميلادي وبداية القرن التاسع عشر هاجر الكثير من الشبان المسيحيين الفلسطينيين من منطقة بيت ساحور وبيت جالا في مدينة بيت لحم إلى تشيلي بحثًا عن حياة جديدة.

 

المهاجرون عبروا البحر ووصلوا إلى الأرجنتين، ومنها مروا إلى تشيلي عبر جبال الأنديز الخطرة والوعرة في ظروف مناخية قاسية وثلوج متراكمة فيما أطلق عليه “رحلة الموت” في حينه.

ومع نكبة فلسطين عام 1948 و”النكسة” عام 1967 والحرب الأهلية في لبنان والتي بدأت عام 1975 واستمرت 15 عامًا، هاجرت أعداد كبيرة نحو تشيلي؛ ليزداد عدد المهاجرين الفلسطينيين في تشيلي.

في 20 آب/ أغسطس 1920 بدأت نواة تأسيس نادي بالستينو للهواة على يد مجموعة من المهاجرين الفلسطينيين بلغ عددهم في حينها 68 شابًّا، في  مدينة سانتياغو العاصمة التشيلية.

وكلمة “بالستينو” باللغة الإسبانية تعني فلسطين؛ ويرمز شعار النادي وزي الفريق إلى ألوان علم فلسطين “الأحمر والأخضر والأبيض والأسود”.

وبعد نكبة فلسطين عام 1948 قرر الشباب أن يحولوا النادي من ملتقى للهواة إلى نادي محترفين، وبعدها بأربعة أعوام، وبالتحديد في عام 1952، شارك بالستينو في دوري الدرجة الثانية التشيلي.

قاد المدرب الأرجنتيني “غييرمو كول” الفريق لإحراز لقب دوري الدرجة الثانية والصعود لدوري الدرجة الأولى، ولقب الفريق في حينها بلقب “المليونير” لقدرته الشرائية الكبيرة وجذبه النجوم.

وفي عام 1955 حقق بالستينو لقب الدوري للمرة الأولى في تاريخه، قبل أن يكرر الإنجاز في عامي 1978 و2014، وحل في المركز الثاني في الدوري في 4 مناسبات، كما حقق لقب كأس تشيلي في مناسبتين 1975 و1977.

ثلاثاء الفلسطينيين
وكان  الفريق يلعب كل ثلاثاء أي منتصف الأسبوع بينما تلعب بقية الفرق نهاية الأسبوع، الأمر الذي دفع الناس لوصف يوم الثلاثاء بـ”ثلاثاء الفلسطينيين في سانتا لاورا”.

وفي عام 1988 أسس بالستينو ملعبه الخاص في منطقة لاسيستيرنا في وسط العاصمة التشيلية سنتياغو، وحمل الملعب اسم “استاديو مونيسيبال دي لا سيستيرنا” ويتسع الملعب إلى اثني عشر ألف متفرج، وما يميز الملعب هو أن ألوان مقاعد مدرجاته تشكل العلم الفلسطيني.

وما يميز جماهير بالستينو في ملعبهم هو حمل الأعلام الفلسطينية والصراخ باسم فلسطين، والهتاف بالشعارات الفلسطينية التي تقول أبرزها “الحرية والنصر لفلسطين”.

ولبالستينو نشيد خاص مميز تقول بدايته “في بالستينو علينا المضي قدمًا لأن النور يأتي من الشرق، إنه الحياة والسعادة والسلام التي نزرعها في شبابنا”.

وفي موسم 2014 رسم النادي الرقم واحد على قمصان لاعبيه على شكل خارطة فلسطين، ما أثار ضجة إعلامية كبيرة في العالم، وثارت حفيظة الجالية اليهودية في تشيلي، وتدخلت حكومة الاحتلال الصهيوني، واستدعت السفير التشيلي لديها للضغط على بلاده من أجل عقاب النادي.

كما اتهمت حكومة الاحتلال النادي بالإرهاب الفكري، ليكون بذلك أول ناد رياضي في العالم يتهم بالإرهاب.

وبعد ذلك أصدرت محكمة التأديب التابعة للاتحاد التشيلي لكرة القدم قرارًا يحظر على بالستينو ارتداء هذا القميص مع غرامة مالية بمبلغ 1300 دولار أميركي.

وأتى هذا القرار بعد أن قدمت الجالية اليهودية شكوى رسمية إلى اتحاد كرة القدم عن طريق مالك نادي “نوبلينسي” باتريك كيبليسكي، ورد نادي بالستينو على صفحته في الـ”فيسبوك”: “بالنسبة إلينا، ستبقى فلسطين الحرة دائمًا فلسطين التاريخية، وليس هنالك أقل من ذلك”.

وبعد هذا القرار ارتدى لاعبو فريق بالستينو قميصًا جديدًا وضع على صدره خارطة فلسطين بدلًا من رسم الرقم واحد على شكل الخارطة.

ومن أبرز المدربين في تاريخ النادي المهندس التشيلي مانويل بلغريني الذي اكتسب شهرته من نادي بالستينو، لينتقل بعدها إلى تدريب فياريال وملقا وريال مدريد في إسبانيا، ومانشستر سيتي في إنجلترا.

والأرجنتيني بابلو أدريان غودي، أحد قادة تكتيك “الجيجن برسينج” أو فيما يعرف بالضغط المرتد في كرة القدم، وهو أحد  تلامذة المدرب مارسيلو بييلسا، وهو الذي قاد بالستينو  إلى المشاركة في بطولة كوبا ليبرتادوريس “أهم بطولات أميركا الجنوبية” للمرة الأولى منذ 35 عامًا.

ويدرب النادي حاليًّا التشيلي نيكولاس كوردوفا، ويرأسه فرناندو عواد، ويحدوهم الأمل لمواصلة كتابة التاريخ.

كما قدم بالستينو العديد من اللاعبين لمنتخبنا الوطني لكرة القدم ومنهم على سبيل المثال لا الحصر: ربيرتو بشارة، وربيرتو كاتلون، وباترسيو مهنا، وادغاردو عبد الله.

آلاف الأميال تفصل تشيلي عن فلسطين، وما يقرب المائة عام مرت على فوج المهاجرين الأول، وعشرات الأعوام على باقي أفواج الهجرة، وأجيال تبدلت وبقيت القضية الفلسطينية وأرض فلسطين حاضرة لا تغيب في قلوب وعقول كل الجالية الفلسطينية هناك.

ويحمل النادي ألوان علم فلسطين ويمثل قضيتها، أراد مؤسسوه أن يكون وسيلة لتعريف العالم بفلسطين وعدالة قضيتها وحكاية شعبها الثائر، وهذا ما نجحوا فيه خلال 96 عامًا من الوجود، وليس أدل على ذلك إلا الأعلام الفلسطينية التي يحملها عشاقه، ويجوبون بها كل ملاعب تشيلي والقارة اللاتينية، وهتافاتهم لفلسطين في كل مباراة.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

إصابة 4 مستوطنين بعملية إطلاق نار قرب جنين

إصابة 4 مستوطنين بعملية إطلاق نار قرب جنين

جنين – المركز الفلسطيني للإعلام أصيب 4 مستوطنين عصر اليوم الأربعاء، في عملية إطلاق نار استهدفت سيارة قرب مدينة جنين، قبل أن ينسحب منفذ العملية من...