الأحد 30/يونيو/2024

دم أبوعمار في المزاد السياسي!!

صابر كل عنبري*

في مهرجان إحياء الذكرى الـ 12 على استشهاد القائد ياسر عرفات، قال رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس إنه يعرف من يقف وراء قتل عرفات، وإن لجنة تحقيق ستكشف قريبا عن النتائج التي توصلت إليها، مؤكداً “في أقرب فرصة ستأتي النتيجة وستدهشون منها ومِن الفاعلين”. تفاءل كثيرون خيراً بهذا الإعلان، وأنه عسى أن يكون للخلاف العباسي الدحلاني نفع ينتفع به الشعب الفلسطيني، وهو الكشف عن من قتل الشهيد ياسر عرفات باعتباره رمزاً وطنياً فلسطينياً، وإن اختلفنا معه في برنامجه، لكنه في نهاية المطاف شهيد، استشهد بفعل إسرائيلي غادر، ومن خلال أيادٍ خبيثة قريبة منه، ولا نزكي عند الله أحداً.

الشعب الفلسطيني ومحبوه في أنحاء العالم، انتظروا بفارغ الصبر المؤتمر السابع، لكي يفي الرئيس عباس بوعده ويكشف عن هوية القاتل أو القاتلين، لكن ها هو المؤتمر انعقد، ولم نسمع، لا من الرئيس محمود عباس ولا من أحد في المؤتمر أن يشير أو يلمّح إلى هذه القضية الوطنية ولو إشارة بسيطة.

في البحث عن إجابة مقنعة للتساؤل بشأن عدول رئيس السلطة الفلسطينية عن قراره بالإعلان عن أسماء المتورطين في قتل الشهيد أبو عمار، لم أجد جواباً شافياً، رغم ما تقوله مصادر عليمة بأن أكثر من دولة عربية هدّدت محمود عباس بسحب ما تبقى له من دعم عربي، وربّما ينال هذا المصير إن تحدث عن القاتلين وسمح بنشر نتائج لجنة التحقيق بوفاة عرفات، إلا أن ذلك لا يشكّل مبرراً يرفع عنه المسؤولية، لذلك وصلت إلى قناعة بأن دماء الشهيد أبو عمار تحولت إلى ورقة سياسية رابحة في بازار السياسة، يهدّد بها رئيس السلطة الفلسطينية وقتما شاء في إطار مناوراته وألعابه السياسية التي على ما يبدو يتقنها كثيراً لصالح توجهاته السياسية وميوله الشخصية، وليس لصالح شعب يرضخ بكامله تحت الاحتلال.

وفي هذا السياق، ربما يقول البعض بأن عدم الإعلان عن أسماء قاتلي عرفات في المؤتمر السابع، لا يعني بالضرورة أن الرئيس لن يفي بوعده، وأنه لن يفعل ذلك مستقبلاً، إلا أن هذا التفاؤل لا يبدو في محله، والرئيس عباس على الأرجح لن يعلن عن أسماء القاتلين مستقبلاً، لكنه قد يكرر التلويح بالإعلان عنهم في المستقبل، لسبب بسيط وهو أنه لا يتعامل مع قضية وفاة ياسر عرفات من منطلق كشف الحقيقة، ولو كان هذا هو الدافع لكشف عنهم بعيد استلامه السلطة، وإنما لتحقيق مآرب سياسية على حساب خصومه، ومن يختلف معهم. على ما أظن أنه لن يكشف حقيقة أسماء هؤلاء، لاعتبارات عديدة، أولها أن هذا الكشف يستهدف شخصية يُرجح أن يكون بديلاً عنه، لذلك يُستبعد أن تسمح الأطراف الإقليمية والدولية المؤيدة لهذه الشخصية، بحرقه، ثم إن رئيس السلطة الفلسطينية يعلم قبل غيره المخاطر التي يترتب على قيامه بمثل هذه الخطوة، والتي قد تستهدفه وعائلته، لذلك على الأرجح يُستبعد أن تنتقل ورقة “دم الشهيد أبو عمار” من بازار السياسة العباسية إلى صعيد المكاشفة الحقيقية أمام الرأي العام الفلسطيني، وثم جلسات المحاكم لمحاكمة الفاعلين.

خلاصة القول، أنه بعد مضي أكثر من 12 عاما على استشهاد الرئيس ياسر عرفات، ولم تفعل السلطة الفلسطينية شيئاً يُذكر للكشف عن حقيقة وفاته، ربما يتوقف الشعب الفلسطيني عن المطالبة بالكشف عن هؤلاء الأشخاص، لأنه يعرف جيداً من هم هؤلاء، وإنما كان يريد أن تعلن السلطة الفلسطينية عن ذلك رسمياً فحسب، لكن على ما أظن أن هذا الشعب المقاوم البطل سيطالب بأن تتوقف المحاولات الرخيصة لتحويل دماء عرفات لورقة سياسية يلعب بها السياسيون متى شاءوا.

وفي الختام، أود أن أؤكد أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس قد يعرّض نفسه لمساءلة قانونية إن استمر في صمته وتستر على القاتلين، وخاصة أنه أكد معرفته بهويتهم، فإذا كان هنالك قضاء فلسطيني مستقل لا بد أن يستدعي محمود عباس للتحقيق معه بشأن هذه القضية، وصمته خلال السنوات الـ 12 الماضية التي مرت على وفاة عرفات. بالتالي، بعد أن أعلن الرئيس محمود عباس علمه ومعرفته بالقاتل أو القاتلين، سيكون شريكاً في الجريمة إن لم يكشف عن هوياتهم ولم يسلّم ملفهم للسلطة القضائية.

* كاتب إيراني

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

ارتفاع عدد معتقلي الضفة إلى 9450 منذ 7 أكتوبر

ارتفاع عدد معتقلي الضفة إلى 9450 منذ 7 أكتوبر

الضفة الغربية – المركز الفلسطيني للإعلام ارتفع عدد المعتقلين الفلسطينيين في الضفة الغربية، اليوم الأحد، إلى 9450 منذ 7 أكتوبر الماضي، بعد اعتقال جيش...